يُعد مرض السكري من النوع الثاني واحدًا من أسرع المشكلات الصحية تفاقمًا في جميع أنحاء العالم. وتعد المضاعفات التي تصيب الأطراف السفلية، بما فيها القدم السكرية، من المضاعفات الأشد خطورة، وهي حالة تؤدي غالبًا إلى التقرح والعدوى، وإلى البتر في الحالات المستعصية. وعلى الصعيد العالمي، تبلغ نسبة عمليات بتر القدم الناتجة عن التقرحات التي تصيب قدم مرضى السكري أكثر من 85%، حيث تصل معدلات تكرار الإصابة بهذه التقرحات إلى 65% خلال خمس سنوات.
قام فريق بحثي من مختبر إعادة التأهيل، التابع لمجموعة الابتكار في الهندسة الصحية في قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية (دعاء كوساجي والدكتور محمد عوض وراتب كتمة والدكتور هيربيرت جيلينك والدكتورة ماريا دي فاطمة فونسيكا دومينغيز والدكتورة كندة خلف)، مع الدكتور محمد باجونيد (رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية) والدكتورة عبير العنزي من مدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي، بنشر مراجعة منهجية في المجلة العلمية "نيورو إنيجينيرينغ آند ريهابيليتيشن" المعنية بالهندسة العصبية وإعادة التأهيل. وتركز المراجعة البحثية على الجمع بين أحدث أساليب الاستشعار الحديثة وتكنولوجيا التشغيل المستحدثة للوقاية من قدم السكري ومعالجته بشكل فوري، كما تستعرض بالتحديد آلية دمج المستشعرات المتقدمة والمواد الذكية والذكاء الاصطناعي في الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة عوامل الخطر باستمرار وتنفيذ الحلول الوقائية والعلاجية.
ركز الفريق على قياس كلٍّ من الضغوط الميكانيكية مثل ضغط باطن القدم وقوى الاحتكاك الطبقي، إضافة إلى مؤشرات فيزيولوجية لالتئام الجروح، بما في ذلك درجة الحرارة والرطوبة ودوران الأوعية الدقيقة ودرجة حموضة الجلد. يمكن أن تكشف هذه المؤشرات عن العلامات المبكرة لتطور التقرح، فقد يسبق تكون التقرح بعدة أيام ارتفاع درجة حرارة القدم بمقدار 1.2 درجة مئوية فقط، في حين قد تسبب قوى الاحتكاك الطبقي إصابات دقيقة في الأنسجة لا يلاحظها المريض بسبب تلف الأعصاب.
تشمل التطوّرات التكنولوجية الحديثة نعال الأحذية المزود بالمستشعرات التي تراقب توزيع الضغط والجوارب الذكية التي تقيس درجة الحرارة والرطوبة وأنظمة متكاملة قادرة على إرسال تنبيهات للمرضى والأطباء عبر تطبيقات الهاتف الذكي، كما تتضمن بعض الأجهزة مزايا علاجية مثل العلاج بالضوء الأحمر أو تنظيم درجة الحرارة لتعزيز عمليّة الشفاء.
يسلط الفريق الضوء أيضًا على دور الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات من هذه الأجهزة القابلة للارتداء لتحسين نماذج التنبؤ، وكيف تسمح الطباعة ثلاثية الأبعاد بتصميم نعال مخصصة لتوزيع الضغط على القدم عند كل مريض. وقد يساهم الجمع بين المراقبة الفورية والتدخل الخاص بكل مريض وإمكانيات الرعاية الطبية عن بعد، في إحداث تحول كبير في مجال رعاية القدم السكرية، من علاج الجروح بعد حدوثها إلى الوقاية الاستباقية منها.
ترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب