باحث من جامعة خليفة يطور طريقة متقدمة في علاج السكري بالاستعانة بالأعضاء الاصطناعية الحيوية

ساهم الدكتور بيتر كوريدون عضو الهيئة الأكاديمية في جامعة خليفة في إحداث تقدم في مجال هندسة الأنسجة من خلال تطوير  الأنسجة المعدلة جينيًا والمكونة من أجزاء من أنسجة مجردة من الخلايا تم استئصالها من الفئران والجرذان والخنازير والجمال والأغنام وتشمل الأوعية الدموية والقصبة الهوائية والمريء، وأعضاء مكتملة كالكلى والعيون والتي يمكن استخدامها كأنسجة وأعضاء بديلة.

ويعتبر بحث الدكتور بيتر أحد أوائل البحوث التي ركزت على أهمية الأوعية الدموية والأعضاء الاصطناعية الحيوية في ظروف فيزيولوجية معينة واختبار آلية عملها وطريقة تمديدها للحصول على هيكل خال من الخلايا أقل عرضة للتلف وأكثر فعالية في مجال زراعة الأعضاء طويلة الأمد.

وقد يشكل تجريد الخلايا من الأوعية الدموية لأعضاء الحيوانات الحل الجديد لعلاج المشاكل الطبية كاعتلال الشبكية وبتر الأطراف والفشل الكلوي. فبعد عملية تجريد الخلايا يبقى لدينا نسيج من الكولاجين والبروتين يسمى بـالمصفوفة الخلوية والتي تمنح الأوعية الدموية هيكلها، وهو ما يُدعى بهندسة الأنسجة وتشكل أساس بحث جامعة خليفة المتمركز حول تصميم هياكل لإعادة نمو الأنسجة والأعضاء لدى المرضى المصابين بأمراض تؤدي لفشل في وظيفة الأعضاء.

وفي هذا الإطار، بحث الدكتور بيتر كوريدون، الأستاذ المساعد في علوم الفيزيولوجيا والمناعة في جامعة خليفة، فعالية الشبكات الوعائية في الأنسجة المجردة من الخلايا بهدف دعم تطوير الأوعية الدموية في الكلى، وتم نشر نتائج هذه الدراسة في المجلة العلمية "ساينتيفك ريبورتس" التابعة لشركة النشر الدولية "نيتشر"، حيث ستساهم نتائج البحث في تنفيذ العلاجات التي تحمي أرواح الأفراد من حالات الفشل الكلوي الناجم عن مرض السكري.

وقد تمت زراعة أوعية دموية معدلة جينيًا لأول مرة في العام 2013 لمريض يعاني من مرض في الكلى في مرحلته المتأخرة. وفي وقت سابق هذا الشهر، تمت زراعة قلب لشخص أمريكي من خنزير معدل جينيًا ليكون بذلك أول شخص في العالم يحصل على زراعة للقلب بهذه التقنية.

ويعد مرض السكري السبب الرئيس المؤدي لمرض الفشل الكلوي بنسبة تصل إلى الثلث بين البالغين المصابين بالسكري. وتكمن وظيفة الكلى في تنقية الماء من الفضلات وطردها خارج الجسم لضبط ضغط الدم والمحافظة على توازن نسب الماء والأملاح والمعادن في الجسم، حيث يتدفق الدم إلى الكلى عبر  الشريان الكلوي لتتم تنقيته في وحدات الترشيح في الكلى التي تُسمى بـ (النيفرونات) وبعد ذلك يتدفق الدم خارج الكلية عبر الشريان الكلوي. وتحدث هذه العملية خلال اليوم بمعدل 150 كوارت من الدم كل يوم.

وقد يؤدي عدم السيطرة على مرض السكري إلى تلف الأوعية الدموية في الكلى والعيون والساقين والأقدام، إضافة لارتفاع في ضغط الدم الذي يقود بدوره لمزيد من تلف الأعضاء، وبالتالي التسبب بالفشل الكلوي وبتر الأطراف واعتلال الشبكية.

وقال الدكتور بيتر: "يُتوقع نهاية هذا العام أن نسبة 30% من سكان دولة الإمارات أن يصابوا بالسكري، حيث تظهر عليهم  بعض المضاعفات في الأوعية الدموية قد تؤدي للإصابة بحالات مرضية مزمنة وفشل في الأعضاء. وفي هذا الصدد، تستدعي مثل هذه المشاكل الصحية الحاجة للطرق المبتكرة والفعالة والآمنة لعلاج الحالات المسببة للخلل الوظيفي للأوعية الدموية".

وتتضمن الطرق التقليدية في علاج الأمراض الكلوية غسيل الكلى وزراعة الكلى، حيث يعمل غسيل الكلى عمل وحدات التنقية وتعمل زراعة الكلى على استعادة جميع وظائف الكلى، إلا أن هناك نقص عالمي حاد في توفير الكلى والأعضاء القابلة للزرع وما قد يصاحبه من رفض الجسم لأنسجة الأعضاء، الأمر الذي يفاقم الحاجة للحلول البديلة.

وأضاف الدكتور بيتر: "تشير النتائج الأخيرة إلى أن الطريقة الممكنة للتصدي لهذه المشكلة المتصاعدة هي تطوير أوعية دموية بديلة يمكن استخدامها لعلاج الأفراد الذين تتطلب حالاتهم التدخل الجراحي في الدولة".

يمكن الاستفادة من شبكات الأنسجة المعدلة جينيًا في تطوير الأوعية الدموية الاصطناعية الحيوية والتي تعرف باسم (الأوعية اللاخلوية)، وهي شبكات يتم تركيبها داخل الجسم لتوفر مكان لنمو الخلايا ويمكن تعديلها وفقًا لكل حالة مرضية. وتؤدي تلك الشبكات وظيفة الأوعية الدموية الطبيعية من خلال إتاحة تدفق الدم عبر الكلى.

من ناحية أخرى، توجد بعض الظروف التي تحد من فعالية شبكات الأنسجة الاصطناعية. لذلك، بحث الدكتور بيتر في نموذج مبسط لتحليل الظروف اللازمة لإعداد شبكات اصطناعية حيوية طويلة الأمد، حيث استعان بأعضاء لا خلوية من حيوانات صغيرة وكبيرة الحجم لتحقيق محاكاة دقيقة لنموذج الأوعية الدموية ووظائفها.

وفي ظل الظروف العادية، تساهم الكلى في ضبط تدفق الدم في الجسم بشكل تلقائي للحفاظ على ضغط الدم من خلال الأوعية الدموية، أما الكلى المجردة من الخلايا لا يمكنها القيام بذلك، ما قد يساهم في حدوث ضرر كبير عند ارتفاع معدلات التدفق.

وأثبتت نتائج الدراسة البحثية أن الأعضاء التي طورها الدكتور بيتر تحظى بسلوك مشابه للأعضاء الأصلية في الحالات المرضية، حيث وفرت دراسة الدكتور بيتر وسيلة للكشف عن آلية عمل الأوعية الدموية ويمكن الاستفادة منها في تحديد الطرق التي تجعل أي هيكل مجرد من الخلايا أقل عرضة للتلف وأكثر فعالية لتوفير  تقنية زراعة الأعضاء طويلة الأمد.

يذكر أن التكنولوجيات التي تقوم على استئصال الخلايا تحظى بمستقبل واعد في مجال صناعة الأنسجة والأعضاء الاصطناعية الحيوية، وسيساهم الفهم الشامل لتحديات هذه التكنولوجيا في توفير المعلومات الضرورية لإحداث التحسينات الميكانيكية الحيوية المهمة لرفع مستوى جودتها ودعم سبل الاستفادة منها طبيًا.