توصل النموذج إلى وجود علاقة تربط ما بين إشارات الأيض والالتهاب وتطور عملية التليف
فريق بحثي من جامعة خليفة يستعين بمنهجية النمذجة الرياضية لتوضيح آلية تليف الأنسجة

يعرف التليف بأنه التئام الجروح المرضي الذي يحل فيه النسيج الضام محلّ النسيج الطبيعي، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل الأنسجة بشكل كبير وتكوين نسيج ندبي دائم، حيث يحدث ذلك نتيجة المحاولات المتواصلة للأنسجة المصابة في اختراق الخلايا المناعية لمعالجة الالتهاب وإصلاح التلف، وقد ينجم عن التليف في معظم الأحيان كحالة التليف الرئوي مثلًا آثار خطيرة. لا تزال هناك تحديات كبيرة في فهمنا لأمراض التليف، لا سيما فيما يتعلق بالأسباب الرئيسة لتطورها. 

وتشير البحوث إلى أنه في حالة الأفراد المعرّضين وراثيًا للمرض، تؤدي العوامل الخارجية إلى إتلاف النسيج الظهاري، مما يؤدي إلى بدء عملية إصلاح غير طبيعية تتسبب في ترسّب مواد النسيج خارج الخلية وتلف بنية الأنسجة.

وقد طور فريق من الباحثين، منهم الدكتور هارالامبوس هاتزيكيرو، الأستاذ المشارك في قسم الرياضيات في جامعة خليفة، نموذجًا رياضيًا يمثل التفاعل بين العمليات في الجسم ويعكس الآثار الوظيفية للالتهاب ونقص الأكسجين وسياق المناعة التكيفية. ويوضح نموذجهم أن تطور التليف المتعذر إيقافه يرتبط بتركيبات معينة من إشارات الأيض والالتهاب.

وقد نُشرت نتائجهم البحثية في المجلة الدولية "نيتشر كوميونيكيشنز"، وهي مجلة علمية متخصصة بنشر البحوث التي تركز على علم الأحياء والصحة والفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض. 

وقال الدكتور هارالامبوس: "أثبتت النمذجة الرياضية أنها أداة قيّمة للتحقق من الفرضيات البيولوجية الحالية في سيناريوهات واقعية وإنشاء فرضيات أخرى قابلة للاختبار تجريبيًا. وقد طورنا نموذجًا رياضيًا للتليف يعتمد على التحليل المخبري للتفاعل بين الخلايا الليفية والخلايا البلعمية الكبيرة في سياق عمليات التئام الجروح والتندّب".

ووفقًا للفريق البحثي، تشارك أربع آليات أساسية في عملية التليف. وتشمل حالات الالتهاب المبكرة العديد من الخلايا المناعية، بما في ذلك الخلايا البلعمية الكبيرة، يليها تنشيط الخلايا الليفية وفقدان الخواص التجديدية للخلايا الظهارية وفقدان سلامة الشعيرات الدموية الخلالية، مما يضرّ بإيصال الأكسجين ويزيد من تعزيز عملية التليف.

توضح النماذج السابقة الجوانب الرئيسة للتليف بشكل شامل وساهمت في التنبؤ بشبكات الخلايا التي تؤدي إلى حالاتٍ تتم ملاحظتها سريريًا، إلا أنها كانت مقيّدة بعملية التفاعل بين الخلايا الليفية والخلايا البلعمية الكبيرة.

وفي هذا الإطار، طور أعضاء الفريق البحثي نموذجهم من خلال تحويل الملاحظات المخبرية المتعلقة إلى سيناريو للتليف في الجسم الحي مع التركيز على  الكلى المزروعة، حيث تعتبر عملية التليف بعد الزرع  حالة سريرية ذات صلة بالنموذج، وفقًا لما يراه الباحثون. 

وقال الدكتور هارالامبوس: "يتميز نموذجنا بقدرته على التنبؤ بالتفاعلات الرئيسة لتطور التليف في أنسجة الكلى المزروعة لدى الشخص المريض بدرجات مختلفة من تصلب الكبيبات، وهو تندّب في الأوعية الدموية للكلى. وقد حددت النماذج السابقة ثلاث حالات وظيفية تشمل حالة الشفاء المرتبطة بالإنتاج البسيط للنسيج خارج الخلية وحالتين للتليف مرتبطتين بالإنتاج المفرط للنسيج خارج الخلية وعدد الخلايا البلعمية الكبير والعدد الصغير المعروفين بالتليف "الحار" والتليف "البارد" على التوالي.إضافة لذلك، يتيح نموذجنا تنفيذ إشارات المناعة والأيض في نموذجي التليف "الحار" و"البارد".

وتتضمن بعض الإشارات المناعية والأيضية نقص الأكسجين والالتهاب، حيث أشار الباحثون إلى أن نتائج الالتهاب على الخلايا الليفية والخلايا البلعمية الكبيرة تتأثر بشكل كبير ببيئة الأنسجة، في حين يؤدي انخفاض الأكسجين إلى تحفيز التحول الأيضي في الخلايا مما يتسبب في أن تتخذ الخلايا الليفية خصائص مسببة للالتهاب.

قال الدكتور هارالامبوس: "يمثل الدمج بين النمذجة المخبرية والحاسوبية نهجًا طبيًا فعالًا في تحليل أسلوب تطوّر التليف الذي يمكن تطبيقه على مجموعة من الحالات المرضية، الأمر الذي يساهم في تطوير العديد من المناهج. وقد تمّ التحقق من صحة نموذجنا في مجال النمط الظاهري المناعي الكمي القائم على أنسجة الخزعات المأخوذة من الكلى المزروعة، حيث أثبت فعالية كبيرة، كما يعد نهجًا مبتكرًا في تحليل  مراحل تطوّر التليف وبالتالي تطوير العلاجات اللازمة".