يؤذن الدمج بين الشبكات العصبية الاصطناعية وتنويعاتها ببداية عصر جديد لأبحاث علم المواد، وخاصة فيما يخص النمذجة والمحاكاة على مستويات متعددة
استخدام قوة التعلم الآلي في علم المواد

يُحدِث كل من التعلم الآلي وتقنيات التعلم العميق ثورة في حل المشاكل في مجالات متنوعة تشمل علم المواد. قال الدكتور تاي يون كيم، أستاذ مساعد في قسم هندسة البنية التحتية المدنية والبيئية في جامعة خليفة، أن الشبكات العصبية الاصطناعية، كالشبكات العصبية الالتفافية والشبكات العصبية التكرارية، باتت واحدة من أكثر مناهج التعلم الآلي فاعلية للتطبيق في موضوعات بحثية مختلفة لعلم المواد الحسابية.

 

وقد تعاون الدكتور تاي يون مع باحثين من جامعة آيوا وجامعة نورث وسترن وجامعة لوكسمبورغ، لتبادل المعلومات حول تقنيات التعلم الآلي هذه في مجتمع علم المواد، ولتعزيز تطبيقاتهم البحثية أيضًا، ونُشرِت نتائج تعاونهم البحثي في المجلة العلمية "أدفانسز إن أبلايد ميكانيكس" والتي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في مجال الميكانيكا الحسابية. 

 

تشمل المواد المتقدمة والتي تجمع بين الخصائص الرئيسة، الإمكانيات المُعزَّزَة والمُركَّبات ذات الوظائف المتعددة. ولكن على الرغم من ذلك، يتطلب فهم هذه المواد المعقدة تقديرات دقيقة للعمليات الفيزيائية، الأمر الذي بات ممكنًا الآن من خلال النمذجة العددية وعمليات المحاكاة. وقد استُخدِمَت الطرق الحسابية التقليدية لدراسة الظواهر الفيزيائية على مستويات متنوعة، إلا أن الاستخدام المتزايد للتعلم الآلي في علم المواد ساعد في التعجيل باكتشاف المواد الجديدة وتحسين تصاميم المواد.

 

وتُعَد الشبكات العصبية الاصطناعية بمثابة خوارزميات حسابية مستوحاة من الشبكات العصبية الحيوية، وهي ليست مُبرمَجَة وفقًا لقواعد وإنما مُدرَّبة عن طريق أخذ أمثلة متعلقة بمهام متنوعة في الاعتبار. وتتمتّع الشبكات العصبية الاصطناعية بقدرة أعلى على التعلم المستمر من أي نماذج تقليدية أخرى للتعلم الآلي، ويُعزَى ذلك بصفة رئيسة إلى العدد الكبير المُحتَمَل من المعايير التي يمكن ضبطها لبناء نماذج أكثر دقة بصفة مستمرة.

 

تستعرض الورقة البحثية التي أعدها الفريق كيفية تطبيق هذه الشبكات العصبية على مجموعة من أكثر الموضوعات تقدمًا في علم المواد، كالنمذجة متعددة المستويات وحل المشكلات العكسية ومعالجة صور المواد والنمذجة التأسيسية القائمة على التاريخ. 

 

يسلط هذا البحث الضوء على دراسة حالة تركز على المواد المصنوعة من مُركَّب السيراميك المعدني. وقد وضع الفريق في هذه الدراسة نموذجًا دقيقًا لهذه المواد كما حاكاها بدقة كبيرة لإنشاء قاعدة بيانات غنية بالمعلومات. وقد باتت هذه المجموعة ركيزة لتطوير الشبكات العصبية وتدريبها، والتي أوكِلَت إليها مهمة التنبؤ بفشل المواد على المستوى الكلي. ولم يكتفِ هذا المنهج بإبراز التطبيق العملي للشبكات العصبية الاصطناعية في علم المواد فحسب، بل أكَّد أيضًا على الإمكانيات التي تتميز بها هذه الشبكات في سد الفجوة بين عمليات المراقبة على المستوى المجهري والأداء على المستوى الكلي.

 

يُتوقع أن تُحدِث خوارزميات تعلم الآلة تحسنًا هائلًا في الفهم العلمي عبر مجالات معرفية متنوعة، بالتزامن مع التطور المستمر لتكنولوجيا الكمبيوتر، خاصةً فيما يتعلق باكتشاف المواد وتصميمها، حيث يمتلك هذا المجال إمكانية هائلة للابتكار.

 

ترجمة: سيد صالح