تتمتع الزرعات المصنوعة من التيتانيوم بسلوك ضغطي متميز بسبب هيكلها الهندسي الذي يحاكي عظام الإنسان
بحث جديد من جامعة خليفة يكشف عن تطوير هيكل من التيتانيوم لعلاج مشكلة عدم التطابق بين الزرعات والعظام المحيطة

طور باحثون من جامعة خليفة نموذجًا من التيتانيوم للاستخدام في عمليات جراحة العظام يتميز شكله الهندسي بهيكل النمط الثلاثي المتكرر محدود المساحة السطحية، يساهم في توفير العديد من المزايا مقارنة بغيره من هياكل التيتانيوم التقليدية، حيث يتمتع النموذج الجديد بشكل هندسي فريد من نوعه وقدرة في التحكم.

وقد نشر الفريق البحثي نتائجهم البحثية في المجلة الدولية "كومبوزيت ستركتشرز"، وهي مجلة علمية متخصصة في نشر المعرفة بين الباحثين والمصنعين والمصممين المهتمين بالهياكل والمكونات الهيكلة المصنوعة باستخدام المواد المركبة. وضم الفريق كلًا من الدكتور نغوين فان فيت والدكتور وقاس وحيد، وهما زميلا دكتوراه، والدكتور أنس العزام، أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية والدكتور وائل زكي، أستاذ الهندسة الميكانيكية.

يعرف هيكل النمط الثلاثي المتكرر محدود المساحة السطحية بأنه شكل هندسي يتكون من أسطح منحنية ذات نمط متكرر يحد من مساحة السطح ويحافظ على سلامة الهيكل. ويساهم الهيكل في توفير مجموعة متنوعة من المزايا في مجال زراعة العظام تشمل الصلابة المحسنة والصلابة ومقاومة التآكل، كما يمكن أن توفر زراعة العظام بهياكل التيتانيوم ذات النمط الثلاثي المتكرر خصائص مختلفة وفقًا للتصاميم.

تتكون العظام من مواد مركبة ذات خلايا مفتوحة تختلف خصائصها الميكانيكية وفقًا لموقع التشريحي واتجاه التحميل، لذلك يعتبر تغيير المواد بشكل يلائم المتطلبات المختلفة أمرًا محبذًا بشكل كبير.

وتكمن أهمية فهم السلوك الضغطي في زراعة التيتانيوم مكرر النمط محدود الأسطح لدى القشور العظمية والعظام الإسفنجية في تطوير زراعة فعالة في مجال العظام، فإذا لم يتحقق فهم السلوك الضغطي قد تخفق الزرعات في أداء وظيفتها، الأمر الذي يسبب مزيدًا من التعقيد للمريض. إضافة لذلك، قد تتفاعل العديد من أشكال العظام بشكل مختلف؛ أي أن نوع النسيج العظمي الذين ينمو في الزرعة قد يختلف وفقًا لموقعها والإجراء الجراحي المستخدم. فعلى سبيل المثال، قد تكون الزرعة في معظم الحالات محاطة بعظام قشرية التي تتميز بأنسجة عظمية غليظة وصغيرة الحجم، وفي حالات أخرى قد تكون الزرعة محاطة بعظام إسفنجية التي تعد أقل كثافة عن سابقتها وأكثر مسامية.

توجد العظام الإسفنجية في نهايات العظام الطويلة وفي المواقع الأخرى التي تلتقي فيها العظام لتشكل المفاصل. وتتميز العظام الإسفنجية بأنها أقل كثافة وأكثر مرونة من العظام القشرية، كما يساهم الهيكل المسامي للعظام الإسفنجية في توفير مساحة سطحية كبيرة لالتصاق خلايا العظم والأوعية الدموية ولإتاحة انتقال الأحمال الميكانيكية ضمن النسيج العظمي.

وفي هذا الصدد، قد تمتلك الزرعات ذات عظام إسفنجية ناشئة سلوكًا ضغطيًا أفضل من نظيراتها في العظام القشرية نظرًا لاختلاف الخصائص الميكانيكية بين نوعي الأنسجة العظمية. لذلك، يؤدي فهم السلوك لدى هذه الزرعات إلى تطوير زراعة العظام وتعزيز فعاليتها وكفاءتها، الأمر الذي يساهم في تحسين النتائج بالنسبة للمريض.

وقال الدكتور وائل: "تعتبر المواد المسامية المتدرجة مهمة في تطبيقات زراعة العظام لأنها تتيح التحكم في تصميم الخصائص الميكانيكية الفعالة من خلال توفير إمكانية إضافة التدرج الهيكلي في التركيب والمسام والحجم. ويمكن هندسة هذه التدرجات للحد من مساحة الأسطح الداخلية بهدف تسهيل التصاق الخلايا والسماح بتدفق السوائل الذي يحقق التوزيع الأفضل للمواد الغذائية، كما يتيح التحكم بهذه التدرجات تصميم هيكل المادة بشكل يطابق صلابة العظام. ومن جهة أخرى، يمثل عدم التطابق في الصلابة بين الزرعة والعظام مسألة رئيسة تتمثل في أثر الحماية من الضغط الناتج في موقع الزرع والذي قد يؤدي إلى حدوث ارتشاف العظام وحينها يجب مراجعة العملية".

وفي إطار دراسة السلوك الضغطي لزرعات هياكل التيتانيوم مكررة النمط ومحدودة الأسطح، استعان الباحثون بتحليل محدود العناصر وتقنية حوسبية بهدف محاكاة سلوك الأنظمة المعقدة في ظروف مختلفة، وقاموا بنمذجة هياكل الزرعات في درجات متنوعة وتقييم توزيع الإجهاد والضغط.

وقد لاحظ الباحثون أن الزرعات ذات القشور العظمية والقشور الإسفنجية قد أظهرت أدءًا ميكانيكيًا متميزًا مقارنة بغيرها من زرعات التيتانيوم التقليدية ذات النمط الواحد، كما لاحظوا أيضًا أن معامل الضغط الفعال للزرعة الناشئة في العظم الإسفنجي كان أعلى منه في العظم القشري نظرًا لزيادة نسبة المسام في هيكل العظم الإسفنجي، وهو ما يتناسب مع نقل الحمل الضغطي. ويشير ارتفاع عامل الضغط الفعال في هيكل التيتانيوم ذي النمط الثلاثي المتكرر محدود المساحة، والذي ارتفع بزيادة درجات نمو العظام، إلى أن الخصائص الميكانيكية في الزرعة أصبحت مشابهة لخصائص العظام المحيطة.

وأضاف الدكتور وائل: "أظهرت براهين التجارب أنه يمكن لخلايا العظام أن تملأ التجاويف في الزرعات المسامية، الأمر الذي يؤثر بدوره على السلوك الميكانيكي للزرعة، حيث يقوم العظم الناشئ بدعم هيكل التيتانيوم فوق منطقة العظم الإسفنجي وبالتالي زيادة صلابتها  ومقاومة عالية الفعالية للضغط".

يذكر أن الباحثين توصلوا إلى نتيجة تفيد بأن زرعة التيتانيوم مكررة النمط ومحدودة المساحة السطحية في العظام الناشئة تتميز بانتظام أكبر في توزيع الضغط مقارنة بزرعة التيتانيوم المتجانسة غير القادرة على تطوير تركيزات الضغط، الأمر الذي يسبب إخفاقًا في الزرعة.