باحثون من جامعة خليفة يتمكنون من حل مشكلة عمى الألوان باستخدام مكونات نانوية من الذهب

طور فريق مكون من باحثين من جامعة خليفة وجامعة إمبريال كوليدج في لندن عدسات لاصقة جديدة قد تفيد الأشخاص الذين يعانون من مشكلة عمى الألوان. واستخدم الباحثون منهجية تختلف عن الأسلوب التقليدي الذي يعتمد استخدام الصبغات الملونة، حيث استعانوا بجسيمات نانوية ذهبية تساهم في تنقية الضوئين الأحمر والأخضر، ما يعتبر طريقة آمنة لرؤية الألوان بشكل واضح.

ويضم الفريق البحثي كل من الدكتور حيدر بات، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية والدكتور محمد الشريف، زميل في بحوث الدكتوراه والدكتور فهد علم، زميل في بحوث الدكتوراه وأحمد صالح، خريج برنامج ماجستير العلوم وجميعهم من جامعة خليفة، إضافة للدكتور أليل يتيسين، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في جامعة إمبريال كوليدج في لندن. وقام الباحثون بنشر نتائجهم البحثية الشهر الماضي في المجلة العلمية "إيه سي إس نانو".

يواجه الأشخاص الذين يجدون صعوبات في التمييز بين اللونين الأحمر والأخضر مشكلة تحول دون عملهم في المجالات التي تعتمد على تمييز الألوان بشكل رئيس، كما تترتب عليها العديد من الآثار التي تعرقل الحياة اليومية كتمييز الفاكهة الناضجة من غيرها أو تنسيق الملابس.

وتتكون شبكية العين من ثلاثة أشكال من الخلايا المخروطية، يقوم الشكل الأول بتمييز اللون الأزرق والثاني اللون الأخضر والثالث للون الأحمر، حيث تعمل الخلايا المخروطية مع بعضها لتتيح للأفراد رؤية جميع ألوان الطيف إلا إذا كانت إحداهما لا تقوم بوظيفتها بشكل سليم.

من جانبه، قال الدكتور حيدر: "يعتبر نقص رؤية الألوان، والمعروف أيضًا باسم عمى الألوان، خللًا وراثيًا يُصيب العين بطريقة تحد من قدرة الفرد المصاب به على تمييز الألوان، كما يعتبر نقص رؤية اللونين الأحمر  والأخضر أكثر أنواع عمى الألوان شيوعًا، الأمر الذي يجعل معظم الأفراد الذين يعانون من عمى الألوان يرتدون الأدوات التي تساهم في التغلب على مشاكلهم اليومية المتعلقة بتمييز الألوان، ومن أكثر تلك الأدوات استعمالًا النظارات الملونة".

تحدث حالة عمى الألوان، والتي تنتشر بشكل أكبر عند الذكور، عندما تقوم مستقبلات الصورة المسؤولة عن الكشف عن اللون الأخضر بإرسال معلومات عن اللون الأحمر. ويمكن تحسين ذلك من خلال استخدام نظارات حمراء قادرة على أن تجعل الألوان تبدو أكثر وضوحًا، إلا أن هذه النظارات كبيرة الحجم وقد تكون غير مريحة. وعلى صعيد آخر، يمكن الاستعانة بالعدسات اللاصقة إلا أن فعاليتها تتفاوت بين المرضى، إضافة لصبغات اللون التي قد تكون غير  كافية للاستخدام اليومي.

وأضاف الدكتور حيدر: "أظهرت البحوث المتمركزة حول تقنيات إدارة نقص رؤية الألوان بأن العدسات اللاصقة المصبوغة ذات تكلفة مرتفعة وسامة. لذلك، قمنا باستخدام جسيمات نانونية من الذهب تحظى بخصائص كهربائية وبصرية متميزة، ما يجعلها ملائمة للاستخدام في العديد من التطبيقات الطبية الحيوية، كما تتمتع بكفاءة عالية في مجال امتصاص الضوء وانتشاره".

وتتميز المكونات النانوية للذهب بأنها غير سامة وذات قدرة على نشر الضوء بطريقة فعالة، والذي عزز دور الباحثين في الاستفادة من هذه الخاصية ودمجها في مواد العدسات اللاصقة بهدف تحسين مستوى التناقض الحاصل بين اللونين الأحمر والأخضر بشكل فعال وآمن.

وفي السياق، قام الدكتور حيدر وزملاؤه الباحثون بوضع نظريتهم للاختبار  وتصميم عدسات لاصقة تحتوي على جسيمات نانونية من الذهب تمكنت من تنقية الموجات الضوئية بنجاح لدى مرضى عمى الألوان.

وتم دمج جسيمات الذهب النانوية في بوليمرات الهيدروجيل التي تشكلت من العدسات اللاصقة، مما ساهم في إنتاج مادة هلامية ذات لون وردي تمكنت من تنقية الضوء الناجم عن تداخل اللونين الأحمر والأخضر. إضافة لذلك، تم اختبار أثر جسيمات الذهب النانوية في الماء التي تحوي عليها المادة الهلامية لمعرفة أثرها في مجال رطوبة العين، حيث وجد الباحثون عدم وجود أية آثار سلبية لتلك الجسيمات على الماء، والذي يتيح استخدامها في جميع تطبيقات العدسات اللاصقة دون أية آثار جانبية.

وبذلك، أثبتت العدسات اللاصقة التي طورها الفريق البحثي فعالية كبيرة في محتوى الماء مقارنة بالنظارات التقليدية والعدسات الملونة الأخرى.

يذكر أن الفريق البحثي في الوقت الحالي يسعى لدراسة نفاذية الأكسجين في المادة الهلامية المستخدمة في تطوير عدساتهم، وذلك قبل البدء بتوسيع نطاق الاستفادة من هذا الابتكار  الرامي إلى تعديل مستوى الرؤية لدى الأشخاص المصابون بنقص رؤية الألوان.

يحصل هذا المشروع البحثي على دعم مشترك من كل من صندوق الوطن والدار العقارية وجامعة خليفة