توضح الدراسة الجديدة آثار ارتفاع درجات الحرارة على فعالية الصخر الزيتي وقدرته على التخزين وانعكاس ذلك على الطاقة وتخزين ثاني أكسيد الكربون والاستراتيجيات البيئية 
الكشف عن إمكانات الصخر الزيتي في الطاقة وتخزين الكربون من خلال دراسات تركز على درجات الحرارة العالية 

مع تزايد أهمية تقنيات استخراج الطاقة الحرارية الأرضية واحتجاز الكربون وتخزينه، ازداد الطلب على مصادر طاقة أنظف وأكثر كفاءة، حيث يقوم الصخر الزيتي، وهو صخرة رسوبية غنية بالمواد العضوية، بدورٍ بالغ الأهمية في كافّة هذه العمليات. ولكن يعتبر فهم آلية تغيّر خواصه الميكانيكية التي تشمل قوته ومرونته ومقاومته للتشوه، كلما نضج أكثر تحت تأثير درجات الحرارة والضغط العاليين، محدودًا على الرغم من أهميته. وساهمت هذه الفجوة في توفير العديد من المعلومات حول آثاره الكبيرة وأوجه القصور في عملية استخراج الغاز والفشل المحتمل عند تخزين الكربون وعدم الاستقرار في أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية، القطاعاتَ الصناعية أموالًا طائلة. 

كشف فريق بحثي بقيادة الدكتور محمد عارف من جامعة خليفة عن كيفية تحوّل الصخر الزيتي ميكانيكيًا مع انتقاله من مرحلة النضج إلى مرحلة النضج المفرط، واستخدم الفريق البحثي الفحص المجهري للقوة الذرية واختبار الانضغاط النانوي، وهما تقنيتان متقدمتان تسمحان للعلماء بمراقبة القوة وقياسها على نطاق ذري، حيث وضحت النتائج التي توصلوا إليها كيفية تطوّر الخصائص الهيكلية الصخر الزيتي، وقدّمت معلومات هامّة قد تعزّز كفاءة تطبيقات الطاقة والبيئة وسلامتها. 

نشر الدكتور محمد مع باحثين من جامعة الصين للبترول، النتائج التي حصلوا عليها في المجلة العلمية "إنترناشيونال جورنال أوف روك ميكانِكس آند ماينِنغ ساينس"، المعنيّة بميكانيكا الصخور وعلوم التعدين والمصنّفة في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية.    

وأوضح الدكتور محمد قائلًا: "تؤثّر الخصائص المجهرية الصخر الزيتي في مراحل النضج المختلفة تأثيرًا مباشرًا على تصميم ونجاح عمليات استخراج الغاز وتخزينه، هل يُصبح الصخر الزيتي يقوى أم أضعف كلما ارتفعت درجة حرارته؟ وكيف تؤثر هذه التغييرات على ملاءمته للتصديع المائي أو تخزين ثاني أكسيد الكربون؟ فعلى سبيل المثال، يُحقن كلٌّ من الماء والرمل والمواد الكيميائية في الصخر الزيتي أثناء التكسير الهيدروليكي لإطلاق الغاز، الأمر الذي يتطلب معرفة كيفية استجابة الصخور عندما تتعرّض لضغط شديد، في حين اكتفت الدراسات السابقة بتقديم معلومات واسعة النطاق افتقرت إلى التفاصيل النانوية اللازمة للحصول على فهم حقيقي لسلوك الصخر الزيتي". 

إضافة إلى ذلك، باتت الحاجة إلى تخزين آمن ودائم لثاني أكسيد الكربون أمرًا هامًّا في إطار احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، ويتطلب حقن ثاني أكسيد الكربون في رواسب الصخر الزيتي، التي يجب أن يُحتجز فيها بشكل آمن لفترات طويلة، معرفةً دقيقة بكيفية استجابة الصخر الزيتي للتعرّض طويل المدى لدرجات الحرارة والضغوط المرتفعة، كما تضطلع الخواص الميكانيكية للصخور بدور أساسي في تطبيقات الطاقة الحرارية الأرضية، حيث يُعتبر من المهم التنبؤ بما إذا كان بإمكان الصخور الاحتفاظ بالاستقرار في ظل درجات الحرارة ومعدلات الضغط المتقلبة. 

توفر هذه الدراسة دعامة أساسية لتصميم أنظمة طاقة بيئية أكثر أمنًا وكفاءة، من خلال التركيز على كيفية تأثير التغيرات الناجمة عن درجة الحرارة على قدرة الصخر الزيتي على تحمل الضغط ومقاومة التكسير.  

وفي السياق، أجرى الفريق البحثي دراسة على عيّنات من تكوين لونغماكسي الجيولوجي، وهو مصدر صخري معروف يقع في حوض سيتشوان في الصين، بتقنية الانحلال الحراري، وهي عملية يتم التحكم فيها تجري تحت درجات حرارة عالية تحاكي التطور الطبيعي للصخور في ظل ظروف الطاقة الحرارية الأرضية. ولاحظ الفريق تغيّرات في صلابة المواد بالتزامن مع تسخين الصخر الزيتي، إضافةً إلى تغييرات هيكلية في شبكة مسام الصخور.   

قال الدكتور محمد: "يُفضي هذا التكثيف إلى آثار كبيرة على التصديع المائي، حيث يتطلب نسيج الصخرة الأكثر صلابة والذي يحتوي على فراغات مسامية أصغر، استراتيجيات تكسير مختلفة لإطلاق الغاز بكفاءة، كما يشير الهيكل الأكثر كثافة إلى تحسين القدرة على حبس الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون، ما يعزز ملاءمة الصخور لعزل الكربون". 

تعتبر هذه الدراسة، من خلال تسليط الضوء على التطوّر الميكانيكي للصخر الزيتي، قاعدة أساسية لابتكار استراتيجيات أكثر كفاءة وموثوقية فيما يتعلق باستخراج الغاز الطبيعي وعزل الكربون والطاقة الحرارية الأرضية، وسيستفيد قطاع الطاقة من الابتكارات التي تجعل استخراج الطاقة أكثر إنتاجية ومسؤولية من الناحية البيئية مع استمرار الباحثين في استكشاف خصائص الصخر النانوي، كما ستسهم المعلومات التي تُكسبنا إيّاها هذه الدراسة في تحقيق الاستفادة القصوى من الصخر الزيتي في مجال الطاقة المستدامة.