باحثون من جامعة خليفة يستعينون بتقنية البلوك تشين لتطوير جواز سفر رقمي للمناعة ضد كوفيد-19

لا  تزال الإجابة عن سؤال متى ستعود حياتنا إلى طبيعتها غير واضحة وغير أكيدة في ظل مواصلة فيروس كوفيد-19 بالانتشار. وفي هذا الصدد، يقدم الباحثون استراتيجية جديدة يمكن أن تساهم في السيطرة على انتشار الفيروس وعودة الحياة لطبيعتها، حيث تركز هذه الاستراتيجية على تحديد مستويات المناعة لدى الأفراد وتوثيقها فيما يُعرف بـ "جواز سفر المناعة".

يعتبر جواز سفر المناعة الرقمي وثيقة رقمية توضح وبشكل مفصل نتائج الفحوصات التي قام بها الفرد والتي تثبت خلوه من الفيروس وبالتالي فهو لا يشكل خطراً على باقي أفراد المجتمع. ويشمل جواز سفر المناعة الأشخاص الذين أظهروا نتائج سلبية للمرض والأشخاص الذين تلقوا اللقاح والذين تشكلت لديهم مناعة ضد الفيروس، ومن المحتمل أن تأتي هذه الجوازات على هيئة تطبيقات إلكترونية وفقاً لما ذكره فريق الباحثين في جامعة خليفة.

وفي إطار ذلك، قام فريق بحثي من قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة خليفة ضم كلاًّ من الدكتورة هيا حسن، مشاركة بحثية والأستاذ الدكتور خالد صلاح والدكتور إبرار يعقوب، باحث دكتوراه إلى جانب الأستاذ الدكتور محمد عمر والأستاذ المشارك الدكتور رجا جايارامان من قسم هندسة النظم الصناعية، بالتعاون مع الدكتور جنيد أرشد، الأستاذ المشارك في جامعة بيرمنغهام سيتي والدكتور سامر اللحام من معهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى كليفلاند كلينيك في أبوظبي، على تطوير  ابتكار يعتمد على تقنية البلوك تشين لاستخدامه في وثائق المناعة وجوازات السفر الطبية الرقمية الخاصة بكوفيد-19. وقد تم نشر نتائج هذا البحث في المجلة العلمية المرموقة "آي إي إي إي آكسيس".

من جانبه، قال الدكتور خالد: "تأثرت حياة الأفراد في مختلف أنحاء العالم بشكل كبير بسبب فيروس كوفيد-19، نظراً لسرعة انتشاره وانتقال العدوى التي أودت بحياة الكثيرين، كما أن أعراضه، والتي تشبه الأعراض الناجمة عن فيروس الإنفلونزا، قد تختلف في شدتها من شخص لآخر، حيث يصنف بعض الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الفيروس بأنهم الحاملين الصامتين للفيروس ويتم التأكد من احتضانهم للفيروس من خلال فحص فيروس كوفيد-19 الدقيق والفعال".

ويمكن لوثيقة المناعة أن تثبت جدواها في الأماكن التي تشكل خطراً كبيراً لانتقال الفيروس كتجمعات الأشخاص في الأنشطة الرياضية أو خلال السفر. وبما أن الفيروس عاد بعواقب سلبية عديدة على قطاع صناعة الطيران، يمكن لجوازات سفر المناعة في هذا المجال أن تشكل حبل إنقاذ لتلك الصناعة.

وتم تصميم جواز سفر المناعة لضمان صحة وفعالية فحوصات الأفراد ضد فيروس كوفيد-19 وأن نتائج فحوصاتهم دقيقة وتتعلق بهم، مع الحفاظ على السرية التامة وعدم مشاركة أي معلومات شخصية مع الآخرين.

وأضاف الدكتور خالد: "تم تطوير استراتيجية الحكومة في الاستجابة للفيروس وتطبيقها بناءً على بيانات المصابين التي تم جمعها من مناطق مختلفة، وتعتمد هذه البيانات على التشخيص السريري في المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة، لكن قد يُحدث وجود الوسطاء المتعددين في هذه العملية تأخيراً في زمن إصدار  نتائج الفحوصات والذي يحد من قدرة المستشفيات ومراكز الفحص من الإفصاح عن عدد الإصابات في الوقت المناسب، وبالتالي حدوث بعض التناقضات في النتائج التي قد تؤثر بدورها على استراتيجية الاستجابة بشكل عام وأثرها في التصدي للمرض".

وفي السياق، قام فريق جامعة خليفة البحثي بمواجهة التحدي الذي يكمن في توفير نتائج الإصابات بكوفيد-19 بشكل دقيق وفي الوقت المناسب باستخدام تكنولوجيا البلوك تشين بهدف تعزيز استراتيجيات الاستجابة للفيروس. ويعتمد النظام الذي ابتكره الباحثون على تقنية الإيثيريوم التي تقوم على العقود الذكية الممكن برمجتها ضمن إطار تكنولوجيا البلوك تشين، وذلك بهدف تطوير جواز سفر طبي رقمي.

وتوفر تكنولوجيا البلوك تشين سجل بيانات ثابت لا يمكن تغييره أو التلاعب به، إضافة لبعض العمليات التي تستخدم كقاعدة بيانات مشتركة. ويمكن الاستفادة من البلوك تشين للتأكيد على مناعة الشخص ضد فيروس كوفيد-19 بطريقة لا مركزية ودقيقة وآمنة ولا يمكن التلاعب بسجلاتها والعمليات التي تقوم بها.

وقال الدكتور خالد: "تعتبر جوازات السفر الصحية الرقمية نظام تعريف في غاية الأهمية لمساهمته في الحد من انتشار الأمراض المعدية. وتقوم العقود الذكية بحفظ السجلات التي تحتوي على بيانات المريض المتعلقة بالمناعة واللقاح، إضافة لتاريخ المريض الطبي ورحلات السفر التي قام بها والتي تم الحصول عليها بموافقة من وزارة الصحة ووزارة الخارجية. لذلك، تُحفظ معلومات المريض الشخصية والتعريفية في سرية تامة ولا يمكن الإفصاح عنها إلا بتفويض من المريض نفسه".

ويعد العائق الأكبر أمام جوازات سفر المناعة عالمياً هو المعرفة العلمية حول كوفيد-19، حيث أنه لم تثبت حتى الآن دقة فحوصات الأجسام المضادة والكشف عنها ومدة بقائها في جسم الإنسان. ففي حين يواصل الأطباء محاولات فهم طبيعة الاستجابة المناعية للفيروس، يقوم الباحثون في الوقت الحالي بإنشاء المنصات والحلول التي من شأنها تقديم جوازات السفر المناعية رقمياً.

قال الدكتور خالد: "قمنا بتصور شهادة مناعية لأهدافنا الخاصة للتأكد من أنه تم تطوير أجسام مضادة ضد فيروس كوفيد-19، مما يعني عدم نقل العدوى للآخرين، سواء بتلقي اللقاح أو بسبب إصابة سابقة، وهو الجانب الذي أصبح تحدياً بالنسبة لنا. ويتم حفظ الشهادات المناعية والإطار الزمني للمناعة ضمن العقود الذكية الخاصة بالمرضى من قبل مراكز الفحص أو المستشفيات".

ويمكن لهذه العقود الذكية، في هذا التصميم، إصدار إشعارات للمرضى والأشخاص الفاحصين لتزويدهم بأحدث المستجدات الطبية المتعلقة بالحجر والمعلومات المتعلقة بالفحوص الطبية. وتلعب الهيئات الصحية دوراً هاماً كشريك بارز في هذا الابتكار، نظراً لكونها تمثل مصدراً قانونياً للفحوصات والنتائج الحقيقية، فضلاً عن تزويد البلوك تشين بالمعلومات الدقيقة.

يذكر أن نظام الإيثيريوم يضمن خصوصية جميع الأفراد من خلال ربط المعلومات الحيوية الخاصة بكل شخص بشكل منفرد ضمن سلسلة البلوك تشين، حيث يحظى كل مستخدم بصلاحية الوصول إلى المعلومات الهامة التي تتعلق به، بما في ذلك بياناته التعريفية وبيانات أخرى. وتتميز سلسلة البلوك تشين بالمصداقية والدقة والخصوصية، وتتيح للمستخدمين مشاركة المعلومات الضرورية عند استدعاء الحاجة، إضافة لتوفير الأمن والشفافية في حال تم استخدام هذه التقنية دولياً.