طبّق الباحثون في الجامعة معايير فيزيائية دقيقة بهدف سد الفجوة في مجال الدراسات المتخصصة بالعلوم الفيزيائية الدقيقة للضباب
باحثون من جامعة خليفة يطورون نماذج أكثر دقة وفعالية في مجال التنبؤ بالضباب في دولة الإمارات

تتمتع دولة الإمارات على الرغم من أنها دولة ذات بيئة صحراوية بجميع المكونات الضرورية لتشكل الضباب، حيث تشهد الدولة ضبابًا بمعدل 50 ليلة في العام الواحد نظرًا لخصائص البيئة الصحراوية الجافة الواقعة على مقربة من البحار في منطقة الخليج والتي يحتوي فيها الهواء فوق سطح البحر على نسبة عالية من الرطوبة تنتقل إلى اليابسة لتنخفض درجة حرارتها هناك مشكلةً ما يُعرف  بـ "الضباب الإشعاعي".

يعتبر الضباب سحبًا منخفضة تتكون من رذاذ الماء الصغير والذي يمكن رؤيته بالعين المجردة، ويؤثر هذا الرذاذ على مدى رؤية الإنسان وحياته اليومية خاصة على عملية التنقل والذي قد ينجم عنه على سبيل المثال تأخر في رحلات الطيران أو تحديات في القيادة في ظروف جوية خطرة.

وفي هذا الصدد، قام فريق بحثي من مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة بإجراء البحث الأول من نوعه في التركيز على خصائص الضباب الفيزيائية الدقيقة في دولة الإمارات. وضم الفريق كلًا من الدكتور مايكل ويستون والدكتورة ديانا فرنسيس والدكتور نارندرا نيللي والدكتور ريكاردو فونسيكا والدكتور مروان التميمي والدكتور ياسين عداد، الذين نُشرت نتائجهم البحثية في المجلة الدولية " ذا أميريكان جيوفيزيكال يونيون إيرث آند سبيس ساينس جيرنال".

بدورها، قالت الدكتورة ديانا: "تلعب الخصائص الفيزيائية الدقيقة للضباب دورًا رئيسًا في دورة حياة الضباب والإشعاع والرؤية، وتعتبر المعايير الفيزيائية الدقيقة للضباب في غاية الأهمية في مجال فهم وتحسين نظام معايير النموذج الحالي بهدف تحقيق التنبؤ الأكثر دقة وفعالية. لذلك، قمنا بتنفيذ المعايير الفيزيائية الدقيقة الأولى للضباب في دولة الإمارات التي تشهد تكرارًا في عمليات تشكل الضباب في أشهر الشتاء، وتعتبر نتائج هذه الدراسة الأولى من نوعها في المنطقة ونسعى إلى تعزيز معرفتنا الحالية في ديناميكيات وخصائص الضباب".

يستمر الضباب بالتشكل طيلة فترة تكاثف الرطوبة في الهواء، حيث ينخفض معدل التكاثف بارتفاع درجات الحرارة وبعدها يبدأ الضباب بالتلاشي. ويصنف معظم الضباب في دولة الإمارات على أنه ضباب إشعاعي، والبعض الآخر يُعرف بالضباب الأفقي الذي يتكون فوق البحار المحيطة بالدولة ثم ينتقل إلى داخلها. وبغض النظر عن نوع الضباب، عندما تشرق الشمس في سماء الدولة يتلاشى الضباب.

وأضافت الدكتورة ديانا: "تعتمد المراحل التي يمر بها الضباب، وهي التشكل والنضوج والتلاشي، على التفاعلات المعقدة في الفيزياء الدقيقة الخاصة بالرذاذ والإشعاع وظروف السطح الذي يتكون فوقه. فعلى سبيل المثال، يشير عدد الرذاذ في الضباب إلى عدد أنوية التكاثف الفعالة في السحب، وهو دليل هام في مجال فهم تشكل الضباب وديمومته".

وقد ساهم الفريق البحثي بجمع المعايير الفيزيائية الدقيقة الخاصة بالضباب في دولة الإمارات في الفترة من 28 يناير إلى 17 فبراير 2021، حيث تعتبر هذه المعايير جديدة نتيجة جمعها بشكل مباشر من الموقع المحاذي لمنطقة مائية دافئة في بيئة شبه استوائية جافة. ورصدت التقارير  مجموعة من الخصائص الفيزيائية الدقيقة للضباب في المناطق الجافة، إلا أن هذه الخصائص قد ترتبط بالمحيطات الباردة في السواحل الغربية من القارات. وساهمت نتائج الباحثين في سد فجوة الدراسات المتعلقة بالخصائص الفيزيائية الدقيقة للضباب.

وقالت الدكتورة ديانا: "تساهم معرفة الخصائص الفيزيائية الدقيقة للضباب في تطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بدورة حياة الضباب، حيث كنا في السابق نطبّق خصائص الضباب المتعارف عليها بشكل عام لأنه لم تتوفر لدينا المعلومات المتعلقة بالخصائص الفيزيائية للضباب".

ويحتاج المتنبؤون لفهم ماذا يحدث خلال فترات تشكل الضباب معرفة محتوى الغلاف الجوي وكميته ليتسنى لهم تحديد عدد الرذاذ في السحب الذي يتيح لهم معرفة عمق الضباب وبالتالي تحديد مستوى انخفاض مدى الرؤية. ومن ناحية أخرى، أظهرت البحوث بأن كمية الرذاذ في الضباب وشكله لا تدوم خلال المراحل المختلفة لدورة حياة الضباب.

ولتطبيق تلك العمليات من خلال نماذج التنبؤ  الرقمية، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الخصائص الأساسية للرذاذ، حيث تعمل نماذج التنبؤ بمنطقة معينة على توفير البيانات الخاصة بها والتي تساهم بدورها في الحد من تأثير الضباب في تلك المنطقة.

تعتبر النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي في غاية الأهمية مستقبلًا في مجال جمع الضباب، نظرًا للدور الذي تلعبه معرفة الخصائص الفيزيائية الدقيقة في تصميم أنظمة جمع الضباب، كما تعتبر نتائج الدراسة الحالية الجزء الأول من مجموعة البيانات طويلة الأمد المتخصصة في الخصائص الفيزيائية الدقيقة للضباب في المنطقة، إضافة لوضع الخطط المعيارية اللازمة لفصل الشتاء القادم في دولة الإمارات.