الاستفادة من الطاقة الشمسية في تحلية المياه المالحة بشكل مستدام

ينتج عن العديد من العمليات الصناعية نوع من المياه ذات كثافة ملحية عالية يعتبر إرجاعها إلى مياه المحيطات من أسهل الطرق للتخلص منها، إلا أن زيادة تركيز تلك المياه في البحار يساهم في ارتفاع نسبة الملوحة والقلوية لدرجة قد تعرض البيئة للخطر.

توجد طريقة شائعة أخرى للتخلص من المياه الملحية تتمثل بالاستعانة ببرك التبخير والتي يتم فيها تبخير المياه وجمع الملح للاستخدام في عمليات أخرى. ولكن كلا الطريقتين تضر بالبيئة، وإذا لم يتم التخلص من المياه الملحية بالشكل المناسب فإنها قد تصبح مادة سامة وتسبب التآكل.

وفي هذا الصدد، قام فريق الباحثين الذي ضم كل من الدكتور تيجون زانغ والدكتور هونغزيا لي من قسم الهندسة الميكانيكية من جامعة خليفة بتصميم طريقة جديدة ومستدامة لمعالجة المياه الملحية دون الحاجة لفصل المياه باستخدام الطاقة المستمدة من أشعة الشمس.

ونشر كل من الدكتور تيجون والدكتور هونغزيا مشروعهم البحثي في المجلة العلمية المرموقة "نيتشر كوميونيكيشنز" بالتعاون مع الفريق البحثي الذي ضم شنلن زانغ والأستاذ بنغ وانغ من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية.

وصمم الفريق التعاوني البحثي الذي أشرف عليه الأستاذ بنغ "مبلورات شمسية" تعتمد على الطاقة الشمسية كمصدر رئيس للطاقة تعمل على رفع درجة حرارة المياه المالحة وتبخيرها.

من جانبه، قال الدكتور تيجون: "يعتبر  التخلص من المياه الملحية بالطريقة المناسبة تحديًا بيئيًا في غاية الأهمية، فهي تنتج عن العمليات الصناعية الحديثة بكميات كبيرة تتراوح بين مئات اللترات إلى عشرات الآلاف من اللترات، إضافة إلى أن الطرق التقليدية في التخلص من المياه الملحية غير آمنة على النظام البيئي المائي والغطاء النباتي. ويمكن من خلال عملية زيادة تركيز نسبة الملح في المياه الملحية إلى حالة قريبة من الإشباع ثم تبخير المياه في نظام حاو  أن يتم التخلص من جميع المياه وإنتاج الملح بواسطة عملية تصريف الملح الخالية من السوائل".

وتقوم عملية تصريف الملح الخالية من السوائل على زيادة تركيز المياه الملحية إلى حالة قريبة من الإشباع من خلال عملية "البلورة" بهدف إزالة جميع الأملاح من السائل، إلا أنها تحتاج لفصل الملح عن المياه إلى كهرباء لتتمكن من رفع درجة حرارة المياه الملحية التي يؤدي إلى تبخر المياه، وهو ما يتطلب استهلاك كميات كبيرة من الطاقة.

ومن جهة أخرى، تعتبر  عملية فصل الملح بخاصية التبخير القائمة على استخدام المواد الحرارية الضوئية المستمدة من الطاقة الشمسية غير فعالة نظرًا لكميات الملح الكبيرة في المياه والتي تؤثر على عمليات الامتصاص التي تتم في المواد الحرارية الضوئية وعلى انتقال جزيئات المياه والتبخر.

ولحل هذه المشكلة، صمم الفريق البحثي جهاز بلوري شمسي ثلاثي الأبعاد يحتوي على صفيحة مصنوعة من مادة الألومنيوم تتميز  بفعاليتها وقدرتها الكبيرة على التوصيل الحراري، كما تقوم بفصل عملية تبخير المياه عن عملية الامتصاص. وتكمن وظيفة فاصل الألومنيوم الحراري بإيصال الحرارة من قاعدة الجهاز إلى جدرانه لتتم عملية التبخير، وهو ما ينجم عنه أداء عالي الفعالية في تحويل الحرارة إلى بخار. وتهدف هذه الاستراتيجية المبشرة رغم بساطتها إلى توفير حلول مستدامة وذات تكلفة اقتصادية، لا سيما في المصانع الصغيرة والمتوسطة التي تركز على عمليات معالجة المياه الملحية.

يُذكر أن الدكتور تيجون والدكتور فيصل المرزوقي يتعاونان بهدف تطوير الحلول المتقدمة التي من شأنها أن تساهم في توفير عمليات المعالجة للمياه الملحية بشكل أكثر تطور في جامعة خليفة.