تساهم أدوات الفحص القائمة على أحدث تقنيات الأنظمة الذكية في الكشف المبكر والتشخيص الدقيق لأمراض الشبكية التي أصبحت تمثّل تحديًا عالميًا متناميًا 
فريق بحثي دولي ضم باحثين من جامعة خليفة يطوّر أدوات فحصٍ مبتكرة للكشف عن أمراض الشبكية باستخدام الأنظمة الذكية

تُعتبر أمراض الشبكية السبب الرئيس للعمى على مستوى العالم، حيث لا يدرك نصف المصابين بها أنهم مصابون إلا بعد فوات الأوان، ما يستدعي الحاجةإلى الكشف والتشخيص المبكرين، خاصة أن عدد الأشخاص الذين يُعانون من أحد أشكال ضعف البصر عام 2019 بلغ 2.2 مليار شخص في جميع أنحاء العالم وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، مع تصنيف ما يقرب من مليار شخصٍ منهم ضمن الحالات التي يمكن الوقاية منها.  

شهد دمج تقنيات التعلم الآلي في الرعاية الصحية تطورات ملحوظة في المجالات الطبية المتعلقة بالرؤية والبصر، حيث أظهرت النماذج قدرات واعدة في فحص أمراض الشبكية الرئيسة التي يمكن أن تؤدي إلى ضعف البصر الشديد أو العمى إذا تُركت دون علاج.  

أجرى فريق من الباحثين بما في ذلك الدكتور بلال حسان من جامعة خليفة والأستاذ الدكتور نوفل ورغي تحليلًا متعمّقًا للنماذج الحالية لفحص أمراض الشبكية، ويسلط عملهم الضوء على كيف يمكن لتقنيات التعلم الآلي ونماذجه أن تعزز التشخيص والعلاج المبكريْن من خلال مساعدة الأطباء في تحديد تشوهات الشبكية من خلال تكنولوجيات التصوير المتطوّرة. وضم الفريق البحثي خبراء من جامعة خليفة بالتعاون مع هينا راجا وسياماك يوسفي من جامعة تينيسي وتيمور حسان من جامعة أبوظبي ومحمد عثمان أكرم من الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا في باكستان وهير راجا من معهد مارغالا للعلوم الصحية في باكستان وعلاء عبد الرزاق من وايل كورنيل للطب – قطر. ونشر الفريق النتائج التي توصّلوا إليها في المجلة العلمية "آرتيفيشال إنتِلِجِنس ريفيو"، المصنّفة ضمن أفضل 1% من المجلات العلمية. 

أوضح االبروفيسور نوفل: "يتم تشخيص ما يقرب من 50% من الأشخاص المصابين بأمراض الشبكية في الولايات المتحدة على سبيل المثال، بعد تقدم المرض بشكل ملحوظ، وينتج هذا التأخير عن الطبيعة الخبيثة للعديد من أمراض الشبكية، حيث لا تظهر الأعراض في كثير من الأحيان إلى أن يتسبب المرض في أضرار لا رجعة فيها، ومع ذلك، يمكن أن يغيّر التشخيص المبكّر الذي تسهّله الأنظمة الذكية، نتائج المرضى من خلال ضمان التدخل في الوقت المناسب.”  

ظهرت نماذج التعلم الآلي كأداة قيّمة للكشف المبكر عن أمراض الشبكية، فهي تتيح الفحص الفعال والدقيق لعدد كبير من السكان، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول فيها إلى المتخصّصين في العناية بالعيون، حيث يمكن لهذه النماذج تحليل صور الشبكية وتحديد التشوهات الهيكلية مثل آفات العين والاضطرابات في طبقات الشبكية، والتي يمكن أن تشير إلى البداية المبكرة لأمراض مثل اعتلال الشبكية السكري والمياء الزرقاء. 

يحدث اعتلال الشبكية السكري على سبيل المثال، نتيجةً لارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، ما يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية في شبكية العين، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر الكامل إذا تُرك دون علاج. وفي هذا الصدد، أظهرت النماذج المدربة على مجموعات واسعة من البيانات المتمثّلة في صور الشبكية، دقة ملحوظة في اكتشاف العلامات المبكرة لاعتلال الشبكية السكري حتى عندما لا تَظهر أعراضٌ على المريض، كما يمكن تشخيص داء المياه الزرقاء، الذي يُطلق عليه غالبًا "اللص الصامت للبصر"، مبكرًا من خلال نماذج تحليل طبقة الألياف العصبية الشبكية، حيث يؤدي الضغط المتزايد في العين عند الإصابة بالمياه الزرقاء إلى إتلاف العصب البصري، ويمكن تقييم سمك طبقات الشبكية واكتشاف العلامات المبكّرة للضرر من خلال نماذج الأنظمة الذكية هذه حتى قبل حدوث فقدانٍ كبير في البصر.  

أضاف الأستاذ الدكتور نوفل: "يُقدّم دمج تقنيات التعلم الآلي في الرعاية الصحية إمكانيات لا حصر لها بالتزامن مع تطورها المستمر، فقد تُحدث أدوات الفحص هذه ثورةً في مجال طب العيون وتقدم حلولًا مبتكرة فيما يتعلق بالتشخيص المبكر والتعامل مع أمراض الشبكية، من خلال التمكين من الكشف المبكر والتشخيص الدقيق".