البحث في الجينوم لدى الإماراتيين لتحديد الجينات المرتبطة بمتلازمة الأيض

 

وركز الفريق البحثي بشكل كبير على  عوامل الخطر الجينية المرتبطة بالمتلازمة الأيضية كمرض السكري من النوع الثاني، وساهم اكتشاف الجينوم البشري الكامل عام 2003 ورسم خريطة جينية له في إتاحة الفرصة في صنع الأدوية المتخصصة للشخص المريض وفقاً لتكوينه الجسدي والجيني، وبالتالي إمكانية وضع المزيد من الخطط المتعلقة بالتحاليل الجينية الخاصة بالسكان والتي تساهم بدورها في تحقيق الفهم الشامل في هذا السياق. وتشير الدلائل في الوقت الحالي إلى إمكانية استخدام الملف الجيني الخاص بالمريض للكشف عن بداية إصابته بالمرض والوقاية منه.

وفي هذا الصدد، قامت الدكتورة حبيبة الصفار، مديرة مركز التكنولوجيا الحيوية في جامعة خليفة وأستاذة مشاركة في علم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية، بدراسة الصفات الجينية لسكان دولة الإمارات والمرتبطة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وزيادة مستويات الكوليسترول والسمنة، وتعد المتلازمة الأيضية مجموعة من الحالات المرضية التي تحدث مع بعضها وتزيد من خطر إصابة الشخص بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني.

وتشهد دولة الإمارات ارتفاعاً بنسبة الأشخاص الذين يعانون من المتلازمة الأيضية، والتي قد تكون مرتبطة بمجموعة من عوامل الخطر الوراثية، ولكن حتى الآن لم تتم دراستها بشكل متعمق كظاهرة تتعلق بالمتغيرات الجينية الرئيسة في الدولة.

وتوصلت الدكتورة حبيبة وفريقها البحثي إلى روابط واضحة تربط بين المتلازمة الأيضية وعوامل الخطر الوراثية الأيضية، مما يوفر نظرة شاملة للأسباب المحتملة والمسؤولة عن تطور المرض، كما توصلوا إلى العديد من  المتغيرات الجينية المرتبطة بالاستعداد الوراثي للإصابة بالمتلازمة من خلال ظهور علامات توضح آليات تطور المرض.

وقالت الدكتورة حبيبة: "توصلنا، في إحدى الدراسات، إلى أن المرضى الذين يعانون من المتلازمة الأيضية كانوا مصابين بمعدلات أعلى من مرض السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون في الدم، وهي حالة مرضية تشير إلى مستويات غير طبيعية من الدهون في الدم. وخلصنا أيضاً إلى حقيقة أن حجم محيط الخصر ومرض السكري من النوع الثاني يشكلان عوامل خطر رئيسة للإصابة بالمتلازمة الأيضية وأن الأشخاص الذين أصيبوا بالمتلازمة الأيضية يعانون من مضاعفات سريرية بمعدلات مرتفعة".

ويعد مرض السكري مجموعة من الأمراض الأيضية التي تتميز جميعها بارتفاع مستويات سكر الجلوكوز في الدم، كما يعتبر مشكلة صحية عامة، خاصة النوع الثاني من مرض السكري والذي عادةً ما يرتبط بالسمنة. والجدير بالذكر أن معدلات الإصابة بهذا المرض ترتفع عند الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي، والذي يعزز تطوره.

وتشهد دولة الإمارات كذلك ارتفاعاً كبيراً بنسبة المصابين بمرض السكري، حيث تصنف ضمن قائمة أعلى خمس دول في معدلات الإصابة بمرض السكري عالمياً. وفي هذا الإطار، أكدت الدراسات التي قامت بها المراكز العلمية المتخصصة بالجينوم مؤخراً حقيقة ارتباط الكروموسومات في ما يزيد على 400 مكان بقابليتها للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. لذلك، قد تساهم دراسة الجينوم الإماراتي بشكل معمق في تحديد الجينات الخاصة والمسؤولة عن انتشار هذا المرض.

وفي دراسة أخرى، توصل الفريق إلى ارتباط المتغيرات الجينية لجين معين واحد، والذي يعرف باسم (تي سي إف 7 إل 2)،  7L2، بزيادة مستوى قابلية الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، خاصة لدى فئة الذكور من السكان الإماراتيين.

وأضافت الدكتورة حبيبة: "يساهم التعرف على العلامات التي تشكل خطراً لدى السكان، والتي تشمل الأنماط الجينية، في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الأيض، وبالتالي إمكانية الكشف المبكر عن المرض قبل تطور الأعراض والذي يساهم في تأخيره أو وقف ظهوره".

وتوصلت الدراسات أيضاً إلى أن سكان دولة الإمارات معرضون للإصابة بمرض الشريان التاجي وأن هناك ارتباطات جينية قوية لأمراض القلب والسكري من النوع الثاني. ومن جانبه، قام الفريق البحثي بإجراء المزيد من الدراسات على الجينوم لمجموعة من الأفراد العرب المقيمين في الدولة للتأكد من الارتباطات الجينية التي تم التوصل إليها في الدراسة السابقة. وتهدف الدراسة إلى الكشف عن كيفية ارتباط هذه الجينات بـ 12 صفة أيضية قلبية تساهم في تطور المرضين، حيث قام الباحثون بالتأكد من النتائج التي خلصت إلى ارتباط بعض الجينات بهذه الأمراض بصرف النظر عن الخلفية العرقية، كما قاموا بالكشف عن روابط جديدة تربط بين الأمراض من جهة، وطول القامة وفصيلة الدم من جهة أخرى.

وتعتبر القدرة على معرفة إمكانية تعرض الأشخاص للإصابة بالأمراض أمراً في غاية الأهمية، لما لها من دور في تحسين عمليات التشخيص واتخاذ القرارات العلاجية المناسبة، وبالتالي الحيلولة دون الإصابة بمتلازمة الأيض.

يذكر أن الدكتورة حبيبة وفريقها البحثي، ومن خلال هذه المشاريع، يساهمون بشكل كبير في دعم الجهود البحثية العالمية التي تركز على الاستفادة الفعالة من العلوم الجينية في مجال تعزيز فهم الحالات الطبية وتطوير العلاجات اللازمة وتحفيز الأفراد على اتباع أنماط الحياة الصحية.