يعتبر ثالث أكثر الأمراض السرطانية المسببة للوفاة عالميًا
باحث من جامعة خليفة يشارك في دراسة عالمية للكشف عن عوامل خطر الإصابة بسرطان القولون الذي يمثل عبئًا عالميًا

شكّل سرطان القولون في العام 2019 ثالث أكثر أسباب الوفاة بسبب السرطان عالميًا وثاني أكثر  أسباب السرطانات التي تؤدي إلى الموت المبكر، حيث تحدث حالات الإصابة بمعدل يتراوح ما بين 60-75% وترتبط بعوامل قابلة للتغيير ويمكن الوقاية منها، أي مجموعة السلوك التي قد تزيد أو تحد من احتمالية الإصابة بسرطان القولون. من ناحية أخرى، ترتبط ما نسبته 25-40% من حالات الإصابة بسرطان القولون بعوامل خطر لا يمكن تغييرها أو التعديل عليها وتشمل العوامل الوراثية وتاريخ الفرد في الأورام الحميدة وتاريخ العائلة في مجال سرطانات القولون والمستقيم.

تتزايد في الوقت الحالي حالات الإصابة الجديدة بسرطان القولون بشكل سريع لاسيما لدى الدول ذات الدخل المحدود والمتوسط، ويعزى ذلك إلى زيادة انتشار عوامل الخطر القابلة للتغيير كالتدخين وشرب الكحول والأنظمة الغذائية غير الصحية وقلة النشاط البدني والبدانة.

أصبح اليوم بالإمكان تشخيص سرطان القولون بشكل غير مكلف اقتصاديًا نتيجة توفر قدرات التشخيص وزيادة الوعي بالمرض، مما ساهم بالكشف المبكر عن وجود المرض وبالتالي سهولة علاجه في مراحله المبكرة.

ويركز الهدف رقم 3.4 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على الحد من نسبة الوفيات المبكرة الناجمة عن  الأمراض غير المعدية، بما فيها السرطانات، وذلك بحلول العام 2030. ووفقًا لذلك، يمكن أن نحقق ذلك الهدف من خلال إجراءات وقائية أولية لمنع حدوث المرض والفحص المبكر الذي يوفر فرصة الاستشفاء التام من المرض.

ويعتبر سرطان القولون واحدًا من الأمراض السرطانية التي يمكن الوقاية منها من خلال تعديل أسلوب حياة الأفراد أو الكشف المبكر للمرض، وعن طريق هذين العاملين يمكن التصدي للعبء العالمي المتمثل بسرطان القولون والتقدم نحو تحقيق هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

ولتحديد حالة التقدم الذي وصلنا إليه بالنسبة لهذا النوع من السرطانات ومعرفة الجوانب التي تتطلب العمل عليها، لابد من تتبع التغييرات التي طرأت في مجال سرطان القولون على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

وقد بحثت دراسة عالمية باسم (الحِمل العالمي للأمراض)، والتي ضمت أكثر من 700 باحث من جميع أنحاء العالم من بينهم الأستاذ في جامعة خليفة، الدكتور خوان أكونا، الأثر العالمي للإصابة بسرطان القولون ومعدلات الإصابة به في 204 دولة وإقليم من العام 1990 إلى 2019، واستندت هذه الدراسة على دراسة سابقة أجريت في العام 2017 وضمت بيانات حول تسع دول أخرى، كما تم نشر نتائج البحث في المجلة العلمية الدولية "ذي لانسيت".

 وتوصل باحثو دراسة (الحمل العالمي للأمراض) إلى أن حالات الإصابة بسرطان القولون شكلت الضعف أو أكثر في 16-21 منطقة في العالم، كما تضاعف عدد الوفيات في 15-21 منطقة في العالم في العقود الثلاثة الماضية.

وفي هذا الصدد، نحتاج إلى مزيد من البحث في أسباب زيادة حالات الإصابة لدى فئة الشباب، علمًا بأن بعض تلك الأسباب تعود لعوامل الخطر الرئيسة للإصابة بسرطان القولون والتي تشمل البدانة وقلة النشاط البدني وارتفاع معدل استهلاك الكحول والتدخين، إضافة للميكروبات المعوية. وهنا، يمكن لإجراءات الصحة العامة بالتدخل لحل المشكلة من خلال زيادة الوعي بالتشخيص المبكر والتشجيع على الحد من السلوكات التي قد تعرض الأفراد للخطر.

ومن الأسباب التي قد تؤثر على ارتفاع نسبة الإصابات النمو الاقتصادي والتحول الصناعي السريع، حيث تعيش الطبقة المتوسطة المزدهرة في الدول النامية أسلوب حياة غربي يتسم بنظام غذائي غير صحي وقلة النشاط البدني أدى إلى زيادة الإصابة بالأمراض المتعلقة بأسلوب الحياة، بما فيها سرطان القولون.

واشتملت الإصابة بالمرض على كلا الجنسين، لكن شهد الرجال ارتفاعًا بنسب الإصابة ومعدل الوفيات أكثر  من النساء. ففي العام 2019، شكلت نسبة إصابة الرجال بسرطان القولون 57.2 حالة إصابة ونسبة وفيات وصلت إلى 54.9 حالة وفاة بسبب المرض. وإذا أخذنا الفئة العمرية بالحسبان، تشكل نسبة الإصابات لدى الرجال النسبة الأكبر في المناطق النامية التي تتضمن أوروبا الوسطى والمنطقة الأسترالية الآسيوية ومنطقة المحيط الهادي ذات الدخل المرتفعة، في حين شهدت مناطق من إفريقيا وجنوب آسيا فروقات بسيطة بحالات الإصابة بين الجنسين.

وفي السياق، تشهد الصين والولايات المتحدة الأمريكية واليابان أعلى معدلات الإصابة بسرطان القولون من كلا الجنسين، بينما تمثل معدلات الإصابة عالميًا والمقرونة بالفئة العمرية توزيعًا يشبه منحنى الجرس بنسبة إصابات في الذروة  تتراوح ما بين الأعمار 60 و74 سنة، كما شكلت نسبة حالات الإصابة أعلى قيمها لدى الرجال مقارنة بالنساء في الفئات العمرية من 80 إلى 84، وارتفعت في حالات جديدة بين النساء التي تتجاوز أعمارهن 85 عامًا. ووفقًا لذلك، واصلت معدلات الإصابة ارتفاعها بتقدم العمر وجميع الفئات العمرية شهدت زيادة في حالات الإصابة.

وعلى صعيد عالمي، شكلت نسبة الإصابة لدى الأفراد الذين لا يشمل نظام غذائهم الحليب 15.6% والأفراد المدخنين 13.3 والأفراد الذين لا يتناولون الكالسيوم 12.9 وبلغت نسبة الإصابة بسرطان القولون لدى مستهلكي الكحول 9.9، وتعتمد عوامل الخطر هذه على مستوى النمو الاقتصادي الاقتصادي في تلك المناطق.

يعتبر سرطان القولون مشكلة صحية عالمية ويعد وقف انتشاره العامل الأول لتحسين المستوى الصحي وجودة الحياة في جميع أنحاء العالم. وحسب نتائج هذا البحث، ستواصل الطبقتان الوسطى والدنيا الارتفاع بنسب حالات الإصابة ويمكن حل هذه المشكلة باتباع بعض الاستراتيجيات التي تشمل الأنظمة الغذائية الصحية وتحسين أسلوب الحياة التي ستساهم بدورها في مواجهة هذا التحدي.

يذكر أن هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية إيجاد سجلات للسكان تتعلق بالسرطان بهدف رصد حالات الإصابة بسرطان القولون، كما أنها تشكل مصدرًا مهمًا للأفراد ومزودي خدمات الرعاية الصحية. ويمكن الاستفادة من نتائج دراستنا من قبل صناع القرارات من خلال الحصول على معلومات جديدة تهم العلماء والأطباء في جميع أنحاء العالم، حيث يسعى هذا البحث إلى توجيه جميع الجهود لضبط انتشار سرطان القولون عالميًا والحد من حالات الإصابة وبالتالي تخفيف العبء العالمي للسرطان لدى جميع الأفراد.