باحث من جامعة خليفة يكشف عن أهمية دور تكنولوجيات جمع الكربون وتحويله في تنظيف الغلاف الجوي والاستفادة من ثاني أكسيد الكربون تجاريًا

ترجع أسباب التقلبات المناخية والجوية الشديدة بشكل رئيس إلى تزايد نسب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

اعتمد المجتمع الدولي في العام 2015 اتفاقية باريس للمناخ التي اتفقت فيها جميع الدول على الحد من ارتفاع المعدل العالمي لدرجة الحرارة لتصل إلى أقل من 2 درجة سلسيوسية مقارنة بالمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وبعد التغير النوعي من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة، تم اقتراح التوسع في تكنولوجيات جمع الكربون وحفظه بهدف التقليل من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري والاستفادة الاقتصادية من غاز ثاني أكسيد الكربون التي تتمثل في استخدامه كمادة خام تساهم  في إنتاج المواد الكيميائية في نطاق الاقتصاد الدائري المرن.

وتحظى البحوث التي تركز على الاستراتيجيات المتكاملة لجمع الكربون وتحويله باهتمام أقل مقارنة بالبحوث التي تركز على تكنولوجيات جمع ثاني أكسيد الكربون، لا سيما وأن استراتيجيات جمع الكربون وتحويله تتطلب جمع غاز ثاني أكسيد الكربون من مصدره وتحويله لغاز يمكن الاستفادة منه بالاستعانة ببعض المواد الكيميائية خلال عملية التحويل.

وفي هذا الصدد، قام الفريق البحثي الذي ضم كلًا من الدكتور جيمس مينا والأستاذة جينيفر برنغل والأستاذ جوزيليتو  رازال من جامعة ديكن الأسترالية والدكتورة سوزانا نونيس من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية والدكتور فاوستو غالوتشي من جامعة آيندهوفن للعلوم والتكنولوجيا في هولندا، إضافة للدكتورة لورديس فيغا، مديرة مركز جامعة خليفة للبحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين، بنشر ورقة بحثية في المجلة العلمية المرموقة "شيم ساس شيم" لتقييم أحدث التطورات المتعلقة بجمع وتحويل ثاني أكسيد الكربون من غازات المصانع والهواء الجوي.

وظهرت تكنولوجيات جمع الكربون وحفظه في العديد من العمليات التجريبية عالميًا، وتتضمن في العادة جمع غاز ثاني أكسيد الكربون من مصادر انبعاثات الغاز كمحطات الطاقة، ومن ثم يتبعها عمليات ضغط الغاز وحفظه لأمد طويل في مواقع معينة. وعلى الرغم من إمكانية الاستفادة من تكنولوجيات جمع غاز ثاني أكسيد الكربون وحفظه من مصادره التي قد تكون كبيرة وبمستويات عالية التركيز، إلا أنها غير عملية في مجال المصادر الصغيرة والموزعة كما هو الحال في وسائل النقل وأنظمة التدفئة السكنية.

وفي هذا الإطار، تظهر الحاجة إلى التكنولوجيات القادرة على استخلاص غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر من الغلاف الجوي عندما يكون الهدف منها الحد من انبعاثات غاز الكربون، وتُسمى (تكنولوجيات جمع الغاز المباشرة) وتتمتع ببعض الخصائص التي تميزها عن التكنولوجيات التقليدية الأخرى، إلا أنها في نفس الوقت مكلفة اقتصاديًا وتستهلك كمًا كبيرًا من الطاقة. لذلك، لا بد من تطوير مواد جديدة مستدامة وذات فعالية في مجال الطاقة والعمليات القادرة على جمع وتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر من الغلاف الجوي بهدف التقليل من متطلبات الطاقة والحد من مخاطر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

أكد الباحثون في مشروعهم البحثي على أهمية تنفيذ تفاعلات التحويل باستخدام الطاقة المتجددة وضرورة استخدام المواد الكيميائية والمحفزات المُنتَجة بطرق مستدامة. ولتوضيح ذلك، تنبعث خلال عملية إنتاج غاز الميثانول عبر تفاعل ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين المستخرج من الغاز الطبيعي غازات ثاني أكسيد الكربون بمقدار ثلاثة أضعاف عمليات الإنتاج الصناعي التقليدية، بينما شكل التفاعل نفسه انخفاضًا ملحوظًا في نسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وصلت إلى %58 عندما تم استخدام الهيدروجين المستخرج من طاقة الرياح.

تحظى تكنولوجيات جمع الكربون وتحويله بإمكانات كبيرة على صعيد التوسع في استخدامها تجاريًا على الرغم من وجود بعض التحديات التكنولوجية الرئيسة التي تحول دون التقدم في هذا المجال، إلا أن البحوث المكثفة قد تتغلب على تلك التحديات. لذلك، تركز عمليات البحث والتطوير التي تُنفّذ في الوقت الحالي في مركز البحث والابتكار في الكربون والهيدروجين في جامعة خليفة على التصدي لتلك التحديات وإيجاد الحلول المستدامة لها.