يُتوقع أن تزيد القدرة على تحلية المياه في الخليج العربي بأكثر من ستة أضعاف بحلول عام 2050، ما يعني تصريف كميات أكبر من المياه المالحة الناتجة عن هذه العملية، والتي تتّسم بكثافةٍ وملوحةٍ ودفءٍ أكبر من مياه البحر المحيطة به، في قاع البحر وانتشارها بعد العملية. وفي هذا الإطار، كشفت دراسة جديدة قام بها كلٌّ من الدكتورة مريم الشحي وفهيم عبد الغفور من جامعة خليفة، مع باحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة يونسي في كوريا الجنوبية، عن الآثار المحيطية لهذه المياه الملحية. وتضمنت نتائج هذه الدراسة، والتي نُشرت في المجلة العلمية الدولية "مارين بوليوشن بوليتِن"، المعنيّة بالتلوث البحري، أن تحلية المياه تُغيّر نسبة الملوحة المحلية وأنماط التدفق بشكلٍ كبير، لكن قد تسهم الديناميكا الطبيعية لمياه الخليج في التصدّي لأسوأ الآثار التي يتوقّع حدوثها، في الوقت الراهن على الأقل.
اعتمدت الدراسة على محاكاة مجموعة من سيناريوهات تحلية المياه ابتداءً من غياب التحلية ووصولًا إلى زيادة افتراضية بلغت 50 ضعفًا عن المستويات الحالية، باستخدام نموذج عالي الدقة للمحيط، فأظهرت النتائج زيادةً في ملوحة القاع بالقرب من الساحل الجنوبي بأكثر من 2 جم/كجم، في السيناريو الذي تضمّن أعلى زيادة، وارتفعت درجات الحرارة بمقدار 0.6 درجة مئوية، حيث أدّت هذه التغييرات إلى تحوّلاتٍ في التيارات المحلية، وانسحبت المياه السطحية العذبة نحو مواقع تحلية المياه، في حين غمرت المياه المالحة الكثيفة قاع البحر وتدفقت خارج الخليج عبر مضيق هرمز. ووجدت الدراسة كذلك زيادة بنسبة 20% في معدلات التدفق الداخلي والخارجي عبر المضيق، ما يعزز دوران المياه في الخليج العربي على المستويين العمودي والأفقي.
تحدث هذه التغييرات بشكل أساسي نتيجةً للاختلافات في الكثافة الناتجة عن تصريف المياه المالحة، حيث لا تغيّر هذه الآلية التدفق المحلي فحسب، وإنّما تعزّز أيضًا التبادل الطبيعي لمياه الخليج العربي مع مياه خليج عمان، إضافةً لذلك، وجد الباحثون أن درجة الحرارة والملوحة على مستوى حوض الخليج لا تزال مستقرة نسبيًا على الرغم من التأثيرات المحلية الكبيرة، وذلك بفضل هذا التبادل الفعال.
تسلط الدراسة الضوء أيضًا على دور تصريف المياه المالحة في تعزيز التغييرات التي تحدث لكتلة المياه داخل الخليج، ويمكن أن يكون لهذه التغييرات آثار طويلة الأمد على الأنظمة البيئية البحرية، خاصة إذا اقترنت بالارتفاع في درجات الحرارة، الناجم عن تغير المناخ أو التوسع الإضافي في البنية التحتية لعمليات تحلية المياه. من جهةٍ أخرى، يشير الباحثون إلى أن النتائج التي توصلوا إليها تمثل أقصى التأثيرات المحتملة من العملية، وفقًا لافتراضات بشأن استرجاع المياه المالحة بشكل موحد وتوزيع المحطات بشكل مثالي.
ترجمة: أماني القيسي
أخصائية ترجمة وتعريب