فريق بحثي من جامعة خليفة يدرس طرق لاستفادة المزارع في الدولة من الطاقة الكهربائية والمياه بشكل أكثر استدامة

تعتبر منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من شح المياه، حيث تمثل نسبة عدد السكان هناك %6.3 من سكان العالم والذين يحصلون على ما نسبته %1.4 من مجموع المياه النظيفة عالمياً.

وأدى التطور الاقتصادي في المناطق الجافة في منطقة الشرق الأوسط، كدولة الإمارات، إلى الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة الكهربائية والمياه، لا سيما في سياق تغير المناخ. فعلى سبيل المثال، يعد النشاط الزراعي في دولة الإمارات أحد أبرز الأنشطة التي تتطلب كميات كبيرة من المياه والكهرباء، ويُقاس مدى ملائمة الأرض للزراعة فيها بوفرة المياه وخصوبة التربة، إضافة لوفرة المياه الجوفية كمصدر طبيعي رئيس للمياه. ولتحقيق مفهوم الأمن الغذائي، تسعى دولة الإمارات إلى الاستثمار في القطاع الزراعي نتيجة لزيادة الطلب على الغذاء الناجم عن الزيادة السريعة في النمو السكاني، والذي يشكل ضغطاً كبيراً على مصادر المياه والطاقة الكهربائية.

وفي هذا الصدد، قام فريق بحثي من جامعة خليفة وبالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ببحث العلاقة التي تربط بين استهلاك الكهرباء والمياه في مزارع الدولة بهدف اقتراح بعض الحلول التي تضمن الحفاظ على فعالية كل منهما داخل الدولة. وقام فريق الباحثين الذي ضم كلاً من عبدالله خميس، خريج جامعة خليفة والدكتورة أمينة السميطي، أستاذة مساعدة في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر والدكتور جيمس ويسكوت، أستاذ الهندسة المعمارية الطبيعية والجغرافيا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وباحث الدكتوراه الدكتور هوتش ذا نغوين، بنشر جميع الاستنتاجات التي خلصوا إليها في المجلة العلمية المرموقة "إنيرجي بوليسي".

وأظهرت تحليلات الباحثين أن استخدام المياه في المناطق الريفية أكثر أهمية من استخدام الكهرباء، وبالتالي فإن التكلفة الاقتصادية للمياه ووفرتها هما أبرز القضايا المعنية في تلك المناطق.

من جانبها، قالت الدكتورة أمينة: "تركز الدول الآخذة بالتوسع الحضري بشكل كبير، كدولة الإمارات، على طريقة الاستفادة من الموارد التي يوفرها القطاع الصناعي والبلديات والتكنولوجيات الحديثة. وخلال دراستنا، قمنا بتسليط الضوء على أهمية الاستفادة من المياه الزراعية والكهرباء في دولة الإمارات وبحث طبيعة كل منهما، حيث تقدر كمية المياه المستخدمة في القطاع الزراعي والمياه المحفوظة لأغراض زراعية بنسبة ثلثي المياه المستهلكة في جميع إمارات الدولة، ما يشكل أولوية قصوى في عملية التنمية المستدامة في الدولة. ويساهم الفهم الشامل لاستخدام المياه والكهرباء في المجال الزراعي في تعزيز فعالية كل منهما وفي وضع السياسات المناسبة للاستخدام الأمثل للطاقة والمياه".

وفي هذا السياق، قام الفريق البحثي بدراسة مسحية للمزارع التي توزعت على خمس مناطق مختلفة من الدولة، وركز الباحثون على المتغيرات التي تفسر نسب استهلاك المياه والكهرباء وتوصلوا إلى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين تلك المتغيرات التي تتمثل في خصائص مالك المزرعة وأجور العاملين فيها من جهة، ونسب الاستهلاك من جهة أخرى. وتشمل المتغيرات الأخرى التي تؤثر في نسب استهلاك الكهرباء الجنس ومستوى التعليم وعدد زيارة العائلات إلى المزارع في فصل الشتاء، في حين تعتبر أجور العاملين في المزارع ومجموع عدد أشجار النخيل وعدد الحيوانات في المزرعة من أهم المتغيرات التي تؤثر في استهلاك المياه.

وأضافت الدكتورة أمينة: "لم يذكر أي من مالكي المزارع استخدام أي نوع من مصادر الطاقة النظيفة أو تكنولوجيات توليد الطاقة، وأكدوا على استخدامهم لشبكات المياه والكهرباء التقليدية. ولقد توصلنا كذلك إلى الدور الأساسي الذي يلعبه أجر العامل في نسب استهلاك المياه والكهرباء، الأمر الذي يستدعي الوقوف عنده لوضع السياسات المتعلقة بفعالية المياه والكهرباء".

شهد القطاع الزراعي في دولة الإمارات العديد من التغيرات خلال العقود القليلة الماضية أثناء مراحل تطوره والتي اشتملت على تطوير أنظمة الري والزراعة العضوية والزراعة المائية باستخدام أقل كمية ممكنة من المياه، كما تم بذل العديد من الجهود في القطاع للمحافظة على موارد المياه وإنتاج المحاصيل بالطاقة المتجددة، إضافة لجهود القطاع الحكومي في التركيز على الاستخدام المستدام للمياه وإدارة مصادر الطاقة خاصة في ظل تزايد عدد المزارع في الدولة.

وفي إطار دراسة الأراضي الزراعية التي شملها البحث، تبين اعتماد مجموعة كبيرة من المزارعين على شبكات توزيع الكهرباء كمصدر للكهرباء وعلى مصدرين للمياه هما، شبكات توزيع المياه وخزانات المياه خاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها شبكات التوزيع.

وقالت الدكتورة أمينة: "توصلنا، ومن خلال الدراسة المسحية التي أجريناها، إلى أن مالكي المزارع يولون تكلفة المياه ووفرتها أهمية كبيرة، وهو ما يشير إلى المصادر ذات الأفضلية في تلك المناطق كمصدر المياه الذي يعتبر أحد أهم الموارد المساهمة في تحقيق الاستدامة في القطاع الزراعي".

وتوصل الباحثون أيضاً إلى خمسة عوامل تؤثر في استهلاك كل من المياه والكهرباء وهي، عمر مالك المزرعة وأجور العمال وعدد زيارات المالك للمزرعة في فصل الصيف وعدد الأبنية فيها وعدد الغرف. ويقترح الفريق البحثي مجموعة من السياسات التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتحقيق الأثر الفعال في عملية استهلاك المياه والكهرباء.

وقد قامت حكومة أبوظبي بتطبيق واحدة من تلك السياسات والتي تهدف إلى مراجعة أسعار المياه والكهرباء كطريقة للحد من الاستهلاك، الأمر الذي يقتضي إعادة النظر به نتيجة مخاوف بعض المزارعين من تكاليف الإنتاج، وذلك وفقاً لما يراه الباحثون.

يذكر أن السياسات الأخرى تهدف إلى زيادة فعالية استهلاك المياه والكهرباء وتطوير شبكاتها في المناطق البعيدة وربط المزارع ببعضها للاستفادة من تكنولوجيات الطاقة الموزعة.