تساهم مجموعة بيانات المستشعرات المتنقلة والقابلة للارتداء
باحثون من جامعة خليفة يطورون مصدرًا جديدًا لفهم المشاعر الإنسانية في الظروف الحقيقية

يمكن لأجهزة الاستشعار المدمجة في هواتفنا الذكية وساعاتنا وحتى مركباتنا ومنازلنا، أن تمنح الباحثين نظرة غير مسبوقة حول السلوك والتفضيلات البشرية، حيث يمكن للأجهزة التي نستخدمها للاتصال بصديق أو النشر على وسائل التواصل الاجتماعي أن تصبح مرآة لحالتنا النفسية وأنماطنا السلوكية، كما يمكن استخدام هذه البيانات لتتبع مؤشرات الإجهاد والعاطفة.

يغذي هذا النموذج الجديد لاستخدام البيانات المتوفرة بكثرة مجالًا ناشئًا يُعرف باسم الحوسبة العاطفية، والذي يهدف إلى تطوير أنظمة يمكنها التعرف على المشاعر البشرية وتفسيرها. غالبًا ما يتم إجراء أبحاث الحوسبة العاطفية باستخدام البيانات التي جُمِعت في بيئات مختبرية خاضعة للرقابة حيث يصور المشاركون مشاعر محددة أو يتعرضون لمحفزات تؤدي إلى استجابات عاطفية معينة. يتم بعد ذلك التقاط وتسجيل إشاراتهم الفيزيولوجية وتعبيرات الوجه وأنماط الكلام. على الرغم من أن هذا النهج له مزاياه، إلا أن مشاهدة مقطع فيديو عاطفي في المختبر لا يثير تمامًا جميع   المشاعر الإنسانية كما هو الحال في العالم الحقيقي.

ولمعالجة هذه المشكلة، قام فريق من الباحثين تشمل الدكتور أحسن حبيب خندوكر من جامعة خليفة والدكتور ليونتيوس هادجيليونتياديس، رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية، بتطوير مجموعة بيانات تتضمن علامات المشاعر والإجهاد والانتباه في الظروف الحقيقية والتي جُمِعت من طلبة الجامعة، حيث جمع الدكتوران هادجيليونتياديس وخندوكر، مع باحثين من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، البيانات من الهواتف الذكية التي تعمل بنظام "الأندرويد" وساعات "مايكروسوفت الذكية من طراز "باند 2"، الخاصة بالطلبة باستخدام مجموعة متنوعة من بيانات الاستشعار. بالإضافة إلى ذلك، طُلب من المشاركين الإبلاغ عن حالتهم العاطفية - السعادة و الإجهاد ومستويات الانتباه واضطراب المهام، وتغير الأحاسيس - ما يصل إلى 16 مرة في اليوم. جُمِعت البيانات بالكامل وفقًا لخطة وافقت عليها لجنة أخلاقيات البحوث بجامعة خليفة.

تقدم مجموعة البيانات المسماة  بـ"كاي-إيمو فون" نظرة تفصيلية على المشاعر البشرية من خلال البيانات السلوكية والسياقية والفيزيولوجية. جُمعت البيانات من المشاركين أثناء تنقلاتهم في حياتهم اليومية، حيث حفزت التكنولوجيا والأجهزة القابلة للارتداء الاستجابات على مدار اليوم ونُشرت مجموعة البيانات في مجلة "ساينتفيك داتا" التي تنشرها مجلة ".

قال الدكتور هادجيلونتياديس: "على الرغم من الخطوات الملحوظة في بناء مجموعات بيانات الحوسبة العاطفية، لا تزال هناك حاجة واضحة لمجموعات بيانات أكثر شمولًا وواقعية ومتعددة الوسائط تتضمن نطاقًا واسعًا من التصنيفات العاطفية في الوضع الطبيعي". "يُتوقع من مجموعة بيانات "كاي-إيمو فون" أن تصبح قادرة على تسليط الضوء على الفروق الدقيقة في الحالات العاطفية مع مرور الوقت، كما أنها تمتلك إمكانية التطبيق عبر مجموعة واسعة من المجالات، كالحوسبة العاطفية وإدارة الانتباه، ونعتقد أن مجموعة البيانات الشاملة هذه ستفيد بشكل كبير الأبحاث المستقبلية في الفهم المبني على البيانات للسلوك البشري والعاطفة."

استخدم فريق البحث تطبيق "باكو" للهواتف الذكية مفتوح المصدر يمكّن الباحثين من تصميم وإجراء دراسات التي تعتمد على  جمع العينات من التجربة. يهدف هذا النهج إلى جمع المشاعر اللحظية والإجهاد ومستويات الانتباه والجوانب الأخرى للحالة المعرفية، مما يسلط الضوء على الحالة الإنسانية أثناء تطورها في الحياة اليومية.

وقد تلقى المشاركون طلبًا للرد على استبيان على هيئة إشعارات، حيث ظهرت بشكل عشوائي بنسبة تصل إلى 16 مرة يوميًا على مدار أسبوع، حيث يختفي كل إشعار بعد 10 دقائق لتقليل انحياز الاستدعاء (الخطأ الناجم عن الاختلاف في دقة التذكرات المستداعة)، مما يضمن استجابات فورية لتمثيل الحالة العاطفية الأكثر دقة. جُمِعت البيانات أيضًا من الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء الخاصة بالمشاركين، وصُمّم برنامج خاص لجمع البيانات ليلتقط البيانات التي تعكس التنقل ونسبة استخدام الشبكة والتواصل الاجتماعي واستخدام التطبيقات وحالة الجهاز بشكل غير ملحوظ على مدار الساعة . قدمت الساعات الذكية قراءات استشعار إضافية تتعلق بالاستجابات الفيزيولوجية والسياقات البيئية والتنقل.

وقال الدكتور خاندوكر: "تم تنسيق مجموعة بيانات"كاي-إيمو فون" لمساعدة الباحثين على دراسة الحالات العاطفية والمعرفية باستخدام بيانات متعددة الوسائط، تشمل الإشارات الفيزيولوجية والسياقات الشخصية والتفاعلات التي تلتقطها الهواتف الذكية والسمات الشخصية والصحة العقلية". وأضاف قائلًا: "تُعتبر هذه البيانات فريدة من نوعها من ناحية تركيزها على الاستجابات في الوقت المناسب للحالات العاطفية والمعرفية عند جمع البيانات في العالم الحقيقي."

وتشمل التطبيقات المحتملة بناء نماذج التعلم الآلي للتنبؤ بالصحة العقلية والإنتاجية والإدراك العاطفي والكشف عن الإجهاد، كما يمكن استخدامها أيضًا في دراسات إدارة الانتباه ويمكن أن يسلط الضوء على كيفية تأثر الحالات العاطفية بالمهام التي تتطلب استجابات في الوقت المناسب. جدير بالذكر أن جميع البيانات مفتوحة ومتاحة لأي باحث، بينما يعمل فريق جامعة خليفة حاليًا على تحليل البيانات للتعرف على المشاعر ونمذجة تغيير السلوك.