تطوير نهج جديد لتشخيص مرض السكري وتحديد مراحله باستخدام التقنيات السمعية البصرية وتقنيات التعلم الآلي
تقنيات التصوير والتعلم الآلي المتقدمة تكشف النقاب عن هياكل شبكة الأوعية الدموية الدقيقة المخفية للبشرة والتي يمكن أن تكون علامات إنذار مبكر لبداية مرض السكري وشدته

استخدم فريق من الباحثين بقيادة الأستاذ الدكتور ليونتيوس هادجيلونتياديس، رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة خليفة، تقنيات التعلم الآلي لتحديد الميزات الموجودة في شبكة الأوعية الدموية الدقيقة في الجلد والتي تعتبر حساسة للغاية لمرض السكري ويمكن أن تساعد في التنبؤ ببداية ظهوره بالإضافة إلى خطورته. تهدف تقنيتهم إلى تقييم طبقات الدهون الجلدية وتحت الجلدية بشكل فريد للكشف عن هياكل الأوعية الدموية الدقيقة ويوفر الاستخدام السريري للأنظمة الذكية القابلة للتفسير، إمكانية اتباع نهج جديد لتشخيص ومراقبة المرض.

تعاون الأستاذ الدكتور هادجيلونتياديس مع باحثين من مركز هيلمهولتز سنتروم ميونيخ والجامعة التقنية في ميونيخ وتحالف ميونيخ لأمراض القلب وجامعة أرسطو في سالونيك، ونُشرت نتائج دراستهم  في مجلة "نيتشر بايوميديكال إنجينيرينغ".

لجأ فريق البحث إلى تقنية تصوير غير جراحية تسمى التنظير السمعي البصري، حيث توفر هذه التقنية رؤية تفصيلية للأوعية الدموية الدقيقة في الجسم الحي، فتقدم صورًا مفصلة للغاية لأوعية الجلد وكل واحدة من الشعيرات الدموية.

لجأ الفريق باستخدام هذه الصور إلى تقنيات التعلم الآلي لربط ميزات محددة للأوعية الدموية الدقيقة ومضاعفات مرض السكري، حيث تقدم هذه الطريقة رؤى قيمة من خلال تسليط الضوء على التغيرات الدقيقة في شبكة الأوعية الدموية الدقيقة مع تقدم مرض السكري تدريجيًا.

يُعتبر داء السكري مجموعة من الأمراض الأيضية، وتتميز جميعها بارتفاع مستويات السكر في الدم، كما يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى مضاعفات خطيرة بما في ذلك العمى وأمراض الكلى والقلب والسكتة الدماغية وفقدان الأطراف وانخفاض متوسط العمر المتوقع، في حال تُرك  دون علاج. إنها مشكلة صحية عامة رئيسة تؤثر على مئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم وتمثل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المجتمع.

يُمثل مرض السكري في دولة الإمارات مصدر قلق خطير للصحة العامة، حيث تشير الأبحاث إلى أن معدل انتشار مرض السكري بين مواطني دولة الإمارات هو الثاني في العالم، حيث يبلغ معدل انتشاره حوالي 20% بين المواطنين فوق سن 30 عامًا ويصل إلى 40% بين البالغين العمر 60 عامًا فما فوق.

يؤثر مرض السكري أيضًا على الأوعية الدموية الدقيقة للأنسجة وفي جميع أنحاء الجسم، ويمكن أن تؤثر هذه التغيرات في الأوعية الدموية الدقيقة على وظائف العديد من الأعضاء بشكل كبير، بما في ذلك الجلد، إلّا أن هذه التغيرات الجلدية قد تكون إحدى علامات الإنذار المبكر لمرض السكري، وغالبًا ما تظهر قبل ظهور مضاعفات أخرى أكثر شيوعًا.

وقد أظهرت الدراسات النسيجية ازدياد سماكة جدران الأوعية الدموية وانخفاض كثافة الأوعية الدموية في المراحل المتأخرة من المرض، وخاصة في حالة أولئك الذين يصابون بتقرحات القدم، إلّا أن هذه الدراسات تتطلب أخذ خزعات جلدية جراحية، والتي يمكن أن تغير البنية الطبيعية للأنسجة.

ومن جانبه قال الأستاذ الدكتور هادجيلونتياديس: "لقد حددنا تغيرات محددة في الأوعية الدموية الدقيقة داخل الجلد والتي تتأثر بشكل مختلف بمراحل مختلفة من مرض السكري، فتنخفض فروع الأوعية الدموية المترابطة داخل طبقات الجلد العميقة بشكل كبير مع تقدم مرض السكري، ونظرًا لامتلاك هذا الانخفاض تأثيرًا تعاقبيًا، يؤدي بدوره إلى انخفاض تروية الجلد وتغيير ميكانيكا الجلد والاعتلال العصبي، فتؤدي تغيرات كهذه إلى تفاقم خطر الإصابة بالجروح المزمنة، التي تُعتبر مصدر قلق بالغ لمرضى السكري."

أضاف الدكتور هادجيلونتياديس: "تُعتبر هذه ثمرة جهود ثلاث سنوات من التعاون البحثي وهي مثال واضح على الفرص التي يمكن أن توفرها التقنية الجديدة للبصريات الصوتية جنبًا إلى جنب مع التعلم الآلي في تشخيص أمراض كمرض السكري".

ترسم القدرة على دراسة هذه التغيرات في الأوعية الدموية الدقيقة بشكل غير جراحي في الوقت الفعلي في بيئة حياتية صورة أوضح عن التأثير الفعلي لمرض السكري على الجلد، حيث يمكن أن يحدث ذلك ثورة في كيفية فهم المرض واكتشافه والسيطرة عليه، ومع استمرار تحسين التصوير السمعي البصري مع ازدياد سرعة المسح، يمكن أن يُحدث دمجه في الممارسة السريرية، فرقًا في اكتشاف مرض السكري وعلاجه ومراقبته في المستقبل القريب.

قال الدكتور هادجيلونتياديس: "لقد استحوذ قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة خليفة على أول نظام بصري صوتي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يتيح لنتائج هذا البحث أن تحرز تقدمًا كبيرًا في تطوير تقنيات تصوير طبي مبتكرة  تُستخدم لإجراء فحوصات لأمراض القلب والأوعية الدموية لدى سكان دولة الإمارات بصورة غير مؤلمة"