باحثون من جامعة خليفة يكشفون عن أسباب حدوث أكبر انهيار جليدي في القارة القطبية الجنوبية

يعتبر الانهيار الجليدي الذي وقع في منطقة "أميري آيس شلف" في قارة أنتاركتيكا، أكبر انهيار جليدي منذ عام 1963، حيث أدى إلى انفصال جبل جليدي بحجم 1,636 كيلومتر مربع ووزن يقدر بـ 315 مليار طن عن النهر الجليدي في سبتمبر 2019.

وتتوالى عمليات رصد تلك الكتلة الجليدية لما تشكله من خطر على خطوط الملاحة البحرية، حيث يرى العلماء أن ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية من أهم الأسباب التي أدت للانهيار الجليدي والتي قد تسبب حدوث المزيد منها مستقبلاً.

وفي دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة "ذا كريوسفير"، يوضح مجموعة من الباحثين وهم، الدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة أولى في البحوث ورئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة والدكتور كايلي ماتنغلي، باحث دكتوراه مشارك من جامعة روتجرز والدكتور ستف ليرميت، أستاذ مساعد في جامعة دلفت للتكنولوجيا والدكتور مروان تميمي، الأستاذ المشارك في معهد ستيفنز والدكتورة بترا هيل، عالمة بحثية أولى من قسم البحوث المتخصصة بقارة أنتاركتيكا في أستراليا، أسباب الانهيار الجليدي، حيث توصل الباحثون في دراسة تعتبر الأولى من نوعها إلى أسباب تشكل إعصارين قطبيين بالقرب من قارة أنتاركتيكا قبيل حدوث الانهيار.

وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة ديانا: "يشكل عدم الاستقرار في الكتل الجليدية للقارة القطبية الجنوبية أحد أهم العوامل الرئيسة المسببة لارتفاع مستويات البحر في المستقبل".

ويُعتبر حوض أميري آيس شلف واحداً من أكبر أحواض تصريف الأنهار الجليدية في العالم ويقع في المحيط الشرقي لقارة أنتاركتيكا.

وقد اكتشف مجموعة من العلماء الأستراليين في ديسمبر  2006 وجود تصدعات كبيرة في حوض أميري آيس شلف تم تشكلها على مدار عشرة أعوام بمعدل 5 أمتار في اليوم الواحد، وتوقع العلماء أن تكون تلك الكسور والتشققات سبباً في تكون صفائح جليدية يصل حجم كل منها إلى 900 كيلو متر مربع. وبقيت تلك التصدعات محط اهتمام العلماء والباحثين لاسيما بعد تسجيل آخر انهار جليدي منذ 50 عاماً في الجزء الشمالي من القارة.

وأضافت الدكتورة ديانا: "شهد الانهيار الكبير للعديد من الكتل الجليدية في القارة القطبية الجنوبية تسارعاً في عملية تصريف الجليد في المحيط والذي أثبت كيفية تأثر الغلاف الجليدي في ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تتمثل بارتفاع درجات الحرارة عالمياً ونتائج أخرى تؤثر في دورة الغلاف الجوي بشكل عام".

ويشكل ارتفاع مستويات البحر خطراً يهدد المدن والبنية التحتية المرتبطة بالسواحل في جميع أنحاء العالم من خلال العواصف الشديدة التي قد تؤدي إلى حدوث فياضانات. وفي هذا الإطار، ركز فريق جامعة خليفة البحثي على دور العواصف أثناء حدوث الانهيار الجليدي الأكبر من نوعه منذ عام 1963 من خلال البحث في كيفية تطور تلك العواصف ومدى تأثيرها على الغطاء الجليدي في كل من اليابسة والبحر.

وقالت الدكتورة ديانا: "يمكن للعواصف والظروف الجوية المرافقة لها أن تؤدي إلى ذوبان جميع الكتل والصفائح الجليدية في البحر، كما ينتج عن العواصف أمواج شديدة في المحيط الجنوبي قادرة على قطع مسافة تقدر بمئات الكيلومترات وصولاً إلى محيط بحري مغطى بالجليد والذي يخفف بدوره من حدة العواصف كونه يمثل منطقة حيادية".

وأكد الباحثون في جامعة خليفة على أن العواصف الثنائية تحظى بتأثير مضاعف مقارنة بالعواصف المنفردة، كما توصل الباحثون إلى أن استمرار النشاط العاصفي لمدة زمنية طويلة في سبتمبر 2019 أدى إلى تشكل رياح شديدة منقطعة النظير في الجانب الغربي من منطقة أميري آيس شلف والتي أسفرت عن تكوين أمواج قوية في المنطقة ساهمت، وبما تحويه من حرارة وهواء رطب، في الحد من تركيز الجليد في البحر، كما أكد الباحثون كذلك على ضرورة إجراء المزيد من البحوث التي تركز على التغيرات الهامة التي تطرأ على دورة الغلاف الجوي في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، إضافة لضرورة تقييم أثر العواصف على المنطقة.

وأضافت الدكتورة ديانا: "في حال تم تَشكل عواصف قطبية شديدة تصل إلى المسطحات الجليدية بشكل متكرر نتيجة للتغير المناخي، سينجم عن ذلك عواقب وخيمة، الأمر الذي يستدعي استخدام نماذج للتنبؤ بارتفاع مستويات البحر".