يساهم نظام الأغشية العابرة في دعم الخلايا ثلاثية الأبعاد ورصدها وقد يكون أداة عالمية لإجراء الجيل القادم من اختبارات الأدوية
باحثون من جامعة خليفة وآخرون دوليون يطورون جهازًا قادرًا على نمذجة خلايا الإنسان بشكل دقيق

تعتبر إعادة بناء جسم الإنسان من خلال الطبق المخبري الخاص بزراعة الخلايا أمرًا ليس سهلًا. لذلك، يتم اللجوء إلى الطرق المخبرية لدراسة خلايا الإنسان والخلايا البكتيرية والحيوانية في بيئة تتطلب عزل بعض الخلايا بهدف إيجاد بيئة مناسبة لإجراء التجارب، إلا أن التحدي الرئيس لنماذج التجارب المختبرية الخاصة بالخلايا يكمن في محاكاة النظام الحيوي الحقيقي المراد دراسته بشكل دقيق.

وفي هذا الصدد، يوضح الدكتور تشارالامبوس بيتساليديس، الأستاذ المساعد في الفيزياء في جامعة خليفة، في دراسته الجديدة طريقة تطوير نظام إلكتروني حيوي جديد يساهم في دعم هياكل الخلايا ثلاثية الأبعاد وفحصها بالتعاون مع باحثين آخرين من جامعة كامبريدج. وقام الفريق البحثي بإشراف الدكتور  تشارالامبوس بتطوير جهاز  فحص الأعضاء الدقيق لمحاكاة أنسجة جسم الإنسان وأعضائه بشكل أفضل والحصول على المزيد من الفهم الشامل لآلية تفاعل الخلايا مع الأدوية الجديدة.

وقد تم نشر نتائج المشروع البحثي في المجلة العلمية الدولية "ساينس أدفانسيز"، وهي مجلة متعددة التخصصات ومفتوحة المصدر تركز على العلوم الحياتية والفيزيائية والاجتماعية وعلوم الكمبيوتر  والعلوم البيئية.

 وقال الدكتور تشارالامبوس: "ينشأ فهمنا لطبيعة نمو الخلايا والأنسجة في جسم الإنسان ووظائفها وتوازنها من خلال الفحوصات الخلوية ثنائية الأبعاد التي تعتمد على طبقات خلوية أحادية مزروعة على سطح صلب ومستو. وعلى الرغم من تطبيق هذه الفحوصات في كل من البحوث الأساسية وبحوث فحص السمية، إلا أنه لا يمكن الاستفادة منها في إعادة بناء بيئة ميكروية ثلاثية الأبعاد في جسم الكائن الحي".

يمكن إعادة بناء بيئة ميكروية ثلاثية الأبعاد بالاستعانة بهياكل مختبرية متخصصة بالهندسة الميكروية لتقوم بوظيفة الأغشية التي تبني الخلايا أنسجتها عليها. وتشكل هذه الأغشية أيضًا فواصلًا تساهم في تقسيم البيئات متعددة الخلايا وتنظيم مواقعها.

من ناحية أخرى، يتيح دمج الأجزاء الكهربائية إمكانية تسجيل عملية نمو الخلية ووظائفها في الوقت الفعلي، ما يوفر الفرصة للتعامل مع هذه النماذج الحيوية دون اللجوء للتشخيص الجراحي للحصول على قدر كبير من المعلومات الدقيقة.

أطلق الفريق البحثي على الهياكل المختبرية الخاصة بإجراء الفحوصات الميكروية اسم (نظام الأغشية العابرة الكهربائي)، ويتميز بقدرته على دعم الهياكل الهندسية في الخلايا ثلاثية الأبعاد المعقدة ورصدها، كما يحظى بقدرات عالية تؤهله ليكون أداة عالمية لعلماء الأحياء للاستفادة منه في الاختبارات عالية الفعالية في مجال فحص الأدوية.

وأضاف الدكتور تشارالامبوس: "يمكننا استخدام نظام الأغشية العابرة الكهربائي من إنتاج هياكل خلوية عالية التعقيد ورصد آلية تطور الخلية ونمو الأنسجة ووظائفهما. ويجمع هذا النظام ما بين منهجيات هندسة الأنسجة والأجزاء الكهربائية، حيث تساهم المنهجيات في تعزيز تطور الخلايا في نطاق ثلاثي الأبعاد وتتيح الأجزاء الكهربائية عملية الرصد الكهربائي للخصائص الوظيفية للأنسجة. إضافة لذلك، يمكن تطبيق نظام الأغشية العابرة الكهربائي بشكل مباشر في مجال التطوير الحيوي لنماذج الخلايا ثلاثية الأبعاد للعديد من الأعضاء أو الحالات المرضية".

ويُتوقع أن تلعب الإلكترونات الحيوية رورًا محوريًا في الابتعاد عن الدراسات القائمة على الحيوانات، لأنها توفر التكنولوجيا التي نحتاجها بشكل كبير  في التقدم في مجال صناعة الأدوية. ويعتبر نظام الأغشية العابرة الكهربائي مناسبًا لاستخدامه مع نماذج الألواح المختبرية، فهو يمثل المعيار الحالي لزراعة الخلايا في المختبرات ويمكن دمجه مع مرافق المختبرات ومعداتها بشكل سهل وسريع.

وفي سياق متصل، قام الفريق البحثي باختبار نظام الأغشية العابرة الكهربائي من خلال تطوير  نموذج ثلاثي الأبعاد لأمعاء الإنسان والاستفادة من الأجزاء الكهربائية للكشف عن أية اختلالات في الحاجز المعوي. وقد تتعرض شبكة الخلايا في معظم الأحيان لخطر ما يؤدي إلى كسر الحاجز الخلوي، ويمكن الكشف عن ذلك من خلال الحد من مقاومة الأنسجة التحولية وفقًا للرصد الذي تم عن طريق القياسات الميكروسكوبية للمقاومة الكيميائية الكهربائية.

قال الدكتور  تشارالامبوس: "يوفر نظام الأغشية العابرة الكهربائي منهجية سهلة لإنتاج الخلايا ثلاثية الأبعاد ودراسة بيئتها الخلوية في نفس الوقت كمحاكاة دقيقة لوظائف أعضاء الإنسان".

يذكر أن الفريق البحثي الذي قام بهذا المشروع يهدف إلى تطويره أكثر من خلال التركيز على زيادة مخزون الأنسجة المصممة في نظام الأغشية العابرة الكهربائي، كأنسجة الرئتين وحاجز الدم في الدماغ وغيرها من أعضاء جسم الإنسان، بهدف تعزيز استكشاف الأدوية وتطوير التطبيقات الخاصة بنمذجة الأمراض.