باحثون من جامعة خليفة يتنبؤون بتأثير الخيوط الكونية

استعانوا بنظرية النسبية العامة للكشف عن طريقة جديدة لرسم الخرائط ورصد الخيوط الكونية

تُعرَّف العدسة الجاذبية، بالنسبة لأينشتاين، على أنها الكتلة التي تغير في الشكل الهندسي للزمان والمكان بطريقة تسبب انحراف أشعة الضوء التي تمر بالقرب منها، حيث تكمن فكرة عدسة الجاذبية في انحناء أشعة الضوء بالقرب من مصادر الجابية كالنجوم مثلاً، وكلما كبر حجم الكتلة زادت الجاذبية وكلما اقتربت الكتلة من مصدر الجاذبية، زادت نسبة انحناء الأشعة. وقد تم ملاحظة هذا التأثير لأول مرة في العام 1919 عندما قام الفيزيائي الإنجليزي، آرثر إدينغتون، بقياس موقع النجوم القريبة من الشمس قبل كسوفها الكلي وخلال فترة الكسوف ليصل إلى نتيجة تبين تأثير الجاذبية الشمسية في انحناء أشعة الضوء من النجوم القريبة.

من جانبه، قال الدكتور ديفيد: "أدرك العلماء فيما بعد أنه قد تستخدم هذه الظاهرة في البحث عن الأعماق الكونية بدقة غير مسبوقة، مما فتح الباب أمام علم الكون الحديث وأصبح مفهوم عدسة الجاذبية مجالاً بحثياً هاماً".

ويمكن للتكنولوجيا الحديثة في علم الفلك قياس الموقع النسبي للنجوم باستخدام هذه التقنية.

فإذا تخيلنا وجود نجمين وكوكب الأرض في مسار  مستقيم واحد، ستؤثر عدسة الجذب في انحناء الضوء الصادر عن النجم الأبعد إلى ما حول النجم الأقرب مشكلاً  صورة خافتة للنجم. وإذا تم استبدال مصدر الجاذبية بين كوكب الأرض والنجم البعيد بثقب أسود، فإنه سيتم التقاط الأشعة الضوئية الصادرة عن النجم البعيد من قبل الثقب الأسود، والتي تدور في مدار دائري خارج الثقب الأسود مكونة حلقة من الضوء حول الثقب الأسود. وبذلك، نتوصل إلى حقيقة وجود جسم جاذبي بعيد لا يمكن رؤيته، رغم أنه مضيء في الوقت نفسه.

ويطلق العلماء على هذا الأثر الافتراضي اسم "حلقة أينشتاين"، فمنذ التنبؤ بقاعدة انحناء الضوء ونظرية النسبية العامة، والتي تنص على التفاعل المباشر بين الجاذبية والكهرومغناطيسية، تم رصد العديد من صور المجرات والنجوم والمجموعات النجمية وحلقات أينشتاين بواسطة تلسكوبات في غاية الدقة، كما تستخدم تقنية عدسة الجاذبية في الكون للتوصل إلى الثقوب السوداء الموزعة على امتداد الكون.

استخدام عدسة الجاذبية لرصد الثقوب السوداء

تشهد أشعة الضوء المارة بالقرب من ثقب أسود انحرافات كبيرة تتيح لنا مشاهدة الثقوب السوداء، سواء كان مصدر الضوء منبعثاً من خلف الثقب أو من أمامه.

وأضاف الدكتور ديفيد: "يعتبر انحناء الضوء والحالات المرتبطة به من الآثار الحقيقية للنسبية العامة. فبينما تمت دراسة انحناء الضوء ومراقبته في العديد من المواقف، يمكن القول بأن المدارات التي تدور فيها جسيمات عديمة الكتلة تشكل ظاهرة مثيرة للاهتمام وتستحق التركيز عليها".

وقال الدكتور ديفيد: "يوجد نوعان من عدسات الجاذبية هما، العدسات الضعيفة والعدسات القوية. وتحدث عدسة الجاذبية الضعيفة عندما تمر أشعة الضوء المنبعثة من المصدر في مسافة تبدأ من الجسم الجاذبي الموجود في المنتصف، في حين تحدث عدسة الجاذبية القوية عندما تنتقل أشعة الضوء لتقترب من مصدر الجاذبية، وتحديداً عندما تقترب من ما يطلق عليه الفوتون".

وفي حين أنه من الصعب رصد عدسة الجاذبية الضعيفة لثقبين أسودين مرتبطين بخيط كوني نظراً لصغر حجمها، نجح فريق الجامعة البحثي في الكشف عن عدسة الجاذبية القوية لثقوب سوداء من خلال حساب صيغتها.

وتوصل الباحثون من خلال العمليات الحاسوبية التي أجروها إلى أنه لا يمكن لتحليل عدسة الجاذبية الضعيفة التي تم تطبيقه على ثقب أسود كبير أو حتى صغير  أن يحدد نوع القياس المتري المستخدم. وفي هذا الإطار، تمثل معادلات الباحثين الصيغة العامة لاستخدام الثقوب السوداء في مجال عدسة الجاذبية القوية، إضافة لإمكانية الاستفادة من البيانات التي تتم ملاحظتها بهدف التأكيد أو تفنيد وجود الثقوب السوداء.

وأضاف الدكتور ديفيد: " تعتبر النظرية الخيطية أو نظرية كل شيئ في علوم الفيزياء النظرية أحد أفضل النظريات التي ركزنا عليها، نظراً لكونها تجمع بين ميكانيكا الكم والنسبية العامة. وتوصلنا أيضاً، من خلال النظرية الخيطية، إلى الخيوط الكونية والتي ستقدم لنا أول دليل تجريبي لنموذج النظرية الخيطية الكامن وراء هيكل الزمان والمكان في الكون".