باحثون من جامعة خليفة يشاركون في فعاليات الملتقى الدولي للاستمطار 2021

يعتبر الملتقى الدولي للاستمطار منصة عالمية تجمع أبرز الرياديين من الخبراء والباحثين والعلماء والشركا محلياً ودولياً لمواجهة القضايا العالمية الملحة المتعلقة بالمياه والاستدامة.

وخلال الملتقى، قدم ثلاثة باحثين من جامعة خليفة بحوثهم التي تركز على الابتكار في مجال المواد المتقدمة والطرق العملية التي تعزز عملية الاستمطار، كما قاموا بعد عرض بحوثهم بمناقشتها بشكل أكثر وضوحاً إلى جانب الدكتور ستيف جريفث، نائب رئيس أول في البحث والتطوير في جامعة خليفة.

وركز الموضوعات البحثية على تطبيق تكنولوجيا النانو المستخدم في تطوير مواد بذر السحب الجديدة ودراسة أثر الشحنات الكهربائية على تشكيل قطرات السحب وخوارزميات تحديد الظروف المناسبة لعملية بذر السحب، إضافة لدمج العديد من النماذج والبيانات الجديدة للوصول إلى نموذج موحد للتنبؤ بالحالة الجوية.

 

استخدام الجسيمات النانوية المسامية في عملية بذر السحب الباردة

استخدمت الدكتورة ليندا، الأستاذة في الهندسة البيئية والبنية التحتية المدنية، الجسيمات النانوية المسامية في عملية بذر السحب الباردة. ويُعرف بذر السحب على أنه العملية التي يتم من خلالها وضع بعض المواد في السحب بهدف تحفيزها لتشكيل قطرات المطر، حيث يحدث سقوط الأمطار الطبيعي من السحب الباردة عند سقوط البلورات الثلجية من السحب المرتفعة داخل السحب أسفل منها لتقوم بدور البذور في تشكيل بلورات ثلجية أكبر حجماً وبالتالي تَشكُّل الأمطار.

وتعتمد الدكتورة ليندا في بحثها على تكنولوجيا النانو لتطوير مواد تُعرف بـ (الجسيمات النووية الثلجية) والتي تقوم بدور البلورات الثلجية الطبيعية في تشكيل قطرات المياه شديدة البرودة في درجات حرارة أقل من 38 درجة سلسيوسية تحت الصفر. وتتم عملية بذر السحب الباردة في المكان الذي يتميز بدرجة حرارة دافئة على السطح، مما يسمح  بتكون الأنوية الثلجية في درجات حرارة تصل إلى 8 درجة سلسيوسية تحت الصفر والذي يسهِّل عملية البذر بشكل نسبي.

واستخدمت الدكتورة ليندا تكنولوجيا النانو في تطوير مواد بذر السحب التقليدية والجسيمات الهندسية ذات الخصائص المحسنة لضمان توفير أكبر قدر ممكن من الأنوية الثلجية، كما استعانت بالقليل من أكسيد الغرافين كنموذج لنمو البلورات الثلجية الشبيه بالهيكل المسامي الطبيعي، إلى جانب إضافة جسيمات نانوية من أكسيد السليكون لتعزيز إمكانيات امتصاص جزيئات المياه في جسيمات المركب.

وتساهم جسيمات أكسيد السليكون النانوية في تكوين المسام في المرحلة الأخيرة، كما أنها تلعب دوراً أساسياً في تكوين الأنوية الثلجية عند تجمع المياه السائل في المسام. وفي هذا السياق، أظهرت تجارب الدكتورة ليندا قدرة الجسيمات النانوية على تكوين الأنوية الثلجية في درجات حرارة منخفضة تصل إلى 8 درجات سلسيوسية تحت الصفر، والذي يشير إلى إمكانية استخدام بذر السحب الباردة في حال عدم تكون العواصف الثلجية والضباب.

 

الدقة في نمذجة الحالة الجوية

ركزت جهود الدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة أولى ورئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية، في تطوير نموذج متعدد الأجزاء وموحد للتنبؤ بالحالة الجوية الذي من شأنه تعزيز التطبيقات المتعلقة بالأمطار في دولة الإمارات.

يُعرف المناخ في دولة الإمارات على أنه حار وجاف وقد تشهد سقوطاً للأمطار خلال أشهر الشتاء، فهي تحظى بأنظمة جوية فريدة من نوعها قابلة للتطور خلال أشهر الصيف وتعرف بـ (أنظمة الميزو الحرارية) والتي تسعى الدكتورة ديانا للتنبؤ بها.

وفي هذا الإطار، قام فريق الدكتورة ديانا البحثي باختبار أجزاء النموذج الموحد الذي طوروه والتأكد من فعاليته من ناحيتين، المناخ والرمال من جهة وسقوط الأمطار في فصل الصيف من جهة أخرى.

وتضم أنظمة الميزو الحرارية مجموعة من العواصف التي تتحرك كنظام واحد يتطلب تطويره في البيئات الجافة، كدولة الإمارات، مجموعة من العوامل التي تتنوع ما بين المحلية والإقليمية والتي تشمل انخفاض كبير في درجة الحرارة في المنطقة الواقعة بين اليابسة والبحار المحيطة. ففي حال التقاء الهواء البارد القادم من البحر مع هواء اليابسة الحار، تظهر احتمالية تشكل أنظمة الميزو الحرارية.

وأكدت الدكتورة ديانا على أهمية الاستفادة من النماذج الحديثة والمتطورة في المشاريع المتعلقة بالمناخ في المناطق الجافة وضرورة تطوير  نماذج رقمية شاملة واختبار قدرتها في تمثيل تلك البيئات بشكل دقيق.

وعلى صعيد آخر، تلعب الانبعاثات الرملية القادمة من شبه الجزيرة العربية دوراً هاماً في التأثير على الحالة الجوية في دولة الإمارات، حيث يؤثر الغطاء الرملي بشكل كبير  على درجة حرارة سطح الأرض والغلاف الجوي خلال الليل وبالتالي تعديلها لمستويات أقل.

وبينت الدكتورة ديانا مدى أهمية أخذ الغطاء الرملي بعين الاعتبار عند التنبؤ  بعمليات بذر السحب وتصميمها وتطويرها داخل الدولة، نظراً لأهمية دور الرمال في عملية تطوير السحب.

وفي هذا الصدد، يتعين تطوير النماذج بشكل أكثر فاعلية للمساهمة في تعزيز البيئة المناخية داخل الدولة وجميع العمليات المتعلقة بالغلاف الجوي، حيث سيقود التناقض في أي من هذه النماذج إلى عمليات بذر  غير فعالة ما يستدعي الحاجة إلى نماذج دقيقة وأنظمة تنبؤ  ذات كفاءة.

 

آثار الحمل الحراري على عمليات الاستمطار في دولة الإمارات

وضح باحث الدكتوراه الدكتور ريكاردو فونسيكا كيفية حدوث الحمل الحراري في دولة الإمارات بشكل تفصيلي وآثاره على عمليات الاستمطار، حيث بين أن سقوط الأمطار  يحدث ما بين شهر ديسمبر ومارس، إلا أنه من المحتمل حدوث تساقط للأمطار في أجزاء متفرقة في الدولة خلال أشهر الصيف. ومع ذلك، تعتبر النماذج الدقيقة للتنبؤ بالحالة الجوية أمراً في غاية الأهمية في مجال الاستفادة من تشكل السحب في عمليات الاستمطار.

وبين الدكتور ريكاردو أن هناك خاصيتين تتعلقان بالغلاف الجوي تلعبان دوراً أساسياً في ظهور الحمل الحراري في دولة الإمارات وهما، الضغط الجوي المنخفض والالتقاء المداري. ويعتبر  الضغط الجوي المنخفض نظاماً جوياً يتطور نتيجة الحرارة السطحية العالية بفعل الشمس، أما الالتقاء المداري فهو  الحد الواقع بين الرياح الحارة والرياح الجافة القادمة من المناطق الصحراوية والرياح والرطوبة والرياح الباردة القادمة من بحر العرب.

ورجوعاً إلى الأمطار التي هطلت فوق جبال الحجر  في دولة الإمارات عام 2017، استعان الدكتور ريكاردو بالعديد من النماذج  التي تحاكي هذه الحادثة، حيث تشير النتائج إلى أن نموذج التنبؤ وبحث الحالة الجوية أثبت فعاليته في محاكاة تيارات الحمل الحراري فوق جبال الحجر  في سبتمبر 2017. وأكد الدكتور ريكاردو  على إمكانية استخدام نموذج التنبؤ وبحث الحالة الجوية كوسيلة مساهمة في عمليات الاستمطار في الدولة.

يذكر أن باحثي جامعة خليفة أكدوا في نقاشاتهم على أهمية دور البحوث، والتي تركز على تطوير الابتكارات المتعلقة بعمليات الاستمطار المتمثلة بتكنولوجيات بذر السحب وأنظمة نماذج التنبؤ الجوية الدقيقة، في تعزيز  مستقبل المياه والأمن الغذائي في الدولة، كما كشفوا عن الجهود الهامة التي يتم إجراؤها في الوقت الحالي في جامعة خليفة والرامية إلى تحويل هذا البحث إلى تطبيقات عملية.