شارك الأستاذ الدكتور أحمد الدرة، من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، ضمن فريق من الباحثين، في طرح نهج مُبتَكَر من شأنه إعادة تعريف التعامل مع الطاقة في المدن الذكية. ويأتي طرح هذا النهج انطلاقًا من أن دمج مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية في المدن العصرية يمثل تطورًا ضروريًا في سياق تطور المشهد الحضري. وعلى الرغم من ذلك، يفرض التباين الذي تجلبه هذه التكنولوجيات الخضراء تحديات هائلة فيما يتعلق بالأنظمة التقليدية لإدارة الطاقة.
وقد تعاون الأستاذ الدكتور أحمد الدرة في هذا العمل البحثي مع باحثين من جامعة بوليتيكنيكو دي ميلانو في إيطاليا وجامعة آزاد الإسلامية في إيران وشركة أرمان نيرو هرمزغان في إيران وجامعة آلبورغ في الدنمارك، لتطوير استراتيجية الإدارة الذكية للطاقة في الشبكات الصغيرة المتصلة في المدن الذكية، بهدف مراعاة عوامل عدم الوضوح التي تحيط بمصادر الطاقة المتجددة وتقلبات الطاقة بصفة عامة، حيث يعمل النهج الذي طوره أعضاء الفريق البحثي على تعزيز الاستفادة من مزيج معقد من التكنولوجيات التي تشمل الشبكات العصبية وخوارزميات تعزيز التعلُّم العميق.
وقد نُشِرَت نتائج البحث الذي أجراه الفريق في مجلة سَستاينبل سيتيز آند سوسايتيز، المتخصصة في شؤون المدن المستدامة، والتي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في هذا المجال.
تزداد مع الوقت حاجة المدن الذكية للشبكات الصغيرة المتصلة كحل لتحسين مستوى موثوقية الطاقة وكفاءتها، حيث يمكن أن تعمل هذه الشبكات الصغيرة بصفة مستقلة أو بالتعاون مع شبكة الطاقة الرئيسة، كما أنها ضرورية لتحقيق التكامل الفعال بين مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية. وعلى الرغم من ذلك، تتطلب إدارة هذه المصادر في الزمن الفعلي حلًا قويًا وقابلًا للتكيّف، بحكم الطبيعة المتقلّبة للطاقة الشمسية.
ويستفيد الحل الذي توصل إليه أعضاء الفريق البحثي من قوة التعلُّم الآلي في الإدارة الديناميكية للطاقة والتردد النشطين للشبكات الصغيرة المتصلة، حيث يعد الهيكل الثنائي الذي تتسم به هذه الاستراتيجية أهم جانبٍ منها، خاصة وأنه يجمع بين خاصيتي التدريب على الخوارزميات عندما تكون الشبكة غير متصلة والتشغيل اللامركزي للتطبيق على أرض الواقع، كما يسمح هذا التركيب بإجراء تعديلات بشكل مستمر بناءً على البيانات التشغيلية التي تقوم كل شبكة صغيرة بتجميعها، وهو ما يضمن بدوره اتخاذ قرارات مثالية للتحكم في التردد والطاقة.
يمكن أن يتكيّف النظام في الزمن الفعلي، كما تساهم خاصية التدريب من دون اتصال في ضبط قدرة الخوارزميات على الاستجابة، فيما تسمح خاصية التشغيل اللامركزي للشبكات الصغيرة الفردية باتخاذ قرارات مستقلة بناءً على البيانات المتاحة.
من الجدير بالذكر أن النظام الذي طوره أعضاء الفريق قد أظهر دقة حسابية بنسبة تتجاوز 98%، ليتفوق بشكلٍ كبير على أداء الطرق التقليدية، مع خفض التعقيد الحسابي بنسبة 7.82% ووقت الحساب بنسبة 61.1%، حيث تعني هذه التحسينات قدرة الشبكات الصغيرة المتصلة على العمل بصورة أكثر سلاسة وكفاءة، مع تقليل وقت التوقف عن العمل وزيادة سرعة الاستجابة للتغيرات في الإمداد بالطاقة أو الطلب عليها، وتُعد هذه الاستجابة السريعة مهمة للغاية، خاصة في المناطق الحضرية التي يصعب التنبؤ فيها بمستويات الطلب على الطاقة.
ويمثل هذا النظام للمخططين العمرانيين والمديرين في قطاع الطاقة خطوة نحو ممارسات أكثر استدامة فيما يتعلق باستهلاك الطاقة في البيئات الحضرية التي يتسم تكامل التكنولوجيا المستدامة فيها بالكفاءة والموثوقية، كما تفتح إمكانية التوسع والمزيد من التطوير، آفاقًا جديدة لشبكات حضرية للطاقة أكثر ذكاءً وقدرة على الاستجابة ومدعومة أيضًا بإمكانيات التعلُّم الآلي.
سيد صالح
أخصائي ترجمة وتعريب