بعد الكشف عن فعاليتها في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى هيدروكربونات قيّمة وتوفير فرصة واعدة لإعادة تدوير الكربون بشكل مستدام 
تجمعات النحاس النانوية الدقيقة قد تساهم في تغيير طرق احتجاز الكربون بشكل جذري 

يكشف النحاس عن خصائص جديدة يمكن الاستفادة منها على المستوى الذري، وذلك وفقًا لمراجعة بحثية حديثة قام بها باحثون من جامعة خليفة، حيث قام الباحثان، الدكتور أحسن الحق القرشي وعبد المنان بات، بتسليط الضوء على دور التجمعات النحاسية النانوية، وهي تجمّعات صغيرة ومنظّمة بدقة من ذرات النحاس مثبتة بواسطة الروابط العضوية، كأحد أبرز المحفزات الكهربائية التي تقوم بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود ذي قيمة، وقد نشر الفريق النتائج التي توصّل إليها في المجلة العلمية "كو أوردينيشن كِمِستري ريفيوز"، التي تركز على أحدث التطورات في تفاعلات المعادن والروابط بينها والجزيئات الأخرى.

 

يُعتبر ثاني أكسيد الكربون عنصرًا مستقرًا، ما يجعل تحويله الكيميائي صعبًا ويستهلك كميةً كبيرةً من الطاقة. وفي حين توجد العديد من المحفزات، يمكن للقليل منها تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات مفيدة متعددة الكربون مثل الإيثيلين أو الإيثانول، بطريقةٍ انتقائية وفعّالة. ومع ذلك، تُظهر تجمعات النحاس النانوية التي تتسم بالدقة الذرية، قدرة فريدة على القيام بذلك.

 

توضح المراجعة كيف أن هذه التجمّعات النحاسية النانوية، والتي تكون في الغالب محمية بطبقات أحادية عضوية، تجمع بالعديد من الخصائص المتميزة مثل ارتفاع نسبة السطح إلى الحجم وآثار التقييد الكمومي وطبقات المركبات الترابطية القابلة للضبط، حيث يسمح هذا المزيج للباحثين بتعزيز الأداء التحفيزي بدقة تصل إلى الذرات والروابط الفردية.

 

ومن المثير للاهتمام أن النحاس يختلف عن المعادن مثل الفضة والذهب في قدرته على تكوين روابط بين ذرات الكربون، ما يتيح إنشاء مركبات متعددة الكربون من ثاني أكسيد الكربون، وترتبط هذه القدرة بالهيكل الإلكتروني للنحاس وامتصاصه الضعيف للهيدروجين (الذي يثبط التفاعلات الجانبية مثل تطور الهيدروجين)، وقدرته على تثبيت المواد الوسيطة التفاعلية أثناء عملية خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون من خلال تحويله إلى طاقة مفيدة أو مواد كيميائية.

 

تستكشف الورقة البحثية أيضًا كيف يمكن للاختلافات الدقيقة مثل شكل اللب المعدني أو نوع الترابط أو وجود الشوائب، أن تحول نتيجة المنتج من أول أكسيد الكربون إلى الميثان أو الإيثانول أو الإيثيلين.

 

لا تزال العديد من الأمثلة محصورة في نطاق الأنظمة داخل المختبرات، إلا أن المعلومات المكتسبة من هذه الدراسة على المستوى الذري تمهد الطريق لتصميم أنظمة أفضل لخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون. ويتمثّل الهدف الأوسع في تحويل الكربون المحتجز إلى وقود أو مواد كيميائية، ما قد يؤدي إلى إنهاء رحلة انبعاثات الكربون، من خلال استخدام الكهرباء النظيفة كمصدر للطاقة.

 

قد تساعد تجمّعات النحاس النانوية الدقيقة، بمواصلة التقدم في هذا المجال، في جعل عملية تحويل الكربون بالتحفيز الكهربائي عنصرًا عمليًا ضمن التكنولوجيات التي تُستخدم في الحد من آثار تغيّر المناخ.

 

ترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب