أظهرت القياسات العالمية الجديدة أن التقديرات الصادرة عن نماذج التلوث تقلل بشكل كبير من حجم الانبعاثات الفعلية وقد يعكس ذلك آثارًا خطيرة على السياسات المناخية والصحية
انبعاثات الكربون الأسود في دول جنوب العالم أعلى بكثير مما تشير إليه النماذج

يُعتبر الكربون الأسود، المعروف باسم السناج، أحد أكثر ملوثات الهواء ضررًا وعاملًا مؤثّرًا في تغيّر المناخ، حيث  وجد فريقٌ بحثي دوليٌّ ضم باحثتان من جامعة خليفة وهما، الدكتورة ديانا فرانسيس والدكتورة ناريندرا نيلي، أنّ القياسات العالمية قللت بشكل كبير من تقديرات انبعاثات الكربون الأسود في أجزاءٍ كثيرة من العالم. واكتشف الفريق وفقًا للدراسة التي نشروها في المجلة العلمية "نيتشر كوميونيكيشنز"، المعنيّة بالعلوم الطبيعية، إخفاق الجداول الحالية للانبعاثات العالمية في رصد الحجم الحقيقي لانبعاثات الكربون الأسود في أجزاء كبيرة من دول جنوب العالم، حيث تتجاوز القياسات الواقعية تنبؤات النماذج بمعدل ضعفين إلى أربعة أضعاف.

 

قارن الباحثون القياسات المباشرة للكربون الأسود باستخدام بيانات من شبكة الجسيمات السطحية  الدقيقة في 22 مدينة عبر ست قارات، بعمليات محاكاة من نموذج عالي الدقة للغلاف الجوي. وفي حين تتطابق التقديرات النموذجية بشكل وثيق مع الملاحظات التي رصدها الباحثون في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا، فإنها لا تمثل الانبعاثات في مدن مثل دكا وأديس أبابا وإلورين في نيجيريا ومدينة مكسيكو تمثيلًا دقيقًا.

 

وتوصل الباحثون إلى أن المشكلة تكمن في الافتراضات المضمنة في النماذج العالمية للانبعاثات، حيث تعتمد اعتمادًا كبيرًا على البيانات الواردة من الدول ذات الدخل المرتفع وغالبًا ما تتجاهل العوامل المحلية مثل الاستخدام واسع النطاق للكتلة الحيوية في الطهي والتدفئة وسوء تنظيم المصادر الصناعية وحرق النفايات بشكل غير رسمي. على سبيل المثال، يُحتمل أن تكون الانبعاثات الناتجة عن أفران الطوب التي تتسم بعدم الكفاءة، إضافةً إلى حرق النفايات في الهواء الطلق في مدينة دكا ببنغلاديش، أعلى بكثير مما تعرضه النماذج الحالية.

 

ينطوي هذا التحريف على آثار واسعة، حيث يتكون الكربون الأسود من الاحتراق غير الكامل للخشب والنفايات والوقود الأحفوري ويؤدي إلى زيادة حِدّة ارتفاع درجات حرارة الهواء والأسطح في المناطق التي يتركز فيها، كما يفرض تحدّياتٍ كبيرة مباشرة وغير مباشرة على المناخ والزراعة وصحة الإنسان، على الرغم من أنّه يختفي بعد فترة قصيرة من الغلاف الجوي، لذا، يمكن أن يسهم التقليل من شأن انتشاره، في تأخير الجهود الرامية إلى خفض الانبعاثات وحماية الصحة العامة أو تضليلها.

 

وعلى الرغم من إجراء بعض التحسينات على جداول الانبعاثات في السنوات الأخيرة، مثل إدراج بيانات جديدة من أفريقيا وتعديل البيانات من أجل تصحيح نسبة اعتماد مواقد الطهي التي شهدت ارتفاعًا، فإنها لا تزال أقل من أن تعكس الظروف الحقيقية على أرض الواقع. 

 

يدعو الفريق البحثي إلى بذل جهود عاجلة لتعزيز جداول الانبعاثات من خلال بياناتٍ أكثر دقة إقليميًا وتوسيع نطاق مراقبة نوعية الهواء في المناطق غير الممثلة بشكل كاف، حيث ستواصل هذه التقديرات التقليل من خطورة الآثار الصحية والمناخية للكربون الأسود في دول جنوب العالم، إذا لم تحدث هذه التغييرات.

 

ترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب