قام فريق من الباحثين، شمل الأستاذ أكرم الفنطزي من جامعة خليفة والدكتور كاروباسامي كاروباسامي، بدراسة إمكانية استخدام الكربونات المعالَجة بالفلور كابتكار متقدم يساهم في إحداث نقلة نوعية في تكنولوجيا خلايا الوقود، حيث نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "كوأوردِنيشن كِمِستري ريفيوز"، المعنية بتنسيق المواد في المركبات الكيميائية، وتعاون فريق جامعة خليفة مع باحثين من جامعة كيميونغ في كوريا الجنوبية، والمعهد المركزي للبحوث الكهروكيميائية في الهند، وأكاديمية العلوم وجامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا في الصين، لاستعراض قدرات الكربونات المعالّجة بالفلور في تعزيز استقرار خلايا الوقود وقدرتها على التحمل.
وفي ظل الاتجاه العالمي نحو تكنولوجيات طاقة أنظف وأكثر كفاءة، برزت خلايا الوقود الهيدروجينية كبديل محتمل لمحركات الاحتراق الداخلي التقليدية، ولكن ساهم كلٌّ من ارتفاع التكاليف ومحدودية توفر البلاتين، الذي يُعتبر المحفز الأساسي في التفاعل الكيميائي، في عرقلة الاعتماد على خلايا الوقود.
تُنتج خلايا الوقود الكهرباء من خلال التفاعلات الكهروكيميائية، حيث يعتبر التفاعل الكيميائي عند قطب الدائرة الكهربائية الذي يحدث فيه الاختزال، خطوة أساسية. ويعتبر من الأفضل استخدام البلاتين المدعوم بالكربون بسبب نشاطه العالي، إلا أن التكلفة العالية للبلاتين وقابليته للتأثر بشوائب الوقود تحد من صلاحيته التجارية.
قد تمثل الكربونات المعالَجة بالفلور تقدمًا كبيرًا، حيث يتم تعديل الخصائص الإلكترونية للكربون من خلال إدخال الفلور، وهو العنصر الذي يمتلك أعلى قيمة للسالبية الكهربائية في الجدول الدوري. وتساهم عملية المعالجة هذه بتغيير بنية النطاق الإلكتروني للكربون، ما يعزز تفاعله مع جزيئات الأكسجين ويحسن من نشاط التفاعل الكيميائي.
يعزز الفلور أيضًا من القدرة على التحمل، وهو أمر بالغ الأهمية خاصةً في الظروف القاسية داخل خلايا الوقود التي يُعتبر فيها الاستقرار ضد التآكل والقدرات المؤكسدة أمرًا أساسيًا، كما تتميز الكربونات المعالَجة بالفلور بمقاومة استثنائية للتآكل الكربوني، حتى في البيئات شديدة الحموضة والقلوية. وتُعزى هذه المرونة إلى تكوين روابط عالية الاستقطاب من الكربون والفلور، والتي لا تكتفي بتعزيز مصفوفة الكربون، بل تمنع أيضًا التدهور أثناء دورات البدء والإيقاف لخلايا الوقود، والتي تمثّل في العادة مهمة صعبة على المحفّزات التقليدية.
وتؤدي زيادة مقاومة المادة للتآكل الحصول على محفزات أكثر كفاءة وذات عمر أطول. إضافة لذلك، يمكن أن تعمل الكربونات المعالَجة بالفلور بشكل تآزري مع الذرات الأخرى مثل النيتروجين والكبريت والبورون والفوسفور، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إنشاء مواقع أكثر نشاطًا للتحفيز وإنشاء المزيد من العيوب المفيدة في شبكة الكربون، ما يعزز نشاط التفاعل الكيميائي. فعلى سبيل المثال، أظهرت المعالجة المشتركة للنيتروجين والفلور نتائج استثنائية، حيث ساهمت في التقليل من حواجز الطاقة في التفاعل الكيميائي وتعزيز الكفاءة العامة لخلية الوقود.
قال الأستاذ الدكتور أكرم: "تتفوّق تطبيقات الكربون المعالَجة بالفلور على خلايا الوقود، حيث تعتبر خصائصها التحفيزية المعززة مناسبة للعديد من الأجهزة الكهروكيميائية التي تشمل البطاريات والمكثفات الفائقة. وتهدف البحوث الجارية إلى تحسين طرق تركيب هذه المواد مع التركيز على تحقيق التوازن المثالي بين الشوائب والخصائص الهيكلية لتحقيق أفضل أداء وقدرة على التحمل".
تُمهد الكربونات المعالَجة بالفلور الطريق للحصول على خلايا وقود أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة والقدرة على التحمل، من خلال التغلب على قيود المحفزات التقليدية القائمة على البلاتين.
الترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب