تركز الدراسة الحديثة لجامعة خليفة على دور الغبار في زيادة كميات الجسيمات العالقة في الهواء في الدولة وأسباب تغير الظروف الجوية منذ العام 2009
باحثون من جامعة خليفة متخصصون بالهباء الجوي يكشفون عن انخفاض نسب الغبار في دولة الإمارات

قام باحثون من جامعة خليفة بتحديد مكونات المواد العالقة في الغلاف الجوي في دولة الإمارات والتغيرات التي تمر بها من خلال تحليل الظروف الجوية للدولة باستخدام البيانات الصادرة عن الأقمار الصناعية وشبكة الروبوتات الأرضية.

 وضم الفريق البحثي كلًا من الدكتور ماريندرا نيللي، زميل بحوث الدكتوراه والطالب الخريج سامسون فيسيهايي والدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة بحثية أولى ورئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية والدكتور ريكاردو فونسيكا، زميل بحوث الدكتوراه والمهندس البحثي مايكل ويستون والدكتور راشد أبِدا، عالم بحثي والدكتور أوليكساندر نيستيروف، زميل بحوث الدكتوراه، حيث قاموا بنشر بحثهم في المجلة العلمية "إيرث آند سبيس ساينس"، واحتوى البحث على أفكار رئيسة ركزت أبرزها على الدور الكبير للغبار المنتشر في الهواء على مجموع حمل الجسيمات العالقة في الغلاف الجوي لدولة الإمارات، إضافة للتركيز على ضرورة أخذ جسيمات الغبار تلك بعين الاعتبار في مجالات التنبؤ الحالة الجوية جودة الهواء. 

تتميز دولة الإمارات بمناخها المشمس طوال العام، كما تُعرف بهوائها المُغبَر نوعًا ما والناتج عن طبيعة جغرافية الدولة الصحراوية، حيث تشكل الجسيمات العالقة في الغلاف الجوي بما في ذلك الغبار والمواد الملوثة الأخرى عائقًا أمام أشعة الشمس من خلال امتصاص أشعة الضوء أو تشتيتها بطريقة تمنع وصولها إلى الأرض، وهو ما يُعرف بـ (العمق البصري للهباء الجوي). 

من جانبها، قالت الدكتورة ديانا فرنسيس: "وجدنا عبر النطاق الزمني المناخي أن العمق البصري للهباء الجوي في دولة الإمارات آخذ بالانخفاض منذ العام 2009، ويرجع ذلك إلى احتمالية تزايد معدل هطول الأمطار والتغيرات في استخدام الأراضي. ويحظى الهباء الجوي بمجموعة كبيرة من العوامل التي تؤثر في نظام المناخ والتي يعد تحديدها تحديًا كبيرًا نظرًا لطبيعتها غير المنتظمة". وبالنظر إلى المناطق المعنية بالدراسة والتي تتسم بمساحاتها الكبيرة، استعان الباحثون بالبيانات الناتجة عن الأقمار الصناعية لتقييم التغيرات في الهباء الجوي فوق المناطق الواسعة، حيث استخدموا الملاحظات التي تم الحصول عليها من جهاز رصد السحب والهباء الجوي ومستكشف الأشعة تحت الحمراء والتي قاموا بجمعها على مدى 14 عامًا. 

وأضافت الدكتورة ديانا: "تعتبر أجهزة قياس الهباء الجوي العالمية الفعالة، إلى جانب الأدوات الفضائية في غاية الأهمية في مجال تحقيق الفهم الأفضل لتوزيع الهباء الجوي وأثره على البيئة، لكن يتطلب منا ذلك تقييم مدى دقة ملاحظات الأقمار الصناعية وأجهزة القياس الأرضية، خاصة في المناطق القريبة من المصدر". 

وتُعرَّف شبكة الروبوتات الخاصة بالهباء الجوي على أنها مجموعة من أدوات القياس الضوئية الشمسية والموزعة في جميع أنحاء الكوكب لاستخدامها في عدد من الدراسات التي تثبت صحة ودقة ملاحظات الأقمار الصناعية المتعلقة بالهباء الجوي. وقام الفريق البحثي بإجراء مقارنات بين البيانات التي تم جمعها قبل سبع سنوات والبيانات الصادرة عن جهاز رصد السحب والهباء الجوي ومستكشف الأشعة تحت الحمراء. 

وقالت الدكتورة ديانا: "تركز الدراسات المتعلقة بالهباء الجوي في دولة الإمارات على الأحداث الفردية، وسعينا في دراستنا للكشف عن خصائص الهباء الجوي في المنطقة العربية على مدى طويل من الزمان لبحث التنوع في الهباء الجوي خلال فصول السنة". تعد الغبار واحدة من الأنواع الفرعية السائدة للهباء الجوي في المنطقة، لا سيما في فصل الصيف حيث العواصف الرملية تحدث بشكل متكرر في دولة الإمارات. 

وعندما تختلط ذرات الغبار مع الجسيمات العالقة في الغلاف الجوي يتكون ما يُعرف بـ (الغبار الملوِّثة)، وهي مزيج من الغبار والجسيمات الناتجة عن احتراق الكتل الحيوية والتلوث في المناطق الحضرية، وقد يتشكل ما يُطلق عليه (القارات الملوثة) والتي تعود على الهباء الجوي الناتج من الدول الصناعية، حيث تتم ملاحظة القارات الملوثة في الأشهر الباردة فقط بسبب وجود الرياح الشمالية الغربية وأنظمة الطقس التي تؤثر على المنطقة خلال فصل الشتاء. 

ولاحظ الباحثون انخفاضًا ملحوظًا بمستويات العمق البصري للهباء الجوي منذ العام 2009، وتحديدًا خلال فترات النهار، وهو ما يشير إلى انخفاض كميات الغبار في الغلاف الجوي خلال النهار مقارنةً بالأعوام السابقة للعام 2009. 

وأضافت الدكتورة ديانا: "يمكن تفسير ذلك بارتفاع نسب هطول الأمطار في نفس الفترة والتي تقوم بغسل جميع الجسيمات العالقة في الغلاف الجوي، حيث تلعب عمليات بذر السحب دورًا رئيسًا في ارتفاع معدلات هطول الأمطار والتي اعتمدتها دولة الإمارات في العام 2010. 

إضافة لذلك، تساهم التغيرات الحاصلة في مجال الاستفادة من الأراضي في الدولة في انخفاض نسب العمق البصري للهباء الجوي، حيث يؤدي التوسع العمراني في المناطق الحضرية إلى زيادة معدلات التلوث والتي بدورها تحد من نسب انبعاثات الغبار". 

توصل الباحثون إلى أن الغبار هو مكون شبه دائم للغلاف الجوي في الدولة ولا بد من أخذه بعين الاعتبار في مجال المشاريع المتعلقة بالمناخ والتنبؤات المرتبطة بالأرصاد الجوية وجودة الهواء. 

يُذكر أن الفريق البحثي يواصل بحوثه من خلال توسيع نطاق المناطق الجغرافية بهدف دراسة منطقة شبه الجزيرة العربية بأكملها، بما في ذلك إيران، لتقييم مكونات الغلاف الجوي إقليميًا وأنماط دورة الغلاف الجوي.