باحثون من جامعة خليفة يتمكنون من تصوير مواد عضوية في أحافير يقدر عمرها بـ 12 ألف سنة

في تجربة هي الأولى من نوعها

 

توصل فريق بحثي من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا إلى طريقة جديدة يمكن من خلالها مشاهدة المواد العضوية في طحالب دقيقة متحجرة تُعرف باسم (دياتومات) وذلك باستخدام تقنيات تصوير مجهرية ذات فعالية تعزز دور العلماء في تحقيق الفهم الأفضل للظروف الجوية والمناخية التي تعرض لها كوكب الأرض قبل آلاف السنين.

تُعتبر الدياتومات أحد أكثر الكائنات الحية البحرية الدقيقة تكاثراً لتشكل غذاءً للعديد من الحيوانات البحرية، وتحظى بما يقارب الـ 16,000 صنفاً يمكن حفظها في سجل الرسوبيات لقدرتها على توفير  الإشارات التي توضح طبيعة الحياة على كوكب الأرض في الماضي. ويعتبر  سجل أحافير الدياتومات الكبير، والذي يتضمنه سجل الرسوبيات، موضوعاً في غاية الأهمية بالنسبة للعلماء الذين يبحثون في التغيرات والظروف البيئية المؤثرة عبر الزمن.

ويضم الفريق البحثي الدكتور غوبند داس، الأستاذ المشارك في الفيزياء في جامعة خليفة والدكتور شون أكسي والدكتور لبوس بوليركي والدكتور جاك ميدلبيرغ من قسم علوم الأرض في جامعة أوترخت والدكتورة سوزانا أغوستي من مركز أبحاث البحر الأحمر  في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والدكتورة لاتيتيا بيشيفن من كلية العلوم الجيولوجية في جامعة إدنبره، حيث تم نشر استنتاجاتهم البحثية في المجلة العلمية المرموقة "مارين كيمستري".

وتتميز الدياتومات بتركيبة فريدة من نوعها تشمل جداراً خلوياً من مادة ثاني أكسيد السيليكون (سيليكون غير بلوري)، وتشير الدلالات الأحفورية إلى ظهور بعض الدياتومات الأحفورية قبل العصر الجوراسي أو خلاله، أي قبل حوالي 150 إلى 200 مليون سنة.

وتكمن أهمية مادة السليكون في الدياتومات الأحفورية في حماية المواد العضوية التي تحويها والتي يمكن من خلال دراستها فهم الظروف التي تنشأ في المحيطات وإعادة تشكيلها في الوقت الذي كانت الدياتومات لا تزال حية.

من جانبه، قال الدكتور غوبند: "يساهم النيتروجين الذي يحميه جدار الدياتوم من أي تغيرات في تقديم معلومات ذات فعالية في الكشف عن الظروف في تلك الحقبة".

ويشكل موقع المواد العضوية الذي يتخلل جدار الدياتوم تحدياً كبيراً أمام البحث فيها حتى الآن. وفي هذا الصدد، تمكن الفريق البحثي من التعرف إلى الموقع الذي يتم فيه حفظ المادة العضوية في الأحفورة باستخدام تقنيات تصوير عالية الدقة، حيث قاموا بتطوير  تقنية تصوير الطيف الكتلي للأيونات الثانوية النانوية وتطبيقها عملياً لتحقيق فعالية في تصوير عناصر في غاية الدقة يبلغ حجمها 50 نانومتر.

وللتأكد من مدى صحة نتائجهم البحثية، استخدم الفريق تقنية رامان للتحليل الطيفي والمجهر الإلكتروني للبحث الدقيق داخل الأحفورة والتعرف إلى تركيب الجزيئات داخل العينات، كما ساهمت التقنيتان في تصوير المواد العضوية داخل جدار الأحفورة في تجربة هي الأولى من نوعها، مع التركيز على موقع المادة العضوية بشكل محدد. ويذكر أن العينات التي تم اختبارها من قبل الفريق البحثي قد أُخذت من رسوبيات يصل عمرها إلى 12,450 سنة.

وأضاف الدكتور غوبند: "تؤكد  نتائج الدراسة الأولى من نوعها في هذا المجال إمكانية تصوير  المواد العضوية داخل جدار الأحفورة المصنوع من السليكون من خلال تقنية تصوير الطيف الكتلي للأيونات الثانوية النانوية المصاحبة لتقنيات رسم الخرائط الكيميائية عالية الدقة بهدف تحقيق الفهم الأفضل والأعمق لتوزيع المواد العضوية خلال الجدار".

ويساهم الكشف عن المواد العضوية في الأحافير في تعزيز عمليات البحث الدقيق والفعال في تركيبها، وبالتالي تحسين المستوى المعرفي للباحثين حول الظروف التي سادت المحيطات والعوامل الجوية والمناخية التي شهدها كوكب الأرض قبل أكثر من 12,000 سنة.