تعاون فريق من الباحثين في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا مع باحثين آخرين في بحث جديد لتحسين تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف والتي برزت كعامل رئيس في قطاعات الطيران والفضاء والسيارات والهندسة الطبية الحيوية، كونها مواد متطورة خفيفة الوزن وتتسم بالمرونة، حيث تتطلب هذه القطاعات مواد عالية القوة وخفيفة الوزن، بحيث تكون قادرة على تحمل القوى الهائلة، سواءً في أجنحة الطائرات أو في مفاصل الأطراف الاصطناعية. وتُصَنَّع مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف غالبًا عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد، ما يتيح لها التمتع بمقاومة نوعية عالية، إلّا أنها عُرضَة للضعف فيما يُعرَف بحد المتانة (ويُعرَف أيضًا بمتانة الانكسار، ويُقصَد به مدى مقاومة المادة لظهور التشققات والتصدعات)، وذلك نظرًا للطابع متعدد الجوانب الذي يميز التصنيع بالإضافة (الطباعة ثلاثية الأبعاد). من جهة أخرى، يسلّط البحث الجديد الضوء على التطورات الهائلة في حد المتانة، والتي تبشّر بتوسيع نطاق استخدام مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف عبر تطبيقات صناعية واعدة.
تضمن الفريق البحثي كلًا من الدكتور طيب خان والدكتور مراد علي والأستاذ الدكتور حيدر بوت والأستاذ الدكتور راشد أبو الرُّب والأستاذ الدكتور ريحان عمير من جامعة خليفة وزكية رياض من جامعة شانغهاي جياو تونغ في الصين ويو دونغ من جامعة كيرتن في أستراليا، ونشر الفريق بحثه في "كومبوزِتس بارت بي"، والتي تندرج ضمن أفضل المجلات العلمية المتخصصة في الهندسة على مستوى العالم.
من جهته قال الأستاذ الدكتور ريحان عمير: "تُصَنَّع مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف بدمج الألياف كالكربون والزجاج أو حتى الألياف الطبيعية في منظومة بوليمرات، ويُسهم هذا المزيج في تحسين الخواص الميكانيكية كمتانة القوام والمرونة ومقاومة الإجهاد ويُنشئ مواد ملائمة للظروف القاسية، كما يسهم التصنيع بالإضافة (الطباعة ثلاثية الأبعاد) في إنتاج هذه المُركَّبات بمخلفات وتكلفة أقل، إلا أن الحدود الطبقية الداخلية لمُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف والمطبوعة باستخدام هذه التقنية اعتُبرت سابقًا أحد نقاط الضعف، لأنها تجعلها عُرضَة للتشقق والانفصال إلى طبقات تحت تأثير الضغط".
راجع الفريق البحثي إمكانية تحسين حد المتانة من خلال تحقيق أكبر قدرٍ من الفائدة من معلمات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتعزيز الطبقات الداخلية وتقليل نقاط الضعف، وأظهرت عوامل كدرجة حرارة الفُوّهة وسرعة الطباعة وسمك الطبقات، بل وحتى الخصائص الهندسية للفُوّهة نفسها، تأثيرًا كبيرًا على صلابة المُركَّبات المطبوعة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
أظهرت الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة تؤدي إلى التحام بين الطبقات في مُركَّب مطبوع باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وتحسين مستويات القوة بين سطحي المُركَّب، ما يعني تقليل احتمالات ظهور التشققات، وهو ما يؤدي إلى خفض هائل في احتمالات الانفصال إلى طبقات،إضافةً إلى ذلك، يؤدي خفض سرعة الطباعة إلى زيادة وقت الالتحام المادي وإنتاج طبقات أقوى، كما تسهم زيادة كثافة الطبقات في تقليل عدد الحدود فيما بينها، ما يجعل المُركَّبات أكثر مقاومة للكسور التي تبدأ في الظهور بين طبقاتها".
أضاف الأستاذ الدكتور ريحان: "تظل عيوب التصنيع كالفراغات والتشققات والمسام تحديًا أمام مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف، بالرغم من هذه التطورات، ويمكن أن تظهر المسام غير المقصودة بين الطبقات أو عند حدودها وتقلل القوة الميكانيكية وتزيد احتمالات ظهور التشققات والكسور، ومن شأن تقنيات كالمعالجة الحرارية والتلميع بالليزر أن يساعد في تقليل الفراغات السطحية والداخلية إلى أدنى حدٍ ممكن، في الوقت الذي أظهرت فيه الطباعة في البيئات الفارغة أيضًا نتائج واعدة بتقليلها المسام في عناصر مُركَّبات البوليمر المُعَزَّزَة بالألياف".
وأشار الفريق البحثي أيضًا إلى إمكانية أن يساعد التهجين، ويُقصَد به دمج نوعين من الألياف أو المزج بين بوليمرين مختلفين، في تحقيق توازن بين الخواص الميكانيكية، ويتمتع التهجين بإمكانية تخليق مواد ذات صلابة مُعَزَّزَة من دون التضحية بالمميزات المتعلّقة باستدامة التخصيص التي تتسم بها الطباعة ثلاثية الأبعاد".
وفي السياق، قال الأستاذ الدكتور ريحان: "نحن بحاجة إلى القيام ببحوث إضافية مستقبلًا لتطوير معايير لتقييم أداء حد المتانة في المُركَّبات المطبوعة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد". واختتم بقوله: "تعتمد الدراسات الحالية على المعايير العامة المستخدمة في الأجزاء المعدنية أو البلاستيكية، والتي قد تستفيد على نحو كامل من الخصائص المتميّزة للمُركَّبات المطبوعة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويمكن أن يؤدي تأسيس معايير جديدة إلى تحسين مستوى موثوقية هذه المُركَّبات وزيادة استخدامها في التطبيقات الحيوية".