مع استمرارية تصغير حجم الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء المعنية بمراقبة الصحة واقترابها أكثر من أجسامنا، يبرز سؤال مهم: كيف يمكننا استخدامها بشكل آمن ومستدام؟
باحثون في جامعة خليفة يطورون تكنولوجيا يمكن ارتداؤها تعمل بالطاقة البشرية

يتزايد الطلب  بشكل ملحوظ على الأجهزة الإلكترونية ذاتية التشغيل مع زيادة الأجهزة القابلة للارتداء والقابلة للزرع، حيث تعتمد الأجهزة الحالية المثبتة على الجلد أو القابلة للزرع في الغالب على طاقة البطارية القابلة لإعادة الشحن وغير القابلة لإعادة الشحن، ولكن هذا يُعتبر خيارًا غير مستدام، فالبطاريات ترتبط بمخاوف بيئية نظرًا لسميتها بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بما يلي مرحلة إعادة التدوير، كما أن القيود المتعلقة بالحجم والحاجة إلى استبدالها بشكل دوري يستدعي الحاجة إلى تطوير بدائل.

لجأ فريق من الباحثين في جامعة خليفة إلى عالم المحاكاة الحيوية والمواد المشتقة حيويًا لتطوير مولد نانوي متوافق حيويًا يتكهرب بالاحتكاك. تعاونت الدكتورة بشارة فاطمة، زميلة ما بعد الدكتوراه، والدكتور شارالامبوس بيتساليديس، دكتور مساعد في الفيزياء، مع باحثين من المعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور، لإنشاء حصّادة للطاقة صديقة للبيئة باستخدام السليولوز البكتيري لإنشاء مولدات للطاقة يمكن استخدامها في الأجهزة القابلة للارتداء المعنية بالرعاية الصحية.

وقد نشروا نتائجهم في مجلة “نانو إينرجي”، التي تُعتبر واحدة من أفضل المجلات العلمية  في مجال الهندسة الكهربائية والإلكترونية.

تستمد المولدات النانوية المتكهربة بالاحتكاك المدمجة في الملابس أو اللصقات القابلة للارتداء، الطاقة الميكانيكية من حركات الجسم، مما يسمح باستمرارية تزويد أجهزة استشعار مراقبة الصحة بالطاقة، والتي تتتبع بدورها معدل ضربات القلب أو التنفس أو المؤشرات الحيوية الأخرى

 

يمكن للمولدات النانوية المتوافقة حيويًا والتي تتكهرب بالاحتكاك، لاسيما التي تتميز بسهولة تصنيعها وانخفاض تكلفتها وكفاءتها العالية، أن تقدم حلًا سحريًا لمعضلة الأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المزروعة التي تعمل بالبطارية. إلّا أنه لا تزال العديد من المولدات من هذا النوع، تستخدم مواد غير صديقة للبيئة يمكن أن تسبب انزعاجًا أو حتى التهابات جلدية.

يمكن للسليلوز البكتيري أن يلعب دور حيوياً في  المولد النانوي والتفاعل المتكهرب بالاحتكاك، حيث تنتج البكتيريا السليلوز البكتيري في ظل الظروف المناسبة، و ويتخذ هو شكلًا يشبه الشبكة ويتميز بقوة ميكانيكية جيدة نفاذية الهواء ومساحة سطحية عالية بالإضافة إلى غيرها من السمات المفيدة الأخرى، كما أنه غير مكلف وصديق للبيئة. تمكّن فريق البحث من الضبط الدقيق للخصائص الكهربائية الاحتكاكية  للسليولوز البكتيري من خلال تعديله كيميائيًا باستخدام الطلاء النانوي، مما يمهد الطريق للحصول على مولدات نانوية متكهربة بالاحتكاك عالية الأداء وصديقة للبيئة.

إن تطوير نسخة فعالة من  المولدات النانوية المتكهربة بالاحتكاك، ما هو إلا الجزء الأول من العملية، فمن أجل اندماج المواد مع جسم الإنسان، يجب أن تجتاز الاختبارات الصارمة للتوافق الحيوي والامتصاص الحيوي. تشير النتائج الأولية إلى أن الأجهزة الكهربائية الاحتكاكية البكتيرية القائمة على السليلوز تلبي هذه المعايير، مما يمهد الطريق أمام إمكانية استخدامها كأجهزة مزروعة.

ويتميز السليلوز البكتيري أيضًا بثباته في البيئات المائية، وهو مطلب حيوي للأجهزة المزروعة ولإظهار تعددية استخداماته، طور فريق البحث جهازًا قادرًا على حصاد الطاقة من حركات القدم المختلفة.

ومن جهته قال الدكتور بيتساليديس: "تجمع هذه التكنولوجيا عددًا من الخصائص الفريدة، كما يمكن تطبيقها في الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء وفي تطبيقات الجسم الحي. نحن نعمل حاليًا على العديد من المواد القائمة على السليولوز والتي تُدمج مع مواد ثنائية الأبعاد مثل الغرافين للحصول على مولدات نانوية متكهربة بالاحتكاك عالية الأداء. نهدف على المدى الطويل إلى تطبيق هذه التكنولوجيا في الأجهزة الإلكترونية الذكية القابلة للارتداء للمراقبة الصحية وكلاصقات للجروح.