يمكن رفع مستوى كفاءة تكنولوجيا التقاط الكربون من خلال تعريض أحد المكونات للأشعة وفقًا لبحث أجراه فريق من المهندسين الكيميائيين في جامعة خليفة
باحثون من جامعة خليفة يستعينون بالأشعة فوق البنفسجية لأكسيد الغرافين لتحسين فعالية التقاط الكربون في الهياكل المعدنية العضوية

يعتبر الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، أمرًا بالغ الأهمية في مكافحة تغير المناخ. يعد استخدام تكنولوجيا التقاط الكربون وحفظه والتحول النموذجي من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة الطريق الرئيس والفعال أمام الحد من متوسط ارتفاع درجات الحرارة العالمي لتصل إلى أقل من  مستوياتها ما قبل الصناعة.

 وتعتبر استراتيجية التقاط الكربون والاستفادة منه وحفظه من أكثر الاستراتيجيات الواعدة انتشارًا في العالم للحد من انبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون الكربون من خلال الظهور المتزايد للتكنولوجيات المتنوعة في عدد من القطاعات الصناعية عالميًا، وتشمل هذه التكنولوجيات عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصادر الانبعاث مثل محطات الطاقة ومواقع التخزين طويلة الأمد. ويمكن تحسين هذه الأساليب لرفع مستوى الفعالية والحد من معدلات استهلاك الطاقة والتكلفة المرتفعة.

وفي هذا الصدد، قام فريق بحثي من جامعة خليفة بدراسة مواد الامتصاص الهجينة والجمع بين الهيكل المعدني العضوي وأكسيد الغرافين المعرض للأشعة فوق البنفسجية بهدف إنتاج مادة فعالة تساهم في التقاط الكربون. ووجد الفريق أن تنشيط أكسيد الغرافين باستخدام ضوء فوق بنفسجي يحسن الخصائص السطحية والهيكلية والمورفولوجية لتعزيز التقاط ثاني أكسيد الكربون.

 

وضم فريق الباحثين كلًّا من المهنس أنيش ماثاي فارغيز، باحث مشارك والدكتور كي سوريش كومار ريدي، عالم بحثي والدكتور جورجيوس كارانيكولوس، أستاذ مشارك في الهندسة الكيميائية. وتم نشر نتائجهم في المجلة الدولية "كيميكال إنجنييرنغ جيرنال".

يحتاج الالتقاط الناجح للكربون لمادة ماصة تقوم بانتزاع ثاني أكسيد الكربون من تيار من الغازات المختلطة ثم إطلاقه بسهولة عند الرغبة ويمكن إعادة استخدام المادة، بينما يمكن الاستفادة من  ثاني أكسيد الكربون المحتجز أو إرساله للحفظ طويل الأمد.

يتجمع ثاني أكسيد الكربون في مسام المادة الذي يعمل كمواقع التقاط نشطة خلال عملية الامتصاص. فعندما تنخفض درجة الحرارة مثلاً يلتصق ثاني أكسيد الكربون بالسطح وعند ارتفاعها يتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون، كما يمكن أن تؤدي التغيرات في الضغط إلى حدوث دورات الالتقاط والإطلاق.

وفي الوقت الحالي، تُستخدم المحاليل الأمينية المائية، وهي محاليل تحتوي على الماء والمركبات العضوية التي تسمى الأمينات التي تحتوي على ذرات النيتروجين المرتبطة بذرات الهيدروجين والكربون، في مجال التقاط ثاني أكسيد الكربون في التطبيقات الصناعية وتتميز هذه المحاليل بفعاليتها في التقاط ثاني أكسيد الكربون، مما يجعلها واحدة من أكثر تكنولوجيات التقاط الكربون شيوعًا وتطورًا. من ناحية أخرى، تعاني هذه التكنولوجيا من مشكلة وهي أنه يجب تسخين المحلول من أجل استعادة ثاني أكسيد الكربون الملتقط من  المحلول الأميني، مما يتطلب كميات كبيرة من الطاقة الحرارية وفقدان بعض الأمينات في البيئة جراء هذه العملية.

وتعتبر المواد الماصة الصلبة بديلًا ممكنًا للتغلب على عيوب المحاليل الأمينية، فهي قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال  وهي أفضل من غيرها من المواد من حيث الأداء.

وأوضح المهندس أنيش قائلاً: "يحظى الامتصاص باهتمام متزايد بفضل خصائصه المتميزة كانخفاض استهلاك الطاقة وسهولة التنفيذ والتكلفة المناسبة والاستقرار الكيميائي والحراري. لذلك، تتم دراسة مجموعة كبيرة ومتنوعة من مواد الامتصاص عالميًا مثل الهياكل المعدنية العضوية والزيوليت والمواد العضوية التساهمية والبوليمرات المسامية ومواد أخرى كثيرة. وقد طورنا مادة امتصاص هجينة من المعدن العضوي باستخدام أيونات النحاس وأكسيد الغرافين المنشط بالأشعة فوق البنفسجية".

 

توفر الهياكل المعدنية العضوية خصائص متميزة تتعلق بطبيعة تركيبها ومرونة عالية في هيكلها، كما يمكن دمجها في العديد من التطبيقات المختلفة، إلا أن الاستقرار الحراري والكيميائي المنخفض في الهياكل المعدنية العضوية يحد من استخدامها في البيئات الصعبة. وللتغلب على ذلك، استخدم الفريق البحثي مادة هجينة قائمة على الهياكل المعدنية العضوية تُعرف باسم "إتش كيه يو إس تي-1" و"إم أوه إف-199" الذي يعتبر واعداً من حيث التقاط ثاني أكسيد الكربون بفضل تركيبته المسامية ومساحة سطح وحجم مسام كبيرين، إلى جانب الاستقرار الكيميائي الجيد وسهولة التصنيع والجدوى التجارية، فهو هيكل مسامي ثلاثي الأبعاد يجمع بين أيونات النحاس وذرات الأكسجين.

ولتحسين الاستقرار الكيميائي، ركز فريق البحثي على تطوير مادة هجينة باستخدام "إم أوه إف-199" وأكسيد الغرافين، حيث أثبتت البحوث  السابقة أن أكسيد الغرافين يساهم في تحسين أداء التقاط الكربون، كما استخدم الباحثون أكسيد الغرافين المعرض للأشعة فوق البنفسجية لزيادة قدرة الهيكل المعدني العضوي الهجين على امتصاص ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45%.

وقد أثر الإشعاع فوق البنفسجي لأكسيد الغرافين على توزيع أيونات النحاس على سطح الهيكل المعدني العضوي الناتج، مما أدى إلى تحسين شكل المسام وبنيتها وبالتالي تعزيز امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

وقال المهندس أنيش: "تُظهر هذه النتائج أن المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية هي تقنية بسيطة وقابلة للتطوير يمكنها أن تعزز خصائص وأداء الامتصاص الهجين في الهيكل المعدني العضوي وأكسيد الغرافين لالتقاط ثاني أكسيد الكربون. وتعتبر مادتنا الهجينة مادة ماصة فائقة الأداء في الظروف الرطبة".

يذكر أنه من الممكن تطوير هذه المادة من خلال تنشيط الأشعة فوق البنفسجية للغرافين قبل تطبيق عملية التقاط الكربون، لتشكل بذلك تكنولوجيا سهلة وذات تكلفة منخفضة في مرحلة ما قبل المعالجة.