أسعار الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وأثرها على الأفراد

تشهد أسعار الطاقة الشمسية في منطقة الخليج انخفاضًا ملحوظًا للمرة الثالثة خلال هذا العقد ومع زيادة الطلب على مرافق الطاقة الشمسية بشكل كبير  تنخفض في المقابل تكلفة الطاقة الشمسية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

تعتبر الرياح البرية والطاقة الشمسية في الوقت الحاضر من أقل مصادر الطاقة تكلفة عند الحديث عن تكلفة الطاقة الناتجة عن محطات الطاقة الحديثة، فهي أقل كلفة من الغاز والطاقة الناتجة عن الحرارة الأرضية والفحم والطاقة النووية، في حين شهدت الطاقة الشمسية قبل 10 سنوات ارتفاعًا في الأسعار هو الأعلى من نوعه لبناء محطة جديدة للطاقة.

وفي هذا الصدد، بين باحثون من جامعة خليفة وهم، الدكتور هاري أبوستوليريس، زميل دكتوراه والدكتورة أمل الغافري، أستاذة مشاركة والأستاذ ماتيو تشييزا، أثر الظروف المحلية وعوامل الاقتصاد الكلي العالمية في إيجاد طاقة شمسية بأسعار معقولة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم نشر الورقة البحثية في المجلة العلمية "بروغرس إن فوتوفولتيكس".

ويؤكد العلماء على أن السوق في منطقة الخليج بشكل عام ودولة الإمارات والسعودية بشكل خاص في بداية منحنى التعلم العالمي ويمثل نافذة إلى مستقبل قريب من الخلايا الكهروضوئية وبشكل واسع النطاق في جميع أنحاء العالم.

وكغيرها من التكنولوجيات، كلما زاد مستوى الاستثمار في الطاقة الشمسية قلت تكلفتها، حيث برزت منطقة الشرق الأوسط كرائد عالمي في التوسع في الطاقة الشمسية وتحديد أسعارها من خلال إطلاق المشاريع الكبيرة  على نطاق واسع في المنطقة.

وفي دراسة سابقة، توصل فريق بحثي من جامعة خليفة إلى مجموعة العوامل المؤدية إلى انخفاض أسعار الطاقة الشمسية والتي تشمل انخفاض متسارع في أسعار الأجهزة والمعدات والظروف التجارية المحلية وإمكانية توفير البرامج التمويلية، حيث انخفض المعدل العالمي للأسعار  في المناخات المتشابهة حول العالم لمستوى الأسعار  في منطقة الخليج والتي تشهد في الوقت الحالي انخفاضًا جديدًا في الأسعار. ويرى الباحثون أن الطاقة الشمسية تمكنت من ترسيخ أهميتها كمصدر للطاقة الأمثل اقتصاديًا والذي يواصل انخفاض أسعاره منذ عام 2016 بشكل ملحوظ.

وفي هذا الإطار، قال  الدكتور هاري: "إذا انتشرت هذه الأسعار  في جميع أنحاء العالم بهذا المستوى، ستتجه الشركات التجارية إلى توليد الكهرباء بشكل خال من الكربون ليتراجع الاعتماد على محطات الفحم والغاز  ويحل محلها الطاقة الشمسية بهدف الحد من التكلفة الاقتصادية".

وتعد منحنيات التعلم العالمي جزءًا من أسباب انخفاض الأسعار، فكلما زاد إنتاج الألواح الشمسية، تحسن مستوى التكنولوجيات وبالتالي أصبح للاقتصادات دورًا فاعلًا، وتلاشى دور الوقود الأحفوري من المنافسة في هذا المجال، فالطاقة الصادرة عن أشعة الشمس غير مكلفة وهي متوفرة بشكل يومي في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف الدكتور هاري: "نثمن دور القيادة في دولة الإمارات لإدراكها أهمية الطاقة الشمسية واستثمارها والاستفادة منها في الوقت الذي لا تزال فيه بعض الدول غير متأكدة من إمكانات هذه الطاقة، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات لتكون في طليعة المنحنى العالمي في مجال الطاقة الشمسية".

وساهم ظهور لاعبين دوليين رئيسيين في عمليات تطوير الطاقة الشمسية في منطقة الخليج في الكشف عن أسعارها المنخفضة والتي تعتبر أقل من سعر السوق، حيث تحظى المؤسسات الكبيرة في المنطقة بأسعار متدنية نسبيًا إلا أنها قادرة على  رفع مستوى أسعار الطلبات الكبيرة على الأجهزة والمعدات بشكل ملحوظ يدخل في نطاق السمعة أو ما يُعرف بـ "حقوق التباهي"، لا سيما في مجال إبرام العقود الكبيرة والحصول على حصة في السوق، كما ساهمت البرامج التمويلية وثبات مصدر الطاقة الشمسية في تعزيز أهمية انخفاض أسعار الطاقة الشمسية في منطقة الخليج.

وقال الدكتور هاري: "يمكن للمطورين تقبل فكرة تدني هوامش الربح مقابل الفائدة المجنية من المشاريع الكبيرة، حيث يتمتع المطورون بمنحنى تعلم خاص بهم ويساهم إنشاء المشاريع الكبيرة في انخفاض منحنى التعلم بشكل سريع، مما يحد من نسبة تكاليف المشاريع مستقبلًا".

ووفقًا لباحثي جامعة خليفة، تتبع اقتصادات الطاقة الشمسية في منطقة الخليج نفس الأنماط العامة التي تتبعها بقية دول العالم لكن بشكل متقدم، وهو ما يراه الباحثون دليلًا يبين طريقة تعامل منطقة الخليج للموضوع على أنه مؤشر  لمدى تطور السوق العالمي وليس مجرد انحراف في المنحنى.

وفي سياق الثورات في أي مجال من مجالات الطاقة لا بد من ظهور العديد من الفرص والتحديات، حيث تُعرف الطاقة المتجددة بعدم انتظامها خلال اليوم والعام إلا في المناطق التي تنعم بأشعة الشمس بشكل دائم كمنطقة الشرق الأوسط. وتتسم شبكات الطاقة المتوفرة في الوقت الحالي بعدم قدرتها على توزيع الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة لمسافات بعيدة وحفظ الطاقة للاستفادة منها خلال أوقات الليل عندما يصعب توليد الطاقة الشمسية. ويمكن التغلب على هذه التحديات المتمثلة بتقطع مصادر الطاقة وجغرافية المكان، لكنها تتطلب الاستثمار في مجال تطوير وبناء البنية التحتية اللازمة.

وأضاف الدكتور هاري: "تتوفر العديد من الطرق التي تساهم في تعديل أنظمة الطاقة بهدف تعزيز  قيمة الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة، إضافة لاستراتيجيات الإدارة الرامية إلى تغيير منحنى الطلب على الطاقة ليصل إلى منحنى توليد الطاقة الشمسية بشكل يقلل من الحاجة لحفظ الطاقة، وهو التحدي الذي تستدعي معالجته من منظور تقني واجتماعي واسع النطاق".

ويمثل السوق المتخصص بالطاقة الشمسية في منطقة الخليج نافذة لمسارات الطاقة الكهروضوئية على مستوى العالم مستقبلًا، ويشير باحثو جامعة خليفة إلى وجود  فائدة كبيرة في المستقبل في هذا الصدد على الرغم من وجود التحديات التي سيشهدها السوق والقادر على مواجهتها والتصدي لها رواد الطاقة الشمسية في المنطقة.

يُذكر أن الباحثين في جامعة خليفة يساهمون في دعم دولة الإمارات في مجال التقدم المعرفي وريادة الطاقة الشمسية في المنطقة، لا سيما وأن الدولة قامت بتحديد أهدافها وطموحاتها في مجال الطاقة الشمسية. وتسعى بحوث الابتكار في مجال الطاقة الشمسية في جامعة خليفة إلى الحد من معدل التكلفة وزيادة مستوى فعالية الخلايا الشمسية من خلال الكشف عن أثر تغير المناخ على إنتاج الطاقة المتجددة وبحث إمكانية توفير  الطاقة الشمسية على مدار الأسبوع.