جامعة خليفة تحصل على براءة اختراع عن طريقة جديدة لضغط الصور للمساعدة في تصوير أسرع وأكثر كفاءة في مجال الرعاية الصحية وإنترنت الأشياء وتطبيقات الفضاء

يمكن للبيانات غير المحدودة التي نستخدمها اليوم بشكل كبير أن تكون كفيلة بعدم معرفتنا بكمية البيانات التي نستهلكها. ووفقاً لتقرير دومو "البيانات لا تنام"، يُقدر عدد منشورات تطبيقي فيسبوك وإنستغرام والمتمثلة بالقصص والصور في كل دقيقة 350 ألف قصة و150 ألف صورة، كما يستضيف تطبيق زوم ما يقارب 208,333 مشاركاً في الاجتماعات التي تنظم عليه. وبينما يتم إرسال الصور التي تلتقط لأي شيء ولكل شيء، يغيب عن أذهاننا كمية الطاقة المستهلكة لإتمام عملية الإرسال والذي يعتمد على نظام التشغيل في الهواتف القائمة على التكنولوجيات التي تتحكم بضغط الصورة. وتتطلب عملية ضغط الصورة المزيد من البحث في حال الحاجة إليها في الحالات الطارئة كالرعاية الصحية الذكية، حيث يساهم تقليص حجم بيانات الصورة في الحد من متطلباتها اللازمة لحفظها، إضافة للحد من الوقت والطاقة اللازمين لإرسالها عبر وسائل الاتصال ذات نطاق ترددي منخفض.

وفي هذا الإطار، قام فريق بحثي من جامعة خليفة بالبحث عن طريقة لضغط الصور بالاستعانة بالميمريستور وتطوير الأجهزة التي تستخدم هذه التكنولوجيا بتصغير حجمها وتحسين فعاليتها للطاقة.

ضم فريق الباحثين كل من الدكتورة ياسمين الحلواني، باحثة دكتوراه والدكتور بكر محمد، أستاذ مشارك والأستاذ الدكتور محمود القطيري، وجميعهم من قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة خليفة، والدكتور سعيد السراوي من مركز الهندسة الطبية الحيوية في جامعة أديلايد الأسترالية.

وبينت الدكتورة ياسمين في أطروحة الدكتوراه أن جميع الأجهزة اليوم مليئة بأدوات الاستشعار والتي من المتوقع أن تقوم بإنتاج ما يزيد على 40 زيتا بايت في العام 2020، أي مليار تيرابايت وهو ما يعادل ألف مليار.

قالت الدكتورة ياسمين: "تحتاج هذه الكمية الكبيرة من البيانات إلى المعالجة بشكل سريع باستخدام الخوارزميات التي تساهم في تفسير المعلومات. وتعتبر هذه العملية على النطاق الحوسبي متطلبة جداً، إلا أن أجهزة إنترنت الأشياء تميل لكونها محدودة الطاقة والمصادر. لذلك، نحتاج إلى تكنولوجيات مبتكرة لتحقيق عمليات حوسبة ذات فعالية".

وتشهد عمليات الحوسبة التقليدية اليوم تحديات كبيرة في التغلب على هذه القيود.

وأضافت الدكتورة ياسمين: "تعتبر التكنولوجيات المتوفرة في الأجهزة سريعة الوصول إلى حدودها الفيزيائية وحدود الطاقة، في حين نقوم في الوقت الحالي بالبحث عن الحلول لمحدودية إنتاجية البيانات على صعيد التكنولوجيات ذات الصلة".

وفي السياق، تم البحث في مجموعة كبيرة من تكنولوجيات الذاكرة الناشئة بهدف معالجة تلك التحديات التي من بينها ذاكرة الوصول العشوائي المقاوِمة، والتي تعتبر تكنولوجيا مبشرة بصنع تكنولوجيا حوسبية بذاكرة داخلية فعالة، ويعود الفضل في ذلك لقدرتها على حفظ البيانات وحوسبتها على نفس الجهاز.

ويتمثل جهاز ذاكرة الوصول العشوائي بالميمريستور، وهو جهاز يتكون من أكسيد المعدن الموجود بين قطبين كهربائيين ويتمتع بقدرته على تغيير حالة المقاومة تحت تأثير تيار كهربائي مناسب، كما يتميز الميمريستور بقدرته على تذكر آخر حالة كتابية حتى وإن تم فصل التيار الكهربائي عنه، والذي يؤهله ليكون مصدراً هاماً للاستخدام كجهاز ذاكرة حاسوبية.

وتتطلب أجهزة الميمريستور، على عكس تكنولوجيات التخزين التقليدية، مقدار طاقة أقل يدوم لمدة أطول، كما يمكنها حفظ ضعف كمية البيانات. ويعتمد الباحثون في صنع الهياكل على طريقة عمل دماغ الإنسان في أداء عمليات الحوسبة في الذاكرة، والذي يساهم بدوره في إيجاد الحلول لأحد أكبر المشكلات التي تواجهها هياكل أجهزة الكمبيوتر التقليدية والتي تعرف بـ (جدار الذاكرة)، من خلال الحد من الحاجة إلى نقل البيانات من الذاكرة إلى وحدة المعالجة لأداء الوظائف الحوسبية.

وأضافت الدكتورة ياسمين: "يمكن لأجهزة ذاكرة الوصول العشوائي المقاومة، والتي تم تصميمها على شكل مصفوفة، أن تساهم في توفير الطاقة بشكل كبير والمساحة والوقت، كما يساهم مقدار الطاقة المنخفض في جعلها الحل الأنسب للتطبيقات التي تعتمد على إنترنت الأشياء محدود المصدر".

وقالت: "يعتبر تبادل الصور أمراً أساسياً في العديد من تطبيقات إنترنت الأشياء، بما في ذلك الرعاية الصحية الذكية وهياكل الرصد الذكية والنقل الذكي. وعلى الرغم من توفر الخوارزميات التي تساهم في ضغط حجم الذاكرة بهدف التقليل من المساحة المستخدمة في حفظ البيانات وتسهيل عملية تنقل البيانات بين الأجهزة، إلا أنها تعتبر عملية متطلبة. لذلك، يعتمد بحثنا على حوسبة الذاكرة التناظرية في ضغط حجم الصورة بالاستفادة من تكنولوجية ذاكرة الوصول العشوائي المقاومة".

وأضافت: "ويتم ضغط الصورة من خلال الحد من العلاقة بين وحدات البكسل المجاورة والنطاقات الطيفية ومختلف الإطارات في الفيديو، وهو ما قد يكون متطلباً للعديد من المصفوفات وبالتالي زيادة عدد العمليات التي تتم داخلها والذي قد يؤدي إلى ضغط الصورة مع فقدان جودتها".

وتمثل أجهزة الميمريستور جزءاً أساسياً من الذاكرة الحوسبية، كما تؤكد طريقة ترتيبها داخل المصفوفة إمكانية تصميم أجهزة أصغر حجماً بـ 154 مرة من التكنولوجيات السابقة، فضلاً عن إنتاجها لضعف كمية الطاقة، حيث قام فريق جامعة خليفة البحثي بتصميم هيكل يضم مصفوفة حوسبية واحدة لأداء مهمة ضغط الصورة، وركزوا على ضغط حجم الصورة خلال مرحلة التقاطها مع المحافظة على جودة الصورة ومعدل معالجة مرتفع وتخزين سهل.

يذكر أن النجاح الذي حققه فريق الباحثين حظي بإصدار براءة اختراع عن هذه التكنولوجيا المبتكرة والتي تعزز تطبيقات أجهزة إنترنت الأشياء التي تتراوح بين الكاميرات المتوفرة في الهواتف الذكية إلى أجهزة التصوير الأكثر تعقيداً والمستخدمة في قطاع الرعاية الصحية واستكشاف الفضاء.