تشير الطريقة التي نسير بها إلى حالتنا الصحية، حيث يدلّ تحليل طريقة المشي، وهي الإيقاع الفريد لحركة الشخص وأنماط حركته، إلى الاضطرابات العصبية والحالات العضلية الهيكلية وأمراض القلب والأوعية الدموية. ويتطلب تقييم المشي عادةً مقاييس أساسية لطول الخطوة أو سرعتها، ولكن أحدثَ التقدّم في النمذجة العضلية الهيكلية، نقلة نوعية في هذا المجال.
استعرض فريق بحثي من جامعة خليفة شمل كلًّا من محمد عبد الله وعبد العزيز حليك وراتب كاتماي والدكتورة كيندا خلف والدكتور مروان الرتش، هذه التطورات من خلال مراجعتهم البحثية التي نُشرت في المجلة العلمية "نيورو إنجِنيرِنغ آند ريهابِلِتيشن"، المعنيّة بالهندسة العصبية وإعادة التأهيل والمصنّفة في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية، والتي قدّموا من خلالها نبذةَ عن الأنظمة المختلفة الحالية التي تُستخدم لمحاكاة تفاعل عدة مكوّنات وتطبيقاتها العملية المحتملة.
تُحاكي النماذج العضلية الهيكلية الديناميكا المعقدة لجسم الإنسان والمعنيّة بميكانيكا المفاصل والقوى العضلية، حيث تضع هذه النماذج تقديرات مفصلة وتمثيلات لكيفية انتقال القوى من خلال العظام والعضلات والمفاصل أثناء الحركة من خلال دمج البيانات التي تحصل عليها أنظمة التقاط الحركة ومعدّات قياس القوة وتخطيط كهربائية العضل، كما تسمح هذه الدقة للباحثين باستكشاف آلية مشي الناس وما الذي قد يؤدّي إلى انحراف أنماط مشيتهم بسبب الإصابة أو الشيخوخة أو المرض.
من جهته قال الدكتور مروان: "لا تقتصر وظيفة النمذجة العضلية الهيكلية على تقديم معلوماتٍ متعلّقة بما نلاحظه ونقيسه ببساطة بشكل غير جراحي، وإنّما تتيح لنا هذه الأدوات التنبؤ بقوى العضلات وتقييم تصاميم الأجهزة المزروعة، إضافةً إلى تحسين البروتوكولات المتعلّقة بإعادة التأهيل".
تُحدِث تطبيقات النمذجة العضلية الهيكلية تأثيرًا بالفعل، فهي تعيد تشكيل ملامح مجال جراحة العظام وإعادة التأهيل من خلال تطوير تصاميم الأطراف الاصطناعية ومحاكاة سلوك الأجهزة المزروعة تحت ضغوط الحياة الواقعية، كما تسمح عملية دمج نمذجة العناصر المحدودة مع الأنظمة العضلية الهيكلية، للباحثين بالتنبؤ بالضغوط على الأنسجة مثل الغضروف، وهو ما يسهم في تعزيز فعالية التدخلات الجراحية.
من جهةٍ أخرى، لاحظ الباحثون فجوة أساسية واحدة، ألا وهي غياب نماذج العضلات والعظام المبنيّة على جسد الأنثى، حيث يؤكّد هذا النقص أهمية وضع نماذج شاملة تمثّل فئات سكانية متنوعة على نحوٍ أفضل.
أضاف الدكتور مروان: "تستمر النمذجة العضلية الهيكلية في توسيع آفاق كيفية فهمنا لحركة الإنسان وتحسينها، على الرغم من التحديات التي تواجهها والتي تشمل المتطلبات الحوسبية العالية والقدرة المحدودة على اختبارها وإثبات مصداقيتها على أرض الواقع".