فازت بجائزة أفضل ورقة بحثية من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات
ورقة بحثية تضم باحثين من جامعة خليفة تكشف عن دور الميتافيرس في إحداث تغيير في الرعاية الصحية

شهدت فترة ما بعد الجائحة زيادة كبيرة في الاعتماد على خدمات الرعاية الصحية الافتراضية والاستفادة من التكنولوجيات الناشئة في تحسين مستويات الرعاية الصحية المُقدَّمَة للمرضى. ووفقًا لفريق بحثي من جامعة خليفة، يأتي الميتافيرس في صدارة التحول الرقمي بقطاع الرعاية الصحية لأنه  يتيح منصة كبيرة تساهم في تعزيز أداء خدمات الرعاية الصحية الافتراضية من خلال تزويد المرضى بتجارب رعاية أكثر تفاعلية وخصوصية.

 

وركز الفريق البحثي، الذي ضم كلًا من الدكتور أحمد مسامح وإبرار يعقوب والأستاذ الدكتور خالد صلاح والدكتور راجا جايارامان والدكتور يوسف الحمادي والأستاذ الدكتور محمد عمر، بالتعاون مع سامر اللحام من مستشفى كليفلاند كلينك في أبوظبي، على دراسة التطبيقات والتحديات والتوجهات المستقبلية المتعلقة بالميتافيرس في قطاع الرعاية الصحية. 

 

وطور الفريق البحثي إطارًا جديدًا للاستفادة من الميتافيرس في التصدي للتحديات الراهنة في مجال الرعاية الصحية. وقدم الفريق ورقة بحثية عن التطبيقات المحتملة للميتافيرس في قطاع الرعاية الصحية كما ناقش أعضاء الفريق من خلالها كيفية تحقيق التكامل والاندماج بين التكنولوجيات المختلفة التي من شأنها تمكين الميتافيرس وطرحوا منظومة معمارية لهيكلة هذه التطبيقات وتنظيمها. 

 

الجدير بالذكر أن الورقة البحثية التي قدمها الفريق قد نُشِرَت في مجلة "كونسيومر إلكترونيكس" التي تصدُر عن معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات، كما منحتها المجلة جائزة أفضل ورقة بحثية لعام 2023. 

 

وقال الأستاذ الدكتور محمد عمر: "تشهد صناعة الرعاية الصحية ثورة رقمية مدعومة بالثورة الصناعية الرابعة التي يتم فيها الاعتماد على الابتكار التكنولوجي الذي يحل محل الخدمات الصحية التقليدية". وأضاف: "بات التعامل مع خدمات الرعاية الصحية الافتراضية، كالطب عن بُعد والصحة عن بعد، سائدًا بعد تفشي جائحة "كوفيد-19" التي عجَّلت أيضًا استخدام التكنولوجيات المُبتَكَرَة كالميتافيرس".

 

وعلى الرغم من أن الطب عن بُعد والصحة عن بعد أصبحا مكونين رئيسين رئيسين في منظومة الرعاية الصحية، إلا أنهما يفتقدان الفحوص الجسدية، كما تعتمد فعاليتهما على قدرة المرضى على وصف الأعراض التي يشعرون بها. إضافة لذلك، لا تزال  هناك بعض المخاوف بشأن خصوصية البيانات والأمن، ما يجعل المرضى مترددين في التعامل مع حلول الرعاية الصحية الرقمية".

 

ويرى أعضاء الفريق البحثي أن الميتافيرس يُعَد فرصة فريدة للتصدي لهذه التحديات، لإنه يمكن من خلال الدمج بين إمكانيات الأنظمة الذكية والبلوك تشين والحوسبة الموزعة أن يحسن مستويات الدقة في التشخيص وحماية خصوصية البيانات وأن يتيح تجربة رعاية صحية أكثر تميزًا.

 

وقال الأستاذ الدكتور خالد صلاح: "يُعَد الميتافيرس مفهومًا حديثًا يتطور على نحو ثابت ويمكن أن يتباين تعريفه وفقًا للمشاركين في تطبيقه ونوعية التطبيق نفسه. ولكن بشكل عام، يمكن تعريف الميتافيرس أنه أسلوب محاكاة باستخدام الكومبيوتر تتيح لنماذج المشاركين الرقمية أن تتفاعل مع بعضها البعض في بيئة واقعية مشتركة وتفاعلية شبيهة بالحياة".

 

ويمكن للمرضى، من خلال خدمات الرعاية الصحية المنزلية في نطاق الميتافيرس، أن يتصلوا بـأجهزة إنترنت الأشياء الطبية للحصول على مراقبة طبية في الوقت الفعلي. ويمكن أيضًا تسهيل الاستشارات الطبية عن بُعد من خلال بيئات افتراضية، لكن لا تقتصر تطبيقات الميتافيرس على التجربة المحدودة المتعلقة بالمرضى.

 

وركز الباحثون على التغيير الكبير الذي يمكن للميتافيرس أن يُحدثه في مجال التعليم الطبي الافتراضي من خلال وضع الطلبة والمدربين في بيئات المحاكاة، تقوم من خلالها أقسام الطوارئ في منشآت الرعاية الصحية قادرة على تقييم المرضى افتراضيًا وتقليل الزيارات غير الضرورية وتحسين مستويات توزيع الموارد. وفيما يتعلق بإدارة سلاسل التوريد، فيمكن للميتافيرس أن يُحسن مستويات الشفافية والكفاءة والمرونة باستخدام تكنولوجيات التوائم الرقمية والأنظمة الذكية والبلوك تشين.

 

توصل الباحثون إلى أن الميتافيرس لا يزال يواجه تحديات تقنية على الرغم من أنه منصة فعالة ومتقدمة في مجال الرعاية الصحية. 

 

وقال الأستاذ الدكتور خالد: "لا يزال الميتافيرس في مراحل تطوره المبكرة، ومن المتوقع أن يواجه تحديات تقنية عديدة كأي تكنولوجيا ناشئة أخرى". وأضاف: "ويتمثل التحدي الأول في أن الميتافيرس يعتبر نظامًا غير مستقل أو قائم بذاته، ما يعني أنه من المتوقَّع أن يكون كُلفَة استخدامه وصيانة بنيته التحتيةكبيرة. ويكمن التحدي الثاني في أن التكنولوجيات التي تساهم في تمكين الميتافيرس أيضًا شديدة التعقيد للمستخدمين العاديين، بل إنها في حالتها الراهنة معقدة للمستخدمين المحترفين أيضًا. إضافة لذلك، لا يوجد حاليًا معيار للتواصل مع تطبيقات الميتافيرس وقد يمثل دمج هذه التطبيقات مع الأنظمة التقليدية عبئًا ثقيلًا".

 

من جهة أخرى، يعتبر دمج الميتافيرس في قطاع الرعاية الصحية تحولًا نموذجيِّا في مجال تحقيق نظام للرعاية الصحية أكثر ترابطًا وكفاءة وتركيزًا على المريض.

 

قال الأستاذ الدكتور محمد عمر: "يتعين علينا أن نتصدى للتحديات التكنولوجية والاجتماعية والأخلاقية والتنظيمية وأيضًا التحديات المتعلقة بالخصوصية المقترنة باستخدام الميتافيرس في الوقت الذي نحقق فيه الاستفادة القصوى من إمكانيات الميتافيرس، حيث يعد تحقيق التوازن بين الابتكار وهذه الاعتبارات أمرًا في غاية الأهمية لإطلاق العنان للإمكانيات الكاملة التي يتمتع بها الميتافيرس في تحسين الرعاية الصحية".

 

ترجمة: سيد صالح