فريق بحثي من جامعة خليفة يطور نماذج لمواد قادرة على التقاط الكربون من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون

تظل مسألة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون قضية عالمية محورية نظرًا للاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة، ويعتبر الحد من انبعاثات الغاز المسبب للاحتباس الحراري أمرًا في غاية الأهمية في مواجهة مشكلة تغير المناخ.

وتتمثل إحدى الطرق المساهمة لحل ذلك في التقاط غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة بشكل مباشر من مداخن محطات الطاقة قبل وصولها للغلاف الجوي.

وفي هذا الصدد، يقوم الدكتور لورديس فيغا، مدير مركز جامعة خليفة للبحث والابتكار  في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين وأستاذ الهندسة الكيميائية، بالإشراف على فريق بحثي تعاوني يسعى إلى تحليل العديد من المواد بهدف تحديد قدرتها على التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون وفصله بعد عملية الاحتراق.

وضم فريق الباحثين كلًا من العالم البحثي الدكتور دانييل باهامون والدكتورة مريم خليل، الأستاذة المساعدة في الهندسة الكيميائية وكلاهما من جامعة خليفة، إلى جانب الدكتور سانتياغو بيليس من جامعة الدراسات الإدارية والمالية والمعهد التكنولوجي في كولومبيا والطالب وي أنلو من جامعة الصين للبترول والذي قضى 6 أشهر في مركز جامعة خليفة للبحث والابتكار  في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين للقيام بجزء من هذه الدراسة. وقام الباحثون بنشر مشروعهم البحثي في المجلة العالمية المرموقة "فرونتيرز إن كيميستري" في يناير  هذا العام.

من جانبه، قال الدكتور لورديس: "تلعب استراتيجيات الحد من انبعاثات الغازات كالتقاط ثاني أكسيد الكربون وحفظه والاستفادة منه دورًا هامًا في التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والذي يؤثر بشكل إيجابي على مشكلة تغير المناخ العالمية، وتكمن المنهجية الرئيسة لتحقيق ذلك في تجميع غاز ثاني أكسيد الكربون بعد عملية احتراقه في محطات الطاقة التي تعتمد على الوقود الأحفوري وفي المصانع الكيميائية".

يعتبر ثاني أكسيد الكربون ثاني أكبر  مكون للغازات المنبعثة من المداخن بنسبة تتراوح ما بين %4 إلى %25 حسب مصدرها. وعلى الرغم من توفر التكنولوجيات التي تساهم في جمع غاز ثاني أكسيد الكربون قبل وصوله للغلاف الجوي، إلا أن لها العديد من الآثار السلبية.

وتعتبر  المحاليل المائية الأمينية، وهي محاليل تحتوي على المياه ومواد أمينية لمركبات عضوية مستخرجة من الأمونيا وتتكون من  ذرات النيتروجين المرتبطة بذرات الهيدروجين والكربون، محاليل فعالة في التقاط ثاني أكسيد الكربون، لذلك فهي تُستخدم في تطبيقات تجميع ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع كتكنولوجيا متطورة في التقاط الكربون، لكن تكمن سلبيات هذه التكنولوجيا في الحاجة إلى زيادة درجة حرارة المحلول الأميني لفصل ثاني أكسيد الكربون عنه والذي يتطلب مزيدًا من الطاقة قد ينجم عنها فقدان بعض المواد الأمينية.

وتعد مواد الامتصاص الصلبة الحل البديل للعيوب المترتبة على استخدام المياه الأمينية لقدرتها على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، إلا أن أداء بعض المواد الصلبة قد يكون أفضل من غيرها من المواد. وفي هذا الإطار، ركزت دراسة الدكتور لورديس على البحث عن أكثر المواد فعالية في التقاط الكربون.

تتميز  مواد الامتصاص الصلبة باحتوائها على مسامات سطحية ذات فعالية كالمعادن العضوية التي تتسم بالاستقرار وبإمكانات كبيرة في تدوير ثاني أكسيد الكربون واستهلاك منخفض للطاقة، الأمر الذي يؤهلها لتكون الخيار الأفضل لجمع غاز ثاني أكسيد الكربون دونًا عن غيرها من المواد الماصة الصلبة الأخرى.

تعتبر المعادن العضوية وحدها حلًّا غير كاف لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من مداخن الغاز  بمقدار طاقة منخفض. ولمواجهة ذلك، وجه الباحثون أنظارهم إلى المعادن العضوية الأمينية التي تعزز المواد الأمينية فيها عملية امتصاص ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال، حيث تجمع هذه المواد مزايا كل من المواد المعدنية العضوية والأمينية.

وأضاف الدكتور لورديس: "توفر عمليات المحاكاة الجزيئية دراسة منهجية ودقيقة للعديد من المتغيرات المتعلقة بالدراسة، حيث يمكننا التحكم بتأثير المعادن العضوية على أداء النظام، الأمر الذي يجعل من نماذج المحاكاة أداة فعالة في تصميم المواد".

وقد استخدم الفريق البحثي نماذج المحاكاة الجزيئية للكشف عن العلاقة بين هياكل مختلف أنواع المعادن العضوية الأمينية وأدائها في التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون.

وقال الدكتور لورديس: "عندما نتوصل لأفضل المواد، سيتم تصنيعها واختبارها في مفاعل ضمن الشروط المطلوبة لالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من مصادره المختلفة".

تعتبر الدراسة البحثية التي أجراها فريق الدكتور لورديس إنجازًا هامًا لتطوير الحلول الفعالة والمستدامة في مجال حفظ الكربون والاستفادة منه كجزء من الجهود التي يقوم بها مركز جامعة خليفة للبحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الرامي إلى إيجاد أفضل المواد لإنتاج الطاقة النظيفة.