تتميز بأنها تكنولوجيات واعدة في مجال الأعضاء والأنسجة الاصطناعية الحيوية ويساهم فهمها في تحقيق التطور الميكانيكي الحيوي اللازم لتعزيز جودتها والاستفادة السريرية منها
باحثون من جامعة خليفة يطورون تكنولوجيات تفريغ الخلايا للاستفادة منها في مجال تكوين أوعية دموية اصطناعية حيوية

تتسبب الأمراض التي تصيب الأوعية الدموية بكثير من الوفيات حول العالم، وتشمل العلاجات المتوفرة في الوقت الحالي الأدوية والعمليات وتغيير نمط الحياة، وصولًا  إلى الحل النهائي وهو عملية تحويل مسار الشريان التاجي، والتي يتم من خلالها تغيير مسار الدم ليتدفق حول الأوعية الدموية المسدودة باستخدام زراعة أوعية دموية جديدة. وفي هذه الحالة، لا يوجد أفضل من الأوعية الدموية الموجودة في شرايين المريض نفسه لأنها لا تقوم بالاستجابة المناعية، إلا أن هذا الحل ليس ممكنًا دائمًا. لذلك، لا بد من توفير أوعية دموية اصطناعية.

ساهمت الجهود البحثية السابقة في تطوير أوعية دموية مكونة من مواد اصطناعية، لكن تعاني هذه المواد الاصطناعية من بعض العيوب التي تشمل انخفاض مستوى الفعالية ونقص المرونة وزيادة خطر الالتهاب، إضافة إلى أنها تدوم لفترة محدودة تتراوح ما بين سنتين إلى خمس سنوات.

وفي هذا الإطار، ركز الدكتور بيتر كوريدون، الأستاذ المساعد في علم المناعة في جامعة خليفة، على تطوير خيار ممكن آخر وهو الأوعية الدموية الاصطناعية الحيوية، حيث قام الدكتور بيتر بالتعاون مع كل من زينيو وانغ، مساعد بحثي والدكتور فنسنت تشان، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية، باختبار المنهجيات الحديثة الحالية المستخدمة في الحصول على أوعية دموية فارغة من الخلايا. وقام الفريق أيضًا بتحديد التحديات ووجهات النظر الممكنة مستقبلًا لهذا البحث في هذا المجال.  وقد نُشرت نتائج الدراسة في المجلة الدولية "فرونتيرز إن بيو إنجنييرنغ آند بيوتكنولوجي"، وهي مجلة متعددة التخصصات تركز على تطوير العلاجات والأجهزة والتكنولوجيات الحيوية.

من جهته، قال الدكتور بيتر: "تُستخدم عمليات تحويل مسار الشريان التاجي في علاج الحالات المرضية الشديدة. وتقوم هذه العملية، التي تتضمن وضع عضو مكان آخر، على جمع الأوعية الدموية من ذراع المريض أو ساقيه أو منطقة الصدر أو البطن لاستبدالها بالعضو التالف. وقد يؤدي جمع الأوعية الدموية من جسم الشخص المريض إلى إصابته بأمراض أخرى، الأمر الذي قد يتطلب عمليات جراحية مكلفة اقتصاديًا لعلاجه، وقد ينتج عن ذلك أيضًا العديد من مضاعفات ما بعد العملية كالالتهابات وآلام أخرى طويلة الأمد".

وأضاف الدكتور بيتر: "قد يرافق نتائج العمليات التجميلية آثارًا اجتماعية ونفسية كبيرة. وفي هذا الصدد، نحتاج إلى بدائل للأوعية الدموية قابلة للزراعة".

توجد مشكلة ثالثة محتملة الحدوث لاستخلاص الأوعية الدموية من المريض نفسه وهي أنه قد لا تتناسب أجسام جميع المرضى مع الأوعية الدموية البديلة بسبب أنسجته المصابة مسبقًا بأمراض الأوعية الدموية أو نتيجة تدخلات جراحية سابقة.

تحتوي الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية على كميات كبيرة من الأوعية الدموية لكنها تختلف بالحجم نتيجة اختلاف تركيب الخلايا وبالتالي اختلاف وظيفتها الفيزيائية، إلا أن الأنواع الثلاثة للأوعية الدموية تحتوي جميعها على شبكات لعوامل حيوية وبروتينات تسمى (المصفوفة خارج الخلية)، حيث تساهم هذه الشبكات في تنظيم الوظائف الخلوية والنسيجية وتحافظ على سلامة الهياكل الخلوية.

ويمكن زراعة المصفوفة خارج الخلية في جسم المستقبل لتشكل هيكلًا هناك وتعيد بناء الأوعية الدموية، ما يحد من المخاوف الناتجة عن رفض الجسم لزراعة عضو جديد كحل جديد ملائم حيويًا.

وقال الدكتور بيتر: "تهدف تكنولوجيات تفريغ الخلايا في الأوعية الدموية إلى التخلص من المكونات الخلوية في الأنسجة الأصلية مع المحافظة على مصفوفة خارج الخلية، ليتم تزويد الأوعية الدموية  بالبنية الهيكلية".

وتتمحور عملية تفريغ الخلايا في استئصال عضو طبيعي من كائن سواء إنسان أو حيوان، ومن ثم تتم عملية تعقيم هذا العضو بشكل لا يُبقي منه إلا شبكة الكولاجين التي تعد هيكلًا طبيعيًا. بعد ذلك، يوضع الهيكل المفرغ من الخلايا في خلايا المريض لإنتاج الأنسجة، مشكلًة منصة لنمو خلايا جديدة تناسب حاجة كل مريض. وتساهم هذه الهياكل المفرغة من الخلايا بلعب دور الأوعية الدموية بشكل فوري وفعال، حيث تسمح بتدفق الدم إلى الجسم من خلال الكلى.

وقال الدكتور بيتر: "تمكنا من خلال هذا البحث من الحصول على معرفة كبيرة حول تأثير عمليات تفريغ الخلايا على أنسجة الأعضاء الأصلية وبنيتها، حيث ساهمت نتائجه في الحث على توفير بدائل تجارية للأوعية الدموية باستخدام مواد طبيعية لتحل محل الأجهزة المصنعة المتوفرة حاليًا. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هناك مجموعة من التحديات التي يجب التغلب عليها لدعم التطور في هذا الجانب، كما يمكن إيجاد الحلول لتلك التحديات عن طريق دمج المنهجيات المكونة من استراتيجيات حديثة ومتقدمة. وبشكل عام، تعتبر عملية تفريغ الخلايا تكنولوجيا واعدة يمكن الاستفادة منها وتطويرها مستقبلًا".