تطورت المركبات اليوم لتصبح أكثر من مجرد وسائل نقل، بل أصبحت جزءًا من نظام أكبر وأكثر تعقيدًا يسمى "إنترنت المركبات". يعتمد نظام إنترنت المركبات على تقنية الشبكات التي تسمح للمركبات بالتواصل مع بعضها البعض، مما يعزز من قدرتها على العمل بشكل أكثر استقلالية وكفاءة. ومع ذلك، يأتي هذا التطور التكنولوجي مع تحديات كبيرة فيما يخص الأمان وحماية البيانات، حيث يمكن أن تكون هذه الشبكات عرضة للهجمات الإلكترونية والمخاطر الأمنية الأخرى.
قال فريق من الباحثين من جامعة خليفة أن التدابير الأمنية التقليدية تركز عادة على وضع استراتيجيات دفاعية ثابتة وقوية تهدف إلى تعزيز الأمن ضد الاستخدام غير المصرح به والهجمات الضارة. ويرى الفريق أن آليات الدفاع هذه ليست كاملة، حيث يجب أن يكون هناك منهجية ديناميكية أمنية تكملها، وتُعرف هذه المنهجية بـ "الدفاع بالتغير المتواصل" القادرة على التكيف مع أي أخطار جديدة وناشئة تهدد الأمن الإلكتروني.
وفي هذا الصدد، قام كلٌّ من إسراء غراب والدكتورة شيماء ناصر والأستاذ الدكتور سامي مهيدات والأستاذ الدكتور محمود القطيري والأستاذ الدكتور إرنستو دامياني والدكتور باسكاليس سوفوتاسيوس، بوضع استراتيجية دفاعية مرنة تعتمد على التنوع الزماني المكاني لتعزيز الأمن في شبكات المركبات. وتشمل الاستراتيجية إضافة عُقد لإعادة ترحيل البيانات بشكل ديناميكي وضبط نسبة البيانات الوهمية المُدخلة بمرور الوقت، ما يخلق هدفًا متغيرًا للهجمات الإلكترونية المحتملة. وقد نشر الفريق البحثي نتائج مشروعهم في المجلة العلمية الدولية "فِييكيُلَر كوميونيكيشنز" المعنيّة باتصالات المركبات والمصنّفة في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية.
تُعتبر شبكات المركبات ديناميكية للغاية وتتطلب استجابة سريعة لضمان الأداء الفعال، الأمر الذي يزيد من صعوبة حمايتها. وتواجه الحلول الأمنية التقليدية، والتي تعمل بشكل جيد في البيئات الأكثر استقرارًا، صعوبة في مواكبة البيئات المتغيرة والتهديدات الإلكترونية الناشئة. لذلك، يمكن للمهاجمين استغلال نقاط الضعف هذه بشكل يؤثر على أمن الاتصالات بين المركبات وموثوقيتها.
يقدّم نموذج "الدفاع بالتغير المتواصل" حلًا أمنيًّا تكميليًا واعدًا لشبكات المركبات التي أصبحت أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية الجديدة. يساهم نموذج "الدفاع بالتغير المتواصل"، على عكس نماذج الدفاع التقليدية الثابتة، في تغيير شكل الشبكة باستمرار، ما يؤدي إلى تكوين حالة من الشك وعدم قدرة المهاجمين على التنبؤ. ويساهم هذا النموذج كذلك في تعقيد عمليّة تنفيذ الهجمات الناجحة بشكل كبير من خلال تغيير إعدادات النظام مثل عناوين بروتوكول الإنترنت وعُقد ترحيل البيانات وإدخال بيانات وهمية.
أظهر الفريق، من خلال تجارب المحاكاة واسعة النطاق، أن نهجهم يساهم بشكل كبير في تعزيز أمن النظام، ما يوفر حلًا فعالًا لتأمين الشبكات في المركبات، وتوفر هذه التقنية المقترحة مستوى أعلى من الحماية ضد هجمات التنصت دون التأثير على كفاءة نقل البيانات عن طريق مواءمتها المتواصلة مع الظروف المتغيرة للشبكة.
تضع النتائج التي توصّل إليها الفريق أساسًا لبحوث وتطورات جديدة في مجال أمن شبكات المركبات، حيث ستساهم الجهود في هذا المجال بالتصدي للتحديات المتعلقّة بالطبيعة الديناميكية والمتغيّرة بشكل متواصل للشبكة نتيجة لحركة المركبة مستقبلًا واستكشاف نماذج أكثر تعقيدًا في سيناريوهات فعلية. ويذكر أن ضمان أمن المركبات سيصبح أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أنظمة النقل الذكية وسلامتها، بالتزامن مع ارتفاع مستوى الاتصال بين المركبات واستقلاليتها.
مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب