تعتمد العملية المستخدمة على نقل السائل بشكل فعال عبر مبخرات رقيقة تُستخدم لإنتاج البخار وتنقية الماء بالطاقة الشمسية
باحثون من جامعة خليفة يتوصلون لطرق تُساهم في الاستفادة من ظاهرة امتصاص السوائل والطاقة الشمسية لزيادة مستوى التبخر وإنتاج الطاقة النظيفة

تعتبر  عملية التبخر عملية أساسية في الحياة اليومية، حيث تُساهم في الحفاظ على درجة حرارة أجسامنا وعلى نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، كما تلعب دورًا هامًا في عدد من الأنظمة الصناعية التي تقوم عليها المجتمعات في يومنا الحاضر والتي تتنوع ما بين توفير الطاقة وتنقية المياه وتبريد المباني والأجهزة الإلكترونية. وتعتبر أيضًا المبخرات الرقيقة الطريقة الأكثر فعالية وتوفيرًا للطاقة من حيث النقل الحراري والتي تتطلب عملية تشغيلها سائلًا مستقرًا على سطحها، وهو ما يُشكل تحديًا كبيرًا.

توفر الفتائل المشبعة بالسائل، وفقًا لظاهرة انتشار السوائل في المواد الماصة، وسيلة أساسية لانتقال السائل إلى السطح دون الاعتماد على طاقة خارجية، تمامًا كآلية انتقال الماء من الجذور إلى الأوراق في النباتات.

ويواصل الباحثون والمهندسون عمليات البحث عن طرق لتحسين أداء انتشار السوائل والتبخر  بالطاقة الشمسية وتقطير المياه. وفي هذا الصدد، قال الدكتور تيجون زانغ، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الميكانيكية: "يعد استخدام الفتائل لنقل السائل إلى سطح التبخر، بالاعتماد على ظاهرة انتشار السوائل في المواد الماصة، الحل الأفضل لعملية تبخر ثابتة ومستقرة في المبخرات الرقيقة". ويتولى الدكتور تيجون مهمة الإشراف على الفريق البحثي في جامعة خليفة لدراسة طرق رفع مستوى امتصاص السائل في الفتائل وطرق انتقال السوائل إلى الأعلى عبر الفتائل، إضافة لأداء المبخرات الرقيقة وذلك بدعم من جائزة أبوظبي للتميز البحثي 2019. ونشر الفريق البحثي مؤخرًا نتائجهم البحثية في المجلة العلمية المرموقة "أدفانسد إنجنييرنغ ماتيريالز".

وشارك في كتابة البحث كل من الدكتور هونغزيا لي، باحث دكتوراه والطلبة الخريجون عفراء الكتبي وكيانغشون غوان، إلى جانب الدكتور محمد الحوسني خريج برنامج الدكتوراه وأبليميت إيلي، خريج برنامج ماجستير العلوم، حيث جميعهم من قسم الهندسة الميكانيكية.

وفي السياق، تقوم الفتائل بامتصاص السائل عبر  مادة مسامية لينتقل السائل خلالها إلى سطح التبخر عن طريق ظاهرة انتشار السوائل في المواد الماصة. ومن الأمثلة اليومية على تلك الظاهرة، وضع فرشاة الأصباغ في الماء وانتقال الماء إلى أعلى في فتائل الفرشاة باتجاه معاكس للجاذبية الأرضية، وانتقال الماء في الأشجار الكبيرة من الجذور إلى أعلى فروع الشجرة. وساهم الدور الفعال لتلك الظاهرة في تحفيز الباحثين في جامعة خليفة للكشف عن طرق للاستفادة من تلك الخاصية.

لذلك، طور فريق الدكتور تيجون فتائل فعالة في تمثيل ظاهرة انتقال السوائل في المواد الماصة من خلال ابتكار  هياكل نانوية مصنوعة من النحاس على سطح مائي مصنوع كذلك من النحاس، وهو ما ساهم في الحصول على سطح مسامي كبير وملائم لعملية التبخر، كما تقوم الهياكل المسامية بدور رئيس في تجميع أشعة الشمس بشكل أكثر  فاعلية.

واستخدم فريق جامعة خليفة البحثي نموذجهم الأولي لتطوير نظام قادر على التنبؤ  بمدى فعالية انتشار الماء في المادة بالاعتماد على عدد من العوامل المختلفة، بما في ذلك حجم المسام وشكلها وغيرها من العوامل. ويهدف النظام إلى تعزيز دور الباحثين في تصميم المزيد من تلك الفتائل الفعالة مستقبلًا.

من جانبه، قال الدكتور هونغزيا: "قمنا بتحديد خصائص ديناميكيات انتشار الماء من المستوى الدقيق جدًا إلى مستوى أكبر من خلال الملاحظات الناتجة عن العديد من التجارب والنمذجة النظرية، حيث قمنا بتطوير  سطح مسامي نانوي يساهم في تعزيز  فعالية امتصاص الماء، إضافة لاستخدام الهياكل النانوية التي تحتوي على أكسيد النحاس والتي تساهم في تحفيز  عملية جذب السائل إلى السطح".

وفي هذا الإطار، لاحظ الباحثون سلوك انتشار الماء عبر  كاميرات حرارية ضوئية تحت الحمراء بهدف تطوير نموذج للضغط ونموذج مسامي للتنبؤ بفعالية ضخ الماء عبر الأسطح المسامية، كما قاموا بإجراء مجموعة من الدراسات على أحجام مختلفة من المسامات للحصول على أعلى معدل ضخ للماء.

يُذكر أن التكنولوجيا التي قدمها فريق جامعة خليفة البحثي توفر إمكانات متميزة في عمليات التبخر التي تعتمد على الطاقة الشمسية بفضل ارتفاع معدل امتصاص الضوء وفعالية انتشار السائل، كما تمثل هذه التكنولوجيا للأسطح المسامية النانوية إمكانات واعدة  مستقبلًا في مجال تطبيقات الطاقة المستدامة على نطاق واسع.