نشر واكين فياريال باراغان، طالب دكتوراه في قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة خليفة ورقة بحثية بالتعاون مع الدكتور ميرة موسى وتحت إشراف الدكتورة نيبور كولي، للدعوة إلى القيام بتعديلات في السياسات لتسهيل عملية جمع وتخزين واستخدام الأحبال السرية التي تُرمى عادةً، حيث قال واكين أن بإمكان المستشفيات في دولة الإمارات من خلال التصدّي للعوائق المتعلقة بالرقابة وتنفيذ بروتوكولات موحّدة، أن تسهم في تطوير الطب التجديدي، إضافةً إلى تعزيز مكانة الدولة كرائدة في هذا المجال الناشئ، لتحسّن بذلك النتائج التي يحصل عليها المريض وتخفّف من الأعباء المتعلقة بالمرض في الدولة والمنطقة. وقد نشر الفريق البحثي نتائج عملهم في المجلة العلمية "غولف إديوكيشن آند سوشيال بوليسي ريفيو".
يرجع السبب في هذا الاهتمام إلى اكتشاف أن الأحبال السرية باتت مصدرًا هامًا في مجال الطب التجديدي، فقد تُسهم في علاج أمراض مزمنة كالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية والتي تعاني منها نسبة كبيرة من شعب دولة الإمارات، نظرًا لكونها غنيّة بالخلايا الجذعية المتعلقة باللحمة المتوسطة.
تحتوي الحبال السرية على مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا تشمل الخلايا الجذعية اللحمية المتوسطة والخلايا الغنية بالبروتينات القابلة للذوبان التي يُفرزها الكائن الحي والمشتقة من هلام وارتون، وهو النسيج المخاطي داخل الحبل السري. وتتعدد قدرات الخلايا الجذعية اللحمية المتوسطة بأسلوب يتيح لها التحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا، بما في ذلك العظام والغضاريف والدهون وحتى الخلايا العصبية، حيث تجعلها هذه المرونة أداة قيّمة لعلاج الحالات المرضية التي قد تتعدد لتشمل إصابات الحبل الشوكي واضطرابات المناعة الذاتية.
يتم الحصول على الخلايا الجذعية المتعلقة باللحمة المتوسطة في الأصل من نخاع العظام أو الأنسجة الدهنية، وغالبًا ما كانت مكلّفة وتتطلب تدخّلًا جراحيًا للحصول عليها، في حين توفر الحبال السرية بديلًا غير جراحي وسليم أخلاقيًا، ولكن تقضي سياسات المستشفيات الحالية في دولة الإمارات بالتخلص من هذه الحبال كنفايات طبية على الرغم من إمكانياتها، ما يؤدي إلى تفويت فرصة الاستفادة من فعاليتها العلاجية.
تواجه دولة الإمارات معدلات انتشار عالية للأمراض المزمنة، حيث يعاني حوالي 17.3% من السكان من مرض السكري من النوع الثاني، ولا تزال أمراض القلب والأوعية الدموية سببًا رئيسًا للوفاة. وأظهرت التجارب الطبية على الخلايا الجذعية اللحمية المتوسطة نتائج واعدة فيما يتعلق بالتصدي لهذه الحالات، حيث يمكنها تجديد خلايا بيتا المنتجة للأنسولين وتقديم علاج محتمل لمرض السكري، كما تساعد خصائصها وعائية المنشأ والقادرة على التعديل المناعي، في إصلاح أنسجة القلب التالفة وتحسين صحة الأوعية الدموية.
أنشأت دول كإسبانيا والمملكة المتحدة نظام بنكي وطني للحبال السرية، كما توجد في دولة الإمارات خدمات خاصة بحفظ دم الحبال السرية الخاصة بدولة الإمارات، إلا أنه لا يمكن الوصول ولا تتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب والكافي سبب انخفاض مستوى الوعي العام.
أكّد واكين على ضرورة تبنّي الإمارات نهجًا متعدد الجوانب للاستفادة من الإمكانات العلاجية للحبال السرية، وقال في هذا الصدد: "يمكن لمنشأة تدعمها الحكومة مثل بنك حيوي وطني لتخزين الحبل السري، أن يُكلَّف بمهمة جمع الحبال السرية ومعالجتها وتخزينها، ما يضمن المساواة في فرص الحصول على الخلايا الجذعية المتعلقة باللحمة المتوسطة للأغراض البحثية والعلاجية، كما يضمن دمج عملية جمع الحبال السرية مع خدمة الرعاية التي تسبق الولادة وعند الولادة إمدادًا ثابتًا، ويضطلع تثقيف الوالديْن الجدد حول فوائد التبرع بالحبل السري بدور بالغ الأهمية. إضافةً إلى ذلك، من شأن تبسيط عملية الموافقة على العلاجات التي تستخدم الخلايا الجذعية والتماشي مع الإرشادات الدولية أن يسرّع اعتماد هذه العلاجات".
يُتوقّع أن يؤدي تبنّي هذه التعديلات إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كرائدة في مجال الطب التجديدي، ويمكن لدولة الإمارات أن تقود الجهود المبذولة لمعالجة الأمراض المزمنة والنهوض بالصحة العالمية، من خلال تحويل النفايات إلى موارد.
ومن جهتها قالت الدكتورة نيبور كولي، الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية، والباحثة الرئيسة: "يؤكّد هذا البحث المتطور على الدور الرائد الذي تؤدّيه جامعة خليفة في دفع عجلة الابتكار العلمي، كما أنه يتماشى مع الرؤية الطموحة لدولة الإمارات لإعادة تشكيل قطاع الرعاية الصحية والنهوض بالحلول الطبية المستدامة، حيث يستكشف هذا العمل القدرة الهائلة التي تتميّز بها إعادة استخدام النفايات الحيوية وخاصة أنسجة الحبل السري، كمورد قوي للعلاج بالخلايا الجذعية، على إحداث تغيير، كما أنّه يقدم حلولًا مبتكرة يمكن أن تُحدث ثورةً في خدمات الرعاية الصحية في دولة الإمارات، ما يسهم في تعزيز الجهود المحلية والعالمية لتحسين الطب التجديدي. ويسلط البحث الضوء أيضًا على التزام جامعة خليفة بقيادة عملية القيام بالبحوث العلمية التي تتصدّى تصدّيًا مباشرًا للتحديات الصحية الأكثر إلحاحًا في البلاد."