شارك الدكتور بيدرو روشيدو من جامعة خليفة ضمن فريق بحثي دولي لدراسة الطرق التي تُمكّن قطاع الشحن الدولي من خفض الانبعاثات بحلول عام 2050 والكشف عن مسارات واعدة وتحديات كبيرة. وقد أثبت الفريق من خلال مشروعه البحثي الذي نُشرت نتائجه في مجلة "نيتشر كلايمَت تشينج"، أحد أفضل المجلات العلمية المعنيّة بمجال تغير المناخ، أن استراتيجيات التخفيف من آثار تغير المناخ قادرة على خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 86%، وهو ما يمثّل الهدف الذي يمكن أن يتحقق في المقام الأول من خلال استخدام الوقود منخفض الكربون.
يُعتبر الشحن الدولي المساهم الأكبر في الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون لكن غالبًا ما يتم التغاضي عنه، حيث ينتج عنه حوالي 1.0 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي حوالي 2.8% من الانبعاثات العالمية، ما يجعل قطاع الشحن يواجه ضغوطًا متزايدة للحد من الانبعاثات الكربونية واتّباع تقنيات أكثر استدامة.
يحظى قطاع الشحن الدولي بدورٍ هامٍ في التجارة الدولية، إلا أن اعتماده على الوقود الأحفوري له تداعيات بيئية كبيرة. ووضعت المنظمة البحرية الدولية أهدافًا طموحة في عام 2018 للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة عن الشحن بنسبة لا تقل عن 50% بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2008، حيث تتوافق نتائج الفريق البحثي مع هذه الأهداف، التي تم تعديلها والمتمثلة في انعدام انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2050، إلا أن تحقيقها لا يزال يتطلب جهودًا أكبر.
استخدم الفريق البحثي نماذج تقييم متكاملة تحاكي سيناريوهات مختلفة لتقييم تأثير الاستراتيجيات المختلفة لإزالة الكربون على قطاع الشحن الدولي، حيث أظهر أحد تلك السيناريوهات الثلاثة ثبات نسبة الانبعاثات وحتى ارتفاعها نتيجة لزيادة نشاط قطاع الشحن والمكاسب المحدودة للكفاءة، في حين أظهرت السيناريوهات الأخرى انخفاضًا كبيرًا في نسبة الانبعاثات نظرًا لاعتماد الوقود منخفض الكربون والتطورات التكنولوجية.
تسلّط الدراسة الضوء على العديد من أنواع الوقود منخفضة الكربون التي يمكن أن تحل محل الوقود البحري التقليدي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري، وتشمل تلك الوقود الحيوي والكحول المتجدد والأمونيا الخضراء، كما تُعد هذه البدائل ضرورية لتحقيق الهدف المتمثل في إزالة الكربون بشكل جذري، ولكن يتطلب اعتمادها على نطاق واسع القيام باستثمارات ضخمة في المحركات الجديدة للسفن والبنية التحتية العالمية لتزويد السفن بالوقود.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور بيدرو: "لا يخلو الانتقال إلى استخدام الوقود منخفض الكربون من التحديات، حيث يشير العمر التشغيلي الطويل للسفن وانخفاض متوسط عمرها الحالي إلى قصور تكنولوجي كبير، كما يصعب اعتماد أنواع جديدة من الوقود دون إجراء تعديلات واسعة النطاق، وذلك بسبب اعتماد السفن الحالية على محركات الاشتعال بضغط البنزين. إضافة لذلك، تُعتبر عملية تطوير شبكة عالمية لتوزيع الوقود منخفض الكربون، معقدة ومكلّفة".
تبشّر نتائج الدراسة بمستقبل تنخفض فيه انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع الشحن الدولي بشكل كبير، ولكن سيتطلب تحقيق الأهداف المنقحة المتمثّلة في انعدام الانبعاثات، تطوير تكنولوجيات الوقود ودمج استراتيجيات احتجاز الكربون والتخلص منه، وسيضطلع كلٌّ من الاستثمار المبكّر في الوقود منخفض الكربون وتكنولوجيات السيارات الجديدة والبنية التحتية، بدور بالغ الأهمية.
تُعتبر إزالة الكربون من قطاع الشحن الدولي جزءًا لا يتجزأ من الجهود الأوسع نطاقًا والمبذولة لمكافحة تغير المناخ، كما سيساهم التحسين المتواصل في نماذج التقييم المتكاملة والفهم الأعمق لديناميكات قطاع الشحن في دعم عملية صنع القرارات الفعالة وتوجيه القطاع البحري نحو مستقبل أكثر استدامة.
مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب