يتطلب الكشف عن مثبطات التآكل الفهم الشامل لدور البدائل الكيميائية
تصميم مثبطات التآكل الفعالة 

يُعتبر التآكل مشكلة شائعة في العديد من القطاعات قد يؤدي إلى العديد من الخسائر المادية والاقتصادية الكبيرة. ويعد الاستخدام الاستراتيجي لمثبطات التآكل والمواد الكيميائية التي تقلل من معدلات التآكل دون أن تغير المكونات المسببة للتآكل بشكل كبير، جزءًا مهمًا من مواجهة هذا التحدي. لذلك، قام فريق من الباحثين بما في ذلك الدكتور تشاندرابهان فيرما من جامعة خليفة والأستاذ الدكتور أكرم الفنطزي، بدراسة الأدوار الدقيقة للبدائل الكيميائية في تعزيز فعالية هذه المثبطات.

 

نُشرت النتائج التي توصلوا إليها في مجلة "كوأوردينيشن كيميستري ريفيوز" وهي مجلة تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في مجال الكيمياء الفيزيائية والنظرية. 

 

قال الدكتور تشاندرابهان: "يتم إنفاق تريليونات الدولارات سنويًا على التكاليف المتعلقة بالتآكل، بما في ذلك الصيانة والإصلاحات والاستبدال المبكر للأصول والبنية التحتية المتضررة. ويُتوقع أن تصل التكلفة الاقتصادية العالمية للأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية الحديدية، نتيجة التآكل بأشكاله المختلفة، 3 تريليون دولار سنويًا، ويمكن أن توفر التقنيات الحالية مثل الطلاء ومثبطات التآكل ما يصل إلى 35% من تكلفة التآكل.”

 

تساهم مثبطات التآكل في إبطاء تدهور المعادن عبر مختلف القطاعات كقطاع البناء وقطاع حفظ الآثار التاريخية، وهي تُصنَّف إلى أنواع غير عضوية وعضوية. تُشكل مثبطات التآكل غير العضوية مثل الفوسفات والموليبدات والكرومات، طبقات أكسيد خاملة على السطح تعمل كحواجز، بينما تشكل المثبطات العضوية غشاءً واقيًا على الأسطح المعدنية عن طريق التفاعل الكيميائي مع المعدن، وتعتمد فعاليتها إلى حد كبير على بدائلها الكيميائية التي تقوم بمنح الإلكترونات وسحبها لتعديل الخصائص الإلكترونية للجزيء المثبط بدور مهم في تصميم مثبطات التآكل، حيث يمكن تعديل الهيكل الإلكتروني للمثبط من خلال الإضافة المدروسة لهذه البدائل، الأمر الذي يحسن من مستوى تفاعلها وإمكانية تثبيط التآكل، كما تؤثر هذه المجموعات الوظيفية التي تختلف في خصائص منح الإلكترون أو سحبه، على قدرة المانع على تكوين روابط مع السطح المعدني، ما يفرض الفعالية الوقائية الشاملة.

 

وأضاف الدكتور تشاندرابهان: "يُعتبر استخدام المواد الكيميائية العضوية، خاصة المركبات الحلقية غير المتجانسة، واحدة من الاستراتيجيات الأكثر فعالية لمنع التآكل في يومنا هذا. ولكن لا يمكن للجزيئات العضوية ذات المجموعات الوظيفية القطبية منع  التآكل بشكل فعال لأنه يجب أن تمتلك بعض الخصائص الهيكلية والفيزيوكيميائية الخاصة.

 

وتشمل الخصائص الهيكلية المفيدة لمثبطات التآكل الفعالة المجموعات الوظيفية التي لديها انجذاب قوي للارتباط مع المعدن والقدرة على بناء طبقات واقية على الأسطح المعدنية والاستقرار الكيميائي في ظل الظروف الصعبة، ويُعتبر الذوبان أحد أهم الأمور التي توضع في عين الاعتبار عند اختيار مثبط عضوي، كما ازدادت أهمية اعتماد الأساليب المستدامة للحماية من التآكل بسبب الاهتمام المتزايد بالتنمية المستدامة." ومن الجدير بالذكر أن القابلية العالية للذوبان في البيئة المسببة للتآكل تُعتبر ضرورية لمثبطات التآكل الفعالة لضمان الحصول على مستوى موحد من التشتت وحماية طويلة الأمد على الأسطح المعدنية.

 

يُعتبر تصميم مثبطات التآكل الفعالة علمًا دقيقًا يتطلب دقة في الاختيار والجمع بين البدائل، حيث يمكن أن يصمم الباحثون مثبطات لمواد وبيئات محددة من خلال التلاعب بهذه المكونات وتحسين قدراتها الوقائية، وهذا يتطلب فهم المبادئ التي توجه عملية تصميمها. 

 

وعلى صعيد آخر، نظر الفريق البحثي في مدى أهمية معادلات هاميت وتافت والثوابت المرتبطة بها بالنسبة لكفاءة تثبيط المركبات العضوية، حيث ساهمت معادلاتهما في توجيه مثبطات تآكل التصميم من خلال تقديم فهم كمي للتأثيرات المكانية والإلكترونية للبدائل على معدلات تفاعل المركبات العضوية وتوازنه، كما تمكنت من تطوير مثبطات تآكل تتميز بأفضل الخصائص الكيميائية الممكنة من خلال تسليط الضوء على العلاقة بين الهيكل والنشاط. ويمكن للعلماء تحسين جودة المثبطات وزيادة فعاليتها في تقليل التآكل في ظل الظروف البيئية المختلفة من خلال ارتباط الهياكل الجزيئية بالأداء المثبط.

 

وعلق الدكتور تشاندرابهان مضيفًا: "تُعتبر معادلة هاميت أداة هامة في الكيمياء العضوية لوصف التأثير الإلكتروني للبدائل على معدل التفاعلات العضوية وتوازنها، بينما تُعد معادلة تافت تعديلًا على معادلة هاميت وهي تصف آليات التفاعل للمركبات العضوية الأليفاتية مع مراعاة الآثار المكانية أو الإعاقة الفراغية.”

 

توجد حاجة ضرورية لتوفير وصف شامل يجمع ما بين معادلة هاميت ومعادلة تافت على الرغم من تأكيد العديد من الدراسات على تأثير البدائل، ذلك لأنها تعكس الطبيعة الإلكترونية للبدائل وهي ضرورية لفهم إمكانات المثبط. لذا يُعتبر الفهم الشامل لهذه الآليات أمرًا بالغ الأهمية لتطوير مثبطات أكثر فعالية وأمنًا على البيئة.

 

ترجمة: مريم ماضي