أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، اليوم، عن قيام باحثِين من مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية وقسم علوم كوكب الأرض في الجامعة باكتشاف وجود بقايا لهياكل طويلة مدفونة كبقايا قد تشبه جدارًا أو مبنى قديم لسكان المنطقة القدماء في موقع ساروق الحديد الأثري في دبي، كما اكتشفوا علامات أخرى لوجود أماكن تاريخية في مواقع بالعين. وتمكن الباحثون من التوصل إلى هذه الاكتشافات من خلال رادار متطور يخترق الأرض وأظهروا إمكانية الاستفادة من طريقتهم في اكتشاف المواقع الأثرية المحتملة المدفونة تحت الرمال من الفضاء.
وقامت هذه المنهجية، خلال المرحلة الأولى من المشروع الذي أشرفت عليه الدكتورة ديانا فرانسيس، رئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية وأستاذة مساعدة بقسم علوم كوكب الأرض بالجامعة، على تطبيق خوارزميات التعلم الآلي على الصور عالية الدقة المُلتَقَطة بواسطة الأقمار الصناعية وتطبيق التقنيات المتطورة في معالجة الصور لاكتشاف ورسم خرائط للمعالم الأثرية المدفونة بالموقع. ولا تزال هناك حاجة إلى إجراء حفر أثري للتأكد من الاكتشافات في موقع ساروق الحديد، وقد تم البدء بالتعاون مع دبي للثقافة لمباشرة عمليات البحث اليدوي في الموقع من جانب علماء الآثار.
وطبق الباحثون منهجيتهم المبتكرة في اكتشاف المواقع ذات الأهمية الأثرية في العين بالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وساهمت هذه الجهود المتواصلة في اكتشاف قنوات مائية قديمة عديدة كقنوات الري المتكاملة المعروفة باسم الأفلاج وأنظمة الري المرتبطة بها والمقابر المدفونة لسكان المنطقة المعروفة باسم "ثقافة أم النار" خلال العصر البرونزي ومباني أثرية أخرى. ويخطط الباحثون حاليًا لتطبيق هذه الطريقة في مناطق أخرى في دولة الإمارات، منها أم القيوين.
قال سعادة البروفيسور إبراهيم الحجري، رئيس جامعة خليفة: "يعكس التحقق من نتائج المواقع الأثرية، في كلٍ من أبوظبي ودبي، مدى اهتمام جامعة خليفة بالمشروعات البحثية التي تعالج قضايا محلية وعالمية والتي تؤثر بشكل إيجابي على المجتمع. يؤكد باحثونا من خلال تطوير منهج فعال لدعم استكشاف المناطق الأثرية للحصول على معلومات حول الحضارات القديمة، حرصهم على توفير الحلول الملائمة عبر الابتكار العلمي. وبذلك، ستساهم إنجازاتنا بشكل كبير في خدمة العديد من الجهات محليًا وعالميًا، وبصفة خاصة الجهات المعنية بالآثار".
وبدورها، سلطت منى فيصل القرق، المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والتراث في دبي للثقافة، الضوء على القيمة الأثرية الغنية للموقع ودوره في تأكيد الأهمية التاريخية التي تتمتع بها دبي والمنطقة. وقالت: "يُعَد ساروق الحديد واحدًا من أهم وأكبر المواقع الأثرية في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية ويعود تاريخه إلى العصر الحديدي. وساهم اكتشاف مجموعة من النتائج الهامة، خلال أعمال الحفر السابقة، إلى تعزيز ما يحظى به الموقع من مكانة وأهمية علمية". وأشادت منى فيصل القرق بالجهود التي بذلها الفريق التابع لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا خلال فترة الدراسة، والتي نتج عنها تأكيد وجود هياكل مدفونة في ساروق الحديد، الأمر الذي يمثل قفزة نوعية في عمليات الحفر التي شهدها الموقع. وأضافت: "ستمهد نتائج الدراسة الطريق للمزيد من الاكتشافات الأثرية في نطاق الموقع،ما من شأنه أن يُثرِي البحوث العلمية المتعلقة بقطاع الآثار في دبي ودولة الإمارات بشكل عام ويعزز المعرفة بشأن الأنشطة الاقتصادية وأنماط الحياة السائدة بين الحضارات التي استوطنت المنطقة أثناء العصر الحديدي".
وقالت الدكتورة ديانا فرانسيس: "تواصل جامعة خليفة من خلال الدمج بين التقنية والبحث والتعاون ريادة النهج الذي يركز على تعزيز الابتكار والمعرفة في مجال العلوم البيئية والجيوفيزيائية. ويُجسد الدور الذي يقوم به مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة مثالًا على التزام الجامعة بدفع حركة المعرفة العلمية والنهوض بها. وساهم هذا البحث الرائد في وضع معيار لتطوير إمكانيات الاستشعار عن بُعد في مجال الآثار على المستويين المحلي والإقليمي ودعم أتمتة العملية بشكل يتيح لنا تحسين مستويات الدقة والتقليل من الأخطاء المحتملة إلى أدنى حدٍ ممكن قبل التوسع في تطبيق المنهجية في مناطق أخرى أكبر في المساحة".
ويتمثل أحد أهداف هذه المنهجية، التي تعتمد على الصور المتطورة المُلتَقَطة بواسطة الأقمار الصناعية والتعلم الآلي وأجهزة الاستشعار الرادارية، في القدرة على تحديد مناطق معينة ضمن منطقة كبيرة بشكل يتيح لعلماء الآثار البدء في بحثهم، الأمر الذي يساهم في توفير وقت طويل وموارد كبيرة عن طريق إجراء بحوث موجهة وفقًا لتنبؤات الأقمار الصناعية والتعلم الآلي. إضافة لذلك، يترتب على هذه المنهجية الرائدة التي قام بها مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية العديد من الآثار بعيدة المدى، خاصة فيما يتعلق بالتصدي لتحديات الاستشعار عن بُعد في البيئات الصحراوية مثل دولة الإمارات التي يمكن فيها التقليل من جودة الصور التقليدية المُلتَقَطة بواسطة الأقمار الصناعية بحجة أن المواقع الأثرية دُفِنَت تحت الرمال بمرور الزمن.
يذكر أن مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية حدد هدفين رئيسين لتطبيق هذه الطريقة الجديدة وتنقيحها في البيئات الصحراوية المماثلة هما تحسين فعالية الخوارزميات وتوفير أدلة إضافية تؤكد فعاليتها. ويسعى أعضاء الفريق البحثي أيضًا إلى تطبيق منهجهم لمعرفة المواقع ومقارنة البيانات الجيوفيزيائية مع النتائج التي يتوصل إليها علماء الآثار المتخصصون لزيادة تحسين قدرات التعلم لدى نموذج الأنظمة الذكية.
ترجمة: سيد صالح
أخصائي ترجمة وتعريب