استعان الفريق البحثي بمواد الميتا المضادة الانعكاس التي يمكن الاستفادة منها في العديد من التطبيقات الصناعية
باحثون من جامعة خليفة يتعاونون مع باحثين دوليين في نهج جديد يتيح إمكانية تطوير أشياء منعدمة الانعكاس

نوشك على التحكم في انعكاسات الضوء وبالتالي التحكم في إمكانية رؤيتها بفضل العديد من البحوث التي أُجريت في جامعة خليفة والتي ساهمت بإنتاج مادة جديدة من مواد الميتا القادرة على امتصاص جميع أشعة الضوء دون إظهار أي انعكاس. وبعيدًا عن أحلام الطفولة بامتلاك قوى خارقة وعباءات إخفاء، يُمكن الاستفادة من الأشياء منعدمة الانعكاس في مجموعة واسعة من التطبيقات كتعزيز كفاءة الخلايا الشمسية وتطوير الاستشعار البصري وتكنولوجيات الكم. 

 

شجّعت التطورات في علم النانو على السعي وراء المواد ذات الخصائص البصرية الاستثنائية، حيث حققت الطلاءات البصرية القائمة على أغشية عازلة متعددة الطبقات ذات أطوال موجية مختلفة، خطوات كبيرة في الحد من انعكاس الضوء إلى مستويات منخفضة بشكل ملحوظ. وفي هذا الإطار، تمكّن فريق من الباحثين بما فيهم الأستاذ الدكتور فيدور كوسمارتسيف من جامعة خليفة، من تطوير أسطح معتمة مصنوعة من مواد الميتا من خلال ضبط هذه الهياكل متعددة الطبقات باستخدام أحد مواد الميتا وهي مادة الـ"راشبا". 

 

تعاون الأستاذ الدكتور فيدور في هذا المشروع البحثي، مع باحثين من جامعة لوبورو في المملكة المتحدة وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في المملكة العربية السعودية ومركز بحوث ميكروسيستم وتيراهيرتز في الصين. ونُشرت النتائج البحثية في المجلة العلمية "أبلايد ماتيريالز آنذ إنترفيسز" التي تركز على آلية تطوير واستخدام المواد المُكتشفة حديثًا.  

 

يُمكّننا الضوء المنعكس عن الأشياء من رؤية العالم من حولنا، حيث لا يمكن رؤية الأشياء دون انعكاس الضوء. لكن يمكن أن نتحكم بانعكاس الضوء بأنفسنا من خلال تصنيع الطلاءات المضادة للانعكاس، على الرغم من هذه الطرق لا تزال تواجه صعوبات في تطبيقها. 

 

يمكن على سبيل المثال، أن يؤدي الجمع بين الأغشية الرقيقة العازلة والركائز المعدنية إلى إنتاج أسطح ذات قابلية منخفضة للانعكاس وقادرة على التكيف مع التغيرات في زاوية سقوط الضوء، كما يمكن أن تؤثر إضافة مواد مثل الغرافين إلى الهياكل البصرية على خصائصها الانعكاسية بشكل كبير، ولكن لا يزال تحقيق انعدام الانعكاس عبر مجموعة واسعة من الأطوال الموجية يمثل تحديًا.

 

ركز الفريق البحثي على التخلّص من انعكاس الجسم باستخدام مادة الميتا "راشبا"، وهي نوع من المواد المركبة ذات الخصائص الكهرومغناطيسية غير العادية والتي تتميز بمرونة عالية وتوفر إمكانات عبر مجموعة من القطاعات الصناعية. 

 

وفي هذا الصدد، طور الفريق البحثي مادة أساسية تتكون من طبقة أكسيد عازلة لمادة "راشبا" وطبقة نانوية معدنية رقيقة للغاية للحصول على سطح داكن بشكل كامل، حيث يمنع هذا الهيكل ثلاثي الطبقات عملية الانعكاس عن طريق ضبط سمك الأغشية الرقيقة النانوية المعدنية من خلال تأثيره الملحوظ على مجموعة من المعادن.

 

ويرى الفريق أن هذا التأثير المضاد للانعكاس ينتج عن وجود حالات سطحية على الأغشية الرقيقة النانوية المعدنية، والتي ازداد تأثيرها مع تناقص سمك الغشاء الرقيق، كما يمكن لهذه الحالات أن تحفز عملية الانتقال من السلوك المعدني إلى السلوك العازل في ظل ظروف محددة، ما يغير الخصائص الإلكترونية للغشاء الرقيق النانوي تغييرًا جذريًا. 

 

من جهته، قال الأستاذ الدكتور فيدور: "تنقسم الطبقة المعدنية إلى طبقتين من الأسطح الموصلة مع وجود مركز عازل بينهما عندما تصل الطبقة للسمك المطلوب، ويساهم ذلك في إيجاد مناطق ذات معامل انكسار سلبي عند النقاط التي تلتقي فيها طبقات المعدن والأكسيد، الأمر الذي ينتج عنه تحول الهيكل بأكمله إلى سلسلة من المعدن النانوي البديل والطبقات العازلة مع تفاعلات محلية قوية للراشبا.”

 

وتمكّن الفريق البحثي من التوصّل إلى معامل الانكسار الفعال للهواء من خلال تطوير المواد غير قابلة للانعكاس والتي تقوم بضبط سمك الطبقة المعدنية، ويمتلك هذا الابتكار القدرة على إحداث نقلة نوعية في مجال المواد المضادة للانعكاس ويمكنه أن يحسّن كفاءة الخلايا الشمسية وأن يطوّر الاستشعار البصري وتكنولوجيات الكم على سبيل المثال. 

 

أضاف الأستاذ الدكتور فيدور: "يساهم نهجنا في إتاحة العديد من الفرص التي تحقق تطوير أسطح غير قابلة للانعكاس في أي نطاق ترددي وأي زاوية، كما ستساهم النتائج التي توصلنا إليها في تحقيق تطورات جديدة في مختلف القطاعات والصناعات التي تعتمد تطبيقاتها على الحد من انعكاس الضوء.”

 

ترجمة: مريم ماضي