يرى الباحثون أن تحليل آليات الأنهار الجوية سيساهم في الحد من آثارها على الاحترار العالمي
باحثون من جامعة خليفة وآخرون دوليون يجرون دراسة لفهم ظاهرة الأنهار الجوية في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالميًا

بحث فريق من جامعة خليفة في أسباب حدوث الفيضانات المفاجئة في مدن وقرى في الشرق الأوسط، حيث توصلوا إلى أن السبب الرئيس يعود لظاهرة "الأنهار الجوية". وقد نشر الفريق البحثي نتائج الدراسة التي أجراها في "مجلة البحوث الفيزيائية" المتخصصة في علوم الأرض.  

تُعرف الأنهار الجوية بأنها ممرات ضيقة من بخار الماء المُكثَّف على نطاق عالمي تنقل كميات هائلة من الرطوبة من المناطق المدارية إلى القطبين، حاملة معها الأمطار لإنعاش الحياة في المناطق الأشد جفافًا، لكنها تمتلك القدرة على التسبب بفيضانات كارثية في خطوط العرض المتوسطة والمرتفعة. وصارت ظاهرة الأنهار الجوية أكثر تكرارًا وأكثر كثافة أيضًا في ظل تسارع التغير المناخي، وهو ما يثير مخاوف عميقة بشأن تأثيراتها المستقبلية.  

وقام الفريق المكون من الدكتورة ديانا فرانسيس والدكتور ريكاردو فونسيكا وناريندرا نيللي، من مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة، بفحص تيارات الأنهار الجوية ودورها في الفيضانات الغزيرة التي داهمت مناطق من الشرق الأوسط خلال عام 2023، بالتعاون مع دينيز بوزكورت، من جامعة فالبارايسو في تشيلي وبن خوان، من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس. وأبرزت هذه الفيضانات غير المسبوقة التي تسببت في فوضى عارمة مدى قدرة الأنهار الجوية على إلحاق أضرار جسيمة بالمناطق غير المستعدة على نحو جيد لمواجهة تلك الأحداث الجوية.  

وقالت الدكتورة ديانا: "تحدث ظاهرة الأنهار الجوية في منطقة الشرق الأوسط على نحو أكثر تكرارًا وقوة في شهر مارس الذي يشهد حوالي 23% من تلك الأنهار، بينما تكون أقل تكرارًا وقوة خلال شهر نوفمبر. وتتسم الأنهار الجوية في منطقة الشرق الأوسط بانخفاض كثافتها نظرًا لجفاف المناطق المحيطة، وعلى الرغم من أن هطول المطر يمكن أن يكون نافعًا في المناطق شبه المدارية الأشد جفافًا وأثناء فترات الجفاف، إلا أن الأنهار الجوية قد تحمل معها كميات من المطر كافية للتسبب خطرًا يهدد الحياة".  

وتبين لأعضاء الفريق أن الفيضانات نجمت عن تيارات أنهار جوية سريعة قيدت حركة الماء في الجو بسبب تباينات شديد في الحرارة أو الضغط، وهو ما أدى إلى مرور كمية أكبر من بخار الماء في منطقة تختلف عن المنطقة المعتادة. وتبدو هذه التيارات ضئيلة في نطاق الأنهار الجوية الأكبر حجمًا، وهو ما يؤدي إلى صعوبة التعرف إليها في نماذج النشرات الجوية.  

وقالت الدكتورة ديانا: "يوجد عدد محدود من النماذج الدقيقة لحركة الماء في نهر جوي ضمن تيارات الأنهار الجوية. وتمهد النتائج التي توصلنا إليها الطريق لدراسات ومسارات بحثية جديدة. فعلى سبيل المثال، هل توجد النماذج المشابهة لتيارات الأنهار الجوية في كافة الأنهار الجوية أم في أنهار معينة فقط؟ تحتاج الدراسات إلى التركيز على الديناميكيات المسؤولة عن الأنهار الجوية على نحو أعمق والبحث في موسميتها وتنوعها، مستقبلًا".  

ويقول أعضاء الفريق أنه من الممكن التصدي للإجابة على هذه التساؤلات بتطوير نماذج لعدد أكبر من الأحداث الجوية الفردية وستكون المشاهدات الميدانية المخصصة شديدة الأهمية في تطوير نموذج للتنبؤ بالأحوال الجوية ومقياس تيارات الأنهار الجوية. ويأمل أعضاء الفريق أن تساعد هذه الدراسة في التوصل إلى نموذج تشغيلي للتخفيف من حدة التأثيرات المدمرة المحتمل أن تنجم عن الأنهار الجوية. 

واختتمت الدكتورة ديانا بقولها: "نتوقع أن تحدث ظاهرة الأنهار الجوية على نحو أكثر تكرارًا وكثافة مع ارتفاع درجات حرارة المناخ، خاصةً هنا في منطقة الشرق الأوسط. لذا، فإن فهم ديناميكياتها في المناخ الحالي سيساعدنا في التنبؤ على نحو أفضل بتغيراتها في المستقبل".