باحثون من جامعة خليفة يفسرون ظاهرة الأمطار غير المتوقعة خلال فصل الصيف في المناطق الصحراوية

يتسم المناخ في دولة الإمارات بارتفاع درجات الحرارة والجفاف، حيث تهطل الأمطار بشكل غير منتظم وقد تمضي فترات طويلة دون أية أمطار والذي يساهم في زيادة نسبة الجفاف في المنطقة، لكن في الوقت نفسه تحظى الدولة بأنظمة مناخية فريدة من نوعها تساهم في توفير الرطوبة التي تعيد إحياء المناطق التي تفتقر لمياه الأمطار والتخفيف من شدة الحرارة، وتُعرف تلك الأنظمة بأنظمة الميزو للنقل الحراري والتي يتم تطويرها في الدولة خلال فصل الصيف بهدف نمذجة عملية سقوط الأمطار.

وفي السياق، قامت الدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة بحثية أولى ورئيسة مختبر العلوم الجيوفيزيائية والبيئية في جامعة خليفة، بدراسة للعمليات المسؤولة عن تطوير أنظمة الميزوسكيل الحرارية والمتعلقة بهطول الأمطار في دولة الإمارات، وذلك على الصعيدين المحلي والإقليمي.

وشارك الدكتورة ديانا في بحثها فريق مكون من مجموعة من الباحثين من مختبر العلوم الجيوفيزيائية والبيئية في جامعة خليفة وهم، الدكتور ريكاردو فونسيكا والدكتور ناريندرا نيللي والدكتور راشد عبيدة والدكتور مايكل ويستون، إضافة للدكتور يوسف وهبي من المركز الوطني للأرصاد الجوية والدكتور مروان تميمي من معهد ستيفنز للتكنولوجيا، حيث تم نشر نتائج بحثهم في مجلة "ذي رويال ميتيورولوجيكال سوسايتي".

من جانبها، قالت الدكتورة ديانا: "تحتاج عملية تطوير نظام الميزوسكيل الحراري في البيئات الجافة كدولة الإمارات إلى مجموعة من العوامل على المستويين المحلي والإقليمي، والذي يشمل التقاء الرياح الشمالية والجنوبية عند مستوى منخفض من الغلاف الجوي ووجود منطقة منخفضة وانخفاض كبيرة بدرجة الحرارة بين المنطقة المعنية بالدراسة والبحار المحيطة بها".

ويعرف نظام الميزوسكيل للنقل الحراري على أنه مجموعة الرياح التي تتحرك في نظام واحد، والتي يتم تحريكها من قبل الرياح القادمة من طبقات الغلاف الجوي العلوية وتسبب درجة حرارة الطقس خلال النهار ارتفاعاً في درجة حرارتها، إضافة لاحتوائها على كميات وفيرة من الرطوبة، ما يعزز مستوى كثافتها ويؤهلها لإنتاج الأمطار في ساعات المساء المتأخرة. وتتكون تلك الرياح في المناطق المدارية من العالم، خاصة في فصل الصيف. وخلال مرحلة ضعف  الرياح وتلاشيها، تترك وراءها دوامة ميزوسكيل الحرارية، وهي نظام يقوم بسحب الرياح في حركة دائرية معاكسة لاتجاه عقارب الساعة وبذلك تصبح عاملاً محفزاً للمزيد من الرياح.

وأضافت الدكتورة ديانا: "يعتبر فهم عمليات تطور أنظمة الميزوسكيل الحرارية وقدرة النماذج الرقمية على تمثيلها أمراً في غاية الأهمية، لا سيما في مجال التخطيط لأنشطة بذر السحب، كما تساهم أمطار الصيف الناتجة عن أنظمة الميزوسكيل الحرارية في تعزيز المياه الجوفية والتي تعتبر مصدراً هاماً للمياه في مجال الزراعة في الدولة".

وتم في سبتمبر 2017 التقاء مجموعة من الرياح ذات درجة حرارة مرتفعة وغنية بالهواء الرطب على جبال الحجر مسببة تطور نظام الميزوسكيل الحراري الذي نجم عنه سقوط الأمطار في حتا ومسافي ومنطقة مطار الفجيرة.

وفي إطار الكشف عن عملية النقل الحراري في دولة الإمارات، اعتمدت الدكتورة ديانا على طريقة النمذجة الرقمية لبحوث التنبؤ بالطقس، والتي تم اختبارها من خلال استخدام البيانات التي جُمعت في سبتمبر 2017 والتي أظهرت نتائج تبين أن النموذج استطاع التنبؤ، وفي جميع تجارب المحاكاة، بتكون سحب بشكل واسع النطاق فوق جبال الحجر إلا أنه لم يتمكن من إعادة إظهار النتائج المتعلقة بنظام الميزوسكيل الحراري، مما استدعى الحاجة لإعادة عرض خصائص التربة للقيام بتجارب محاكاة أكثر دقة.

وقالت الدكتورة ديانا: "تمتاز المناطق ذات التربة الجافة بارتفاع درجة الحرارة فيها خلال النهار، ما يسبب نشاطاً في دورة هواء البحر ينجم عنه سقوط للأمطار في معظم أنحاء الدولة".

وتوصل الفريق البحثي كذلك إلى نتيجة تبين قدرة نموذج بحوث التنبؤ بالطقس على ملاحظة غطاء السحب والتنبؤ بوجوده، وأكدت أن نقص السحب يساهم في انخفاض درجة حرارة الجو خلال الليل عما هي عليه خلال النهار، ويُعزى ذلك إلى عملية التبريد الإشعاعي.

يذكر أن الاستنتاجات التي خَلُص إليها فريق جامعة خليفة البحثي تساهم في تفسير الميكانيكيات المسؤولة عن حدوث الظواهر الحرارية بشكل أفضل، كما تساهم في فهم دور أنظمة الميزوسكيل الحرارية في المناطق شديدة الجفاف.