تساهم معرفة الأسباب التي قد تحد من ظهور الأعراض على الشخص الحامل للفيروس في حماية السكان ووقف الانتشار
بحث يرصد العوامل الديموغرافية الاجتماعية لمصابي كوفيد-19 ممن ظهرت عليهم الأعراض وممن لم تظهر عليهم

انتشر فيروس كوفيد-19 بشكل سريع في جميع أنحاء العالم بعد أن كان ظهوره الأول في مدينة يوهان الصينية في ديسمبر 2019، حيث أصاب الفيروس ما يزيد على 77 مليون شخص وتسبب بأكثر من 1.7 مليون حالة وفاة، الأمر الذي أكد صعوبة السيطرة على هذه الجائحة، خاصة في حال الإصابات التي لا تظهر عليها الأعراض والتي تعزز انتشار الفيروس.

لا تظهر أعراض الإصابة بكوفيد-19 على مجموعة كبيرة من السكان حيث لا يشعرون بضيق في عملية التنفس أو  سعال أو ارتفاع في درجة الحرارة أو حتى فقدان حاسة الشم.

وفي هذا الصدد، قام عدد من الباحثين من بينهم الدكتور جوان أكونا، أستاذ مشارك ورئيس قسم الأوبئة والصحة العامة في جامعة خليفة، ببحث الحالات المصابة بكوفيد-19 التي تظهر عليها الأعراض والحالات التي لا تظهر عليها بهدف تحديد الخصائص الديموغرافية الاجتماعية وسجل تنقلات المريض وطبيعة العمل والأمراض المزمنة. وضم الفريق البحثي كلًا من الدكتور رامي الرفاعي ولؤي أحمد من معهد الصحة العامة في جامعة الإمارات العربية المتحدة وفريدة إسماعيل الحوسني وبشير عدن وشما عبدالله المعمري وشرينة خميس المزروعي من مركز أبوظبي للصحة العامة.

ونُشرت الدراسة الأولى من نوعها في مجال الحالات الإيجابية لفيروس كوفيد-19 في الدولة في المجلة العلمية المرموقة "بلوس ون"، وتسلط الضوء على العلاقة المحورية التي تربط بين الخصائص الديموغرافية الاجتماعية والأمراض المزمنة من جهة والأعراض الحالية من جهة أخرى.

وفي بحث الدكتور جوان، تم فحص ما نسبته %82.2 من المقيمين، حيث بلغت نسبة الحالات المصابة التي تظهر عليها الأعراض %43.5. وفي هذا الإطار، قام الباحثون بتحديد الخصائص المرتبطة بالأعراض الظاهرة على مصابي كوفيد-19 وكشفوا وجود علاقة بين كبر السن وطبيعة العمل والأمراض المزمنة وظهور أعراض المرض.

وأكد الباحثون على أن الإصابة بفيروس كوفيد-19 تُظهر أعراضها عند كبار السن وعند الأفراد العاملين في قطاع الرعاية الصحية والطيران والخدمات السياحية، كما تظهر أعراض الفيروس عند الأشخاص المصابين بمرض مزمن واحد كحد أدنى.

ويحظى المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم بالحمل الفيروسي نفسه لدى المرضى من ذوي الأعراض، حيث تشكل نسبة الإصابات ذات الأعراض الشديدة أو المتوسطة ما يُقارب الـ%80، وهو ما يُعتبر أمرًا جيدًا لأن عدم ظهور الأعراض وعدم المعرفة به قد تتسبب في انتشاره بين الأفراد دون وعي بذلك.

وينتج عن السعال، وهو أحد أبرز أعراض الإصابة بكوفيد-19، انتقال الجسيمات الفيروسية بشكل أكبر  عنه كما هو الحال في انتقاله من خلال الكلام أو التنفس والذي يعني وبشكل واضح الإصابة بعدوى الفيروس. أما بالنسبة للمصابين الذين لا تظهر عليهم الأعراض قد يتواصلون مع أفراد المجتمع مساهمين في انتشار الفيروس دون علمهم.

من جانبه، قال الدكتور جوان: "تشمل استراتيجية احتواء تفشي فيروس كوفيد-19 مراقبة عدد كبير من الأشخاص المصابين بالفيروس وفحصهم، حيث أثبتت تقارير أول حالتين أظهرتا أعراض المرض أنهما لعضوين من فريق سباق الدراجات الذين وصلوا إلى دولة الإمارات في فبراير، كما تمت مراقبة وفحص 693 فرد خلال يومين. ويتيح تعقب وفحص هذه المجموعة إمكانية الكشف عن عدد الأفراد الذين يُحتمل أن يكونوا ناقلين للفيروس دون ظهور أية أعراض عليهم".

ووفقًا لنتائج هذا البحث، شكل المصابون الذين لا تظهر عليهم الأعراض الأغلبية، حيث ظهرت الأعراض على المصابين من ذوي الأمراض المزمنة كمرضى السكري والضغط.

وأضاف الدكتور جوان: "تشير الإصابة بالأمراض المزمنة إلى كبر سن الشخص المريض وبالتالي انخفاض مستوى جهازه المناعي، حيث يعاني مرضى السكري من نقص في الطاقة في الخلايا المناعية، والذي يُضعف بدوره مستوى استجابة جهاز المناعة للفيروس، بينما تساهم أدوية مرضى الضغط التي تقوم بخفض مستويات ضغط الدم في زيادة مستوى الحمل الفيروسي لدى المريض، الأمر  يؤدي إلى ظهور أعراض الفيروس".

أظهر البحث أن نسبًة كبيرة من حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 في إمارة أبوظبي كانت دون ظهور أعراض والذي يعني ضرورة اتباع إجراءات الوقاية وزيادة مستوى الوعي بين الأفراد. وتعتبر تلك الحالات معيارًا أساسيًا لمزيد من الدراسات في المستقبل، بينما يعتبر الربط بين الأعراض والمخالطة والعمر وظروف العمل أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لتحقيق الوقاية الصحية العامة وفرض الإجراءات الاحترازية. يذكر أن أهمية معرفة احتمالية ظهور الأعراض أو عدمها تكمن في تعزيز  حماية السكان ومكافحة انتشار الفيروس.