يتميز الجهاز بخاصية التكيّف الفوري ويساهم في تعزيز التعلم والتفاعل السريع
باحثون من جامعة خليفة يطورون جهاز ذاكرة يُحاكي وظائف الدماغ لتطوير الإلكترونيات الذكية

طوّر باحثون من جامعة خليفة، اعتمادًا على خصائص العقل البشري، جهازًا يعمل بالطاقة التي ينتجها بشكل ذاتي ويحاكي وظائف الدماغ المهمة مثل مرونة التعلم بناء على التجارب السابقة، حيث حقّق الجهاز دقة كبيرة بلغت نسبتها 93%.  

يساهم هذا الابتكار في تطوير أنظمة عصبية مثل التعلم ومعالجة الذاكرة دون الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية، حيث تعالج هذه الأنظمة المعلومات وتخزّنها بكفاءة باستخدام أقل كمية من الطاقة من خلال الاستفادة من التكنولوجيا التي تعمل بالطاقة المولدّة ذاتيًّا، ما يجعلها مثالية للاستخدام في البيئات التي تعاني من شحٍّ في الطاقة مثل الأجهزة الطبية الحيوية والإلكترونيات المحمولة.  

نُشِرت الورقة البحثية تحت عنوان "ذاكرة مقاوِمة عصبية أحادية الاتجاه مدمجة مع مولد نانوي كهروضغطية للإلكترونيات التي تعمل بالطاقة التي تولّدها بصورة ذاتية"، في المجلة العلمية "أدفانسد فانكشنال ماتيريالز"، المصنّفة ضمن أفضل 2% في مجال علوم المواد. ويضم فريق العمل في جامعة خليفة البروفيسور بكر محمد والدكتور محمد رزق، أستاذ مشارك، والدكتور أنس العزام، أستاذ مشارك، والدكتور ياور عباس، باحث في العلوم، والدكتور محمد عمير خان، باحث دكتوراه. 

يعمل الجهاز بتيار منخفض الجهد ويجمع بين نظام توليد الطاقة وهيكل جديد للذاكرة يمكّنها من الاحتفاظ بالمعلومات ونسيانها، على غرار عملية معالجة الدماغ للمعلومات، ويعمل جزءٌ خاص من الذاكرة في الجهاز تمامًا مثل خلية الدماغ، ويُبنى باستخدام طبقات من المواد تشمل أكسيد القصدير الإنديوم وأكسيد الزنك والذهب، كما أنه يتميز بمولد طاقة كهروضغطية حساس يحول حركة الضغط إلى إشارات كهربائية، مثل الخلايا العصبية.  

 يمكن أن تزيد قوة نقاط الاشتباك العصبي أو الروابط بين الخلايا العصبية التي تنقل الإشارات في الدماغ، ما يعزز القدرة على التعلم وقوة الذاكرة، وهي عمليّة تُعرف باسم اللدونة التشابكية، وتُعتبر عملية حاسمة لتطوير الشبكات العصبية الاصطناعية، وقد وجد الباحثون في جهازهم، أن تطبيق النبضات الكهربائية يمكن أن يؤثر على قدرة الجهاز على التكيّف مع المعلومات الجديدة، وهو ما يسمح له بتعزيز الاتصالات أو إضعافها استجابةً لمحفزات مختلفة، مثل آلية تعلّم الدماغ وتكيّفه. 

تحدث مثل هذه الوظائف الرئيسة مثل تعزيز الاتصالات وإضعافها والتكيّف مع مرور الوقت، دون الحاجة إلى مكونات إضافية، وهو ما يستعرض الإمكانات التي يقدّمها الجهاز لأنظمة الاستشعار التي تعمل بالطاقة المولّدة ذاتيًّا، كما يوفر الجهاز تكنولوجيا فعالة ومتقدمة وموفرة للطاقة، نتيجة لقدرته على محاكاة وظائف الدماغ بشكل مستقل. إضافة لذلك، ينسى الجهاز المعلومات بسرعة أكبر عندما تكون إشارات الإدخال أضعف، ما يشير إلى إمكانية تكيّفه بسرعة مع المدخلات الجديدة، وتسمح له هذه القدرة على النسيان بصورة أسرع كاستجابة سريعة أكثر في البيئات المتغيرة التي تتطلب تحديثات سريعة. 

قال الدكتور محمد عمير خان: "سلّطت الدراسة الضوء على الدور الفعال الذي يقوم به مختبر الأنظمة الدقيقة في جامعة خليفة في النهوض بمجال الحوسبة العصبية، حيث طوّر فريقنا البحثي جهازًا يعمل بالطاقة التي يولّدها بنفسه مع إمكانات كبيرة لاستخدامه في الإلكترونيات التي تعمل بالطاقة المولّدة ذاتيًّا، كما تجعله قدرته على اكتشاف المحفزات الميكانيكية وتخزين البيانات قيّمًا للإلكترونيات التي تعمل بالطاقة التي تولّدها، ولا يمثل هذا الجهاز نقلة نوعية في مجال الحوسبة العصبية فحسب، وإنما يمتلك القدرة على إحداث ثورة في كيفية تفاعل التكنولوجيات المستقبلية مع العالم، ما يوفر حلولًا أذكى وأكثر توفيرًا للطاقة في مجموعة مختلفة من التطبيقات".