بعد فحص جزيئات الرواسب البيولوجية في شمال إيطاليا
باحثون من جامعة خليفة ضمن فريق بحثي دولي في دراسة للكشف عن أسباب الانقراض الجماعي

قام باحثون من جامعة خليفة بفحص الرواسب الجيولوجية في شمال إيطاليا لتحقيق الفهم الأفضل لحرائق الغابات التي حدثت مع بداية أحداث الانقراض الجماعي على كوكب الأرض. ضم الفريق البحثي كلًا من الدكتور كالوم فوكس، زميل دكتوراه والدكتورة عائشة السويدي، أستاذة مشاركة، إضافة لمجموعة من الباحثين من جامعة كورتين وجامعة بادوفا في إيطاليا، الذين استعانوا بسجلات تاريخية متعلقة بالجزيئات الناجمة عن حرائق الغابات لإجراء التقارير التي تثبت حدوث حرائق الغابات في نهاية العصر الثلاثي، حيث وجد الباحثون أن حرائق الغابات الكثيفة ارتبطت بالمنظومة البرية والبحرية وأثرت عليها، مما تسبب بحدوث الانقراض الجماعي.

ونشر الباحثون نتائج الدراسة في المجلة الدولية "جلوبال آند بلانيتاري تشينج" التي تغطي جميع البحوث المتخصصة بعلوم الأرض والكواكب.

اشتمل تاريخ الكرة الأرضية على مجموعة من العصور التي شهدت العديد من أحداث الانقراض الجماعي ومن هذه العصور، العصر الثلاثي، وهو العصر الذي تميز بظهور الديناصورات.

بدأ العصر الثلاثي قبل نحو 201 مليون سنة لغاية 252 مليون سنة، أي بدأ بأحداث الانقراض وانتهى كذلك بأحداث الانقراض، كما شهدت نهاية هذا العصر ارتفاع في مستويات البحر وزيادة نسبة الحموضة في المحيطات مما أدى إلى موت الكائنات البحرية.

 

قال الدكتور كالوم: "تعزى أسباب الانقراض الجماعي في نهاية العصر الثلاثي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من المواد والجزيئات المتطايرة الصادرة عن البراكين على سطح الكرة الأرضية، حيث تتوفر الأدلة التي تثبت أن الدمج بين الأحماض ونقص الأكسجين يساهم في القضاء على الكائنات البحرية".

وشهدت منطقة المحيط الأطلسي نشاطًا بركانيًا كبيرًا وصلت من خلاله كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي القديم للأرض إلى ثلاثة أضعاف، الأمر الذي أدى إلى وقوع سلسلة من الكوارث البيئية المتتالية انتهت بحدوث الانقراض الجماعي وانتهاء العصر الثلاثي.

وأوضحت البحوث مؤخرًا أن هذه الاندفاعات البركانية حصلت في بداية فترة الانقراض، كما توقع الباحثون حدوث العديد من حرائق الغابات في منطقة المحيط الأطلسي في نهاية تلك الحقبة الزمنية.

وقد تم التثبت من حدوث حرائق الغابات من خلال وجود المواد الهيدروكربونية العطرية، وهي مواد كيميائية تتكون بشكل طبيعي في رواسب الفحم والنفط نتيجة احتراق المواد العضوية كاحتراق الغابات.

وُجدت المواد الهيدروكربونية العطرية بنسب عالية في الصخور في نهاية العصر الطباشيري، وهي فترة جيولوجية جاءت بعد العصر الجوراسي، كنتيجة للانقراض الجماعي الذي قضى على جميع الديناصورات.

قال الدكتور كالوم: "نستعين بفحص مستويات المواد الهيدروكربونية العطرية الناجمة عن الاحتراق غير الكامل كدليل على حدوث حرائق الغابات خلال مرحلة الانقراض الجماعي نهاية العصر الثلاثي، كما يمكن أن تتشكل المواد الكربونية العطرية لأسباب أخرى تشمل الأنشطة البركانية والفوهات المائية الحرارية والنيازك وتآكل التربة".

وفي هذا الصدد، قام فريق جامعة خليفة البحثي بدراسة الوزن الجزيئي المنخفض والوزن الجزيئي المرتفع لمركبات المواد الهيدروكربونية العطرية بهدف الكشف عن تاريخ حرائق الغابات وتآكل التربة خلال الانقراض الجماعي ونهاية العصر الثلاثي، كما قاموا بدراسات تحليلية لمقارنة نتائجهم بالنتائج العالمية ليصلوا إلى الدليل الذي يؤكد حدوث حرائق الغابات في تلك الفترة.

وأضاف الدكتور كالوم: "تتطلب هذه الدراسات مزيدًا من البحوث لتحديد التاريخ الكامل لعصر الانقراض الجماعي ونهاية العصر الثلاثي".

يوجد تاريخ زمني طويل في الفترة ما بين نهاية العصر الثلاثي قبل 201 مليون سنة والقرن الـ 21 الذي يشهد مشكلة تغير المناخ، لكن على الرغم من ذلك يوجد تشابه كبير بين هذين الفترتين. ويمكن فهم قضايا المنظومة البيئية الراهنة إذا تمت معرفة الأسباب المؤدية للانقراض الكبير ، فمن خلال دراسة الأحداث الجيولوجية عبر التاريخ يمكن التنبؤ بالتغيرات المناخية مستقبلًا في ظل ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في الوقت الحاضر.