تساهم دراسة بيئات البلازما المحيطة بكوكبي المريخ وزحل في الفهم الشامل للبلازما في كوكب الأرض وما وراء النظام الشمسي
فريق بحثي من جامعة خليفة بالتعاون مع باحثين دوليين يكشف عن ديناميكيات البلازما في الأغلفة الجوية المغناطيسية للكواكب

يمثل موضوع البلازما تحديًا بحثيًا يثير اهتمام العديد من العلماء في مختلف التخصصات، حيث تشكل البلازما جزءًا كبيرًا من الكون وتساهم في تكوين أكثر من 99% من البيئات الكونية المرئية بأنواعها والتي تشمل النجوم والسّدُم والشفق والبرق وغيرها.

تُعرف البلازما بأنها الحالة الرابعة للمادة بعد الحالة الصلبة والسائلة والغازية. تتكون البلازما عندما يتم رفع درجة حرارة الغاز  لتصبح الجزئيات أكثر نشاطًا وحرية في الحركة وعند ارتفاع درجة الحرارة أكثر تنفصل الذرات عن بعضها نتيجة انفصال الإلكترونات عن الأنوية، والذي يتسبب في تكوين جسيمات مشحونة تسمى الأيونات تلتف حولها مجموعة الإلكترونات، هذه هي البلازما.

توجد البلازما داخل المنظومة الشمسية وخارجها، في الهالة الشمسية وفي الرياح الشمسية وفي الأغلفة المغناطيسية لكوكب الأرض وغيره من الكواكب في ذيل المذنبات، كما أنها تتوسط النجوم والمجرات.

وفي هذا الصدد، قام الدكتور لونيس كوراكس، الأستاذ المشارك في الرياضيات والمسؤول عن موضوع "نمذجة الأغلفة المغناطيسية" في مركز الفضاء وعلوم الكواكب في جامعة خليفة، بدراسة البلازما في كوكب الأرض في النظام الشمسي، كما قام فريقه البحثي مؤخرًا بدراسة بيئات البلازما المحيطة بكوكبي المريخ وزحل من خلال الأغلفة المغناطيسية بهدف تحقيق الفهم الشامل لطبيعة تركيب بيئة البلازما المحيطة بالكواكب، إضافة لفحص مورفولوجيا  موجات البلازما في الشفق القطبي للأرض.

ضم الفريق البحثي كلًا من الدكتور كولديب سنغ والدكتور نيكوس لازاريدس والدكتور ستيفي فارغيز والدكتور هانس هويبريغس بالتعاون مع عدد من الزائرين والطلبة. ويسعى الفريق البحثي إلى إجراء المزيد من الدراسات حول بيئة البلازما المحيطة بكوكب الزهرة.

الموجات الانفرادية في الغلاف المغناطيسي لكوكب المريخ

تساهم البلازما في الغلاف الجوي المغناطيسي لكوكب الأرض في إنتاج الشفق القطبي الشمالي، والذي يُعرف كذلك باسم الأضواء الشمالية ويرجع سبب التسمية إلى وجود تلك الأضواء في خطوط العرض  القريبة من القطب الشمالي، عند تفاعل الجسيمات المشحونة مع البلازما. ويساهم الغلاف المغناطيسي في حماية الكوكب من الرياح الشمسية وتأيّن الجسيمات، كما يساهم في منع دخول الرياح الشمسية  إلى الغلاف الجوي مع مرور الوقت. وتؤكد هذه الدراسة على فقدان كوكب المريخ لغلافه الجوي والذي قد يكون سببًا لانخفاض قوة المجال المغناطيسي فيه.

وفي هذا السياق، قال الدكتور لونيس: "لا يوجد مجال مغناطيسي فعلي في كوكب المريخ لكن يتميز  غلافه الجوي بخصائص تمكنه من أن يكون عقبة أمام الرياح الشمسية ويؤدي دور الغلاف الجوي المغناطيسي".

وأضاف: "ساهمت رحلات استكشاف الغلاف الجوي في المريخ في توفير الفرصة لاستكشاف البلازما في شبه الغلاف الجوي المغناطيسي، حيث تم من خلالها ملاحظة العديد من موجات البلازما في الغلاف الجوي العلوي، وهو ما يشير إلى الديناميكية العالية التي يتمتع بها هذا الكوكب وقدرته على إنتاج أنواع مختلفة من الموجات البلازمية على الرغم من بساطة غلافه الجوي المغناطيسي".

وتشير البيانات التي تم الحصول عليها من رحلات استكشاف سابقة إلى المغناطيسية في المريخ مليئة بالموجات الضاغطة التي تتطور بشكل تدريجي لتصبح موجات تصادمية متعددة تحدث عندما تصطدم الرياح الشمسية بالغلاف الجوي المغناطيسي.

ويفيد الفهم الحالي لبيئة كوكب المريخ بوجود الموجات الانفرادية في طبقة الغلاف الجوي العليا التي تحتوي على نبضات الموجات الكهروستاتية الانفرادية المعروفة باسم (الموجات الانفرادية الكهروستاتية) تنتشر مكونة البلازما من خلال الغلاف الجوي المغناطيسي.

نشر  الفريق البحثي هذه الدراسة في المجلة العلمية الدولية "ذا أستروفيزيكال جيرنال" المتخصصة بأحدث التطورات والاكتشافات والنظريات في مجال علم الفلك والفيزياء الفلكية. واستعان الفريق، الذي تولى مهمة الإشراف عليه الدكتور  لونيس كوراكس، بالنظريات والتحليل الرقمي للبيانات بهدف تحديد خصائص النماذج ودراسة مزايا نبضات الموجات، حيث تعاون الدكتور لونيس مع باحثين من المعهد الهندي للمغناطيسية الأرضية للوصول إلى تفسير شامل للبيانات التي تم جمعها والتي تشير إلى أن هذه النبضات هي موجات البلازما.

  تشكل المغناطيسية في كوكب المريخ منطقة هامة وديناميكية لتدفق البلازما التي تلعب دورًا بارزًا في نموذج الموجات التصادمية وتساهم في تحديد تدفق الجسيمات النشطة في جميع أنحاء الغلاف الجوي المغناطيسي. وقد تم التقاط الموجات الانفرادية من خلال رحلة استكشاف الغلاف الجوي في كوكب المريخ ورصدها في المجال المغناطيسي، كما تمت نمذجتها من خلال عمليات المحاكاة والنظريات للخروج بنتيجة تؤكد على أن هذه النبضات هي نماذج لموجات انفرادية أيونية صوتية. ومن أخرى، يساهم فهم الموجات الانفرادية لبلازما الفضاء في توفير مفهوم جديد لديناميكيات البلازما في الفضاء، كما يعزز فهمنا لفيزياء الكون الذي نعيش فيه.

البلازما المغبرة في كوكب زحل

يمكن تعريف البلازما المغبرة بأنها البلازما التي تحتوي على جسيمات صلبة يتراوح حجمها ما بين النانومتر  والميكرون. تكتسب هذه الجسيمات شحنة إلكترونية من خلال التقاط الإلكترونات والأيونات من البلازما، الأمر  الذي يؤثر بالتالي على خصائص البلازما.

توجد البلازما المغبرة بشكل شائع في عدد من البيئات الطبيعية التي تشمل حلقات الكواكب وذيل المذنبات، إضافة لوجودها في الأجزاء التكنولوجية المستخدمة لتصنيع شرائح أشباه الموصلات وأجهزة الدمج المغناطيسي.

قال الدكتور لونيس: "تنتشر الغبار في جميع أنحاء الفضاء وفي البيئات الفيزيائية الفلكية، حيث تتجه أنظار الباحثين إلى فيزياء البلازما المغبرة لدورها المحوري في الفضاء والبلازما الفيزيائية الفلكية والخلايا الشمسية وشرائح أشباه الموصلات وأجهزة الدمج المغناطيسي.

تركز بحوث بلازما الفضاء على النظام الشمسي بسبب الرغبة في فهم آلية تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغناطيسي في كوكبنا وأثر العواصف المغناطيسية الأرضية في الأقمار الصناعية وآثارها الخطرة على رواد الفضاء.

وتشكل العواصف الشمسية عامل خطر  على الاتصالات في كوكب الأرض. لذلك، يجب تركيز أولويات البحوث في هذا الإطار  على تأسيس علوم بلازما الفضاء والمناخ. يذكر أن الفهم الشامل لبيئات النظام الشمسي يعزز فهمنا لبيئات البلازما  في النظام الشمسي وخارجه.